«الفن هو الحياة بكل صورها، وهل هناك ما هو أكبر وأعظم من صور الحياة التي تتغير وتتلون ولا تنتهي؟»، هذه هي الفلسفة الخاصة، للفنانة التشكيلية الشابة "جيهان حمداوي"، والتي انطلقت منها إلى عالم الفن والإبداع، فقد عقدت صداقة وثيقة مع الريشة منذ نعومة أظافرها، واتفقا على المضي قدماً في طريق الإبداع والتميز.

موقع eRaqqa وبتاريخ (20/11/2008)، التقى الفنانة "جيهان حمداوي"، لتسليط الضوء على هذه الموهبة الفتية الواعدة.

لا أخفي على أحد أنني مازلت في مرحلة البحث عن الذات، ولا أتصور أن طموحي قد يتوقف عند حد معين، فأنا أكتشف دائماً عوالم جديدة ترضي ذاتي القلقة والجريئة، وباختصار أقول أنني أحاول أن أربط الواقع والعاطفة والخيال، فلا أسجل بدقة الملامح الخارجية فحسب، بل أقدم ما هو أعمق وأسمى

وبسؤالها عن بداية علاقتها بالألوان وبعالم التشكيل، تحدثت قائلة: «في الحقيقة لقد بدأت رحلتي مع الرسم، وأنا في سن الطفولة، حيث نشأت في كنف عائلة، تعشق الفن والرسم، وباستثناء والدي، فإن جميع أفراد العائلة، والذين عددهم ثمانية، هم فنانون، وكلهم يمارسون الرسم والنحت، وأعتقد أن هذا المناخ الفني، يساعد كثيراً على نمو الموهبة وصقلها، لا سيما مع وجود الأخوة الأكبر سناً، والأكثر خبرة في مجال الفن، وقد حاولت أن أصقل موهبتي من خلال المواظبة على الرسم والنحت، وأنا من صغري، إن لم أجد ما أرسم عليه، أبدأ الرسم على التراب، وقد ساعدني أيضاً وجودي في منظمة الشبيبة، على تطوير رؤيتي الفنية، من خلال الاحتكاك مع العديد من أصحاب المواهب الفنية، وقد تعرفت من خلالها على عدد من الفنانين السوريين الكبار، كما أن مشاركتي في النشاطات التي تقيمها هذه المنظمة، أكسبتني ثقة كبيرة بنفسي، من خلال التشجيع الكبير الذي ألقاه في مثل هذه النشاطات، وقد شاركت بالعديد من المعارض التي كانت ترعاها منظمة الشبيبة، وغيرها من الجهات الحكومية، وآخر مشاركاتي كانت في معرض جماعي، أقيم في حديقة "الرشيد"، في مدينة "الرقة"، وهو بعنوان: (تحية إلى عمال النظافة في "الرقة")، ومعرض آخر بعنوان (تحية من الفرات إلى ياسمين "دمشق")، وقد أقيم في مبنى دار "الأسد" للثقافة، وفي كلا المعرضين كان جميع إخوتي يشاركون بعرض أعمالهم».

بمادة الفحم ترسم فتاة شقراء

وعن رغبتها بإقامة معرض فردي لها في الوقت الحالي، أجابت الفنانة "جيهان" بقولها: «في الوقت الحالي، لا أعتقد ذلك أبداً، فما يزال لدي متسع من الوقت، وعندي الكثير من الأمور التي يجب أن أجربها وأتعلمها، فالمعرض الأول بالنسبة لأي فنان، هو عبارة عن نافذة يطل من خلالها الناس على عالم الفنان وأعماله، ليتعرفوا إلى بداية تشكيله لهويته الفنية، وهو لا يُقدِمُ على هذه التجربة، إلا حينما يصل إلى الحد المعقول من الرضا والثقة بالنفس، وأنا وبكل صراحة، لا أعتقد أنني وصلت لهذه المرحلة بعد، ولكن الأمر لن يطول كثيراً، فما هي إلا سنوات قليلة، وسأبدأ بعرض نتاجي الفني للجمهور، الذي يستحق أن يستمتع بمشاهدة لوحة ناضجة».

وعن المرحلة الحالية التي تمرُّ بها كفنانة، مازالت في مقتبل العمر، حدثتنا ضيفتنا بقولها: «لا أخفي على أحد أنني مازلت في مرحلة البحث عن الذات، ولا أتصور أن طموحي قد يتوقف عند حد معين، فأنا أكتشف دائماً عوالم جديدة ترضي ذاتي القلقة والجريئة، وباختصار أقول أنني أحاول أن أربط الواقع والعاطفة والخيال، فلا أسجل بدقة الملامح الخارجية فحسب، بل أقدم ما هو أعمق وأسمى».

لألوان الباستيل حضور في أعمالها

ولدى سؤالها عن سبب وجود المرأة كعنصر أساسي في معظم أعمالها، وتركيزها على رسم الوجوه، أجابت بقولها: «نعم، هي كذلك لأني مؤمنة أن الجمال تمثله المرأة في كل حالاتها: حزنها وغضبها وألمها، وذلك لأن انفعالها أكثر وضوحاً، وهي كأم منطلق للحياة، أما فيما يخصُّ تركيزي على رسم الوجه البشري، فذلك لأنني أرى النفس البشرية ومكوناتها الداخلية وتعابيرها، من خلال الوجه الذي هو خير وسيلة للتعبير والتواصل والتفاعل، وأنا أرى بعض الوجوه تثير في نفسي الرغبة لرصد ما أراه فيها من انفعالات وحركة وجمال، باختصار أستطيع القول إن الوجه مرآة للنفس».

وبسؤالها عن الفنانين الذين تأثرت بأسلوبهم الفني، أو بمنهجهم الفكري، تحدثت الفنانة "جيهان" قائلة: «في الواقع إنني وحتى الآن، لم أتأثر بشكل مباشر، بأي فنان سواء أكان عربياً أو عالمياً، لكنني معجبة كثيراً، بأعمال عمالقة الفن التشكيلي العالميين، أمثال "ليوناردو دافنشي" و"ميكيل أنجلو" والفنان الإيراني "إيمان المالكي"، ومحلياً تعجبني أعمال الفنان السوري "نعيم شلش" والفنان الفلسطيني الشهيد "ناجي العلي"، الذي يسحرني بأعماله، وأتمنى أن تسنح لي الظروف يوماً ما، كي أقدم معرضاً يحمل عنوان: (تحية إلى ناجي العلي)، ومن ناحية أخرى، لدي اعتقاد أننا لو تأملنا ما بداخلنا من عوالم، وما حولنا من إبداعات الخالق، وجمال ما خلق، فسنجد الكثير من التفاصيل الملهمة والمؤثرة فنياً، حتى في الحجارة أرى صوراً متعددة، في الغيوم أرى لوحات أسطوريه هائلة، والأرض التي تجسد لنا الكثير، والشجر وألوان الكون والكائنات، كما أنني أدخل من خلال خيالي، وأغمض عيني كي أرى الكثير من الصور، ومن خلال تراثنا العريق وما قدمت لنا الأعمال التشكيلية معونة معرفية، لعمق حضارتنا وتراثنا الثري بالإبداعات العميقة في تجسيد الرؤى المختلفة، ومن خلال قراءاتي للأساطير الشرقية، التي زودت مخيلتي وروحي وفكري بالثراء المتنوع، والرؤية العميقة للأشياء».

من أعمالها النحتية

وأخيراً، أرادت ضيفتنا أن تتوجه بالشكر، إلى من كان له الفضل الأول في حياتها، ولم يبخل يوماً بالعطاء والتشجيع، حيث تقول: «إن والدتي أطال الله بعمرها، هي صاحبة الفضل الأول، فلولاها لم أستطع أن أخطو هذه الخطوات، في رحلة الفن الطويلة، فبالرغم من أنها ليست متعلمة، إلا أنها تحمل ذهناً متنوراً، تتفوق به على الكثير من المتعلمين، الذين ما زالوا ينظرون للفن وللفنانين، نظرة فيها الكثير من الاستهجان والازدراء، ولم يؤمنوا يوماً، أن للفن والمبدعين دور حضاري هام، في بناء الأوطان، فلها مني جزيل الشكر، وأطال الله بعمرها وأبقاها».

ومن الجدير ذكره أن الفنانة "جيهان حمداوي"، من مواليد "الرقة" عام /1992/، وهي الآن في الصف الثاني الثانوي، درست الفن دراسة خاصة، وضمن إطار المنزل والعائلة، تأثرت بتجربة أختها الكبرى، الفنانة التشكيلية "جورين حمداوي"، استعملت العديد من مواد الرسم في إنجاز لوحاتها، كالألوان الزيتية، والفحم والباستيل والرصاص والألوان المائية، لها تجربة فريدة بالنحت، أثارت إعجاب كبار النحاتين في مدينة "الرقة".