شهد الفن التشكيلي في محافظة "الرقة" في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، حركة وتطوراً بطيئين، لكنه مع ذلك استطاع أن يترك آثاره الواضحة رغم أن المغرمين بالفن التشكيلي كانوا يسبحون ضد التيار، وذلك لعدم وجود مدرسين مختصين، ولا مشجعين من الأهل والأقارب، ولا توفر في المواد الأولية .

مدونة وطن eSyria بتاريخ 25/4/2009 التقت الفنان التشكيلي الأستاذ "فواز اليونس" فتحدث عن ذكرياته مع بداية تشكل الحركة الفنية في محافظة "الرقة" فقال: «كان المعرض المدرسي الأول عام /1966/ و/1967/م، أول معرض يقام في مدينة "الرقة"، حيث قدم فنانوها لوحاتهم لأول مرة، ومنهم الفنان "عبد المحسن الجدوع الذويب"، و"سليمان النجم المشرف"، و"محيي الدين الصغير"، بإشراف الأستاذ "برنار محفوظ" أول مدرس فنون في "الرقة"، وبعد سنتين قدم المصريون أول مدرس مختص بالفن التشكيلي، وهو من علمنا الرسم المائي بشكل علمي».

كان المعرض المدرسي الأول عام /1966/ و/1967/م، أول معرض يقام في مدينة "الرقة"، حيث قدم فنانوها لوحاتهم لأول مرة، ومنهم الفنان "عبد المحسن الجدوع الذويب"، و"سليمان النجم المشرف"، و"محيي الدين الصغير"، بإشراف الأستاذ "برنار محفوظ" أول مدرس فنون في "الرقة"، وبعد سنتين قدم المصريون أول مدرس مختص بالفن التشكيلي، وهو من علمنا الرسم المائي بشكل علمي

وتابع: «في الخمسينيات من القرن الماضي لم يكن الأهل يشجعون أبناءهم على تعلم الرسم والتصوير والنحت لأسباب شتى، حيث كانوا يعتبرون ذلك مضيعةً للوقت، وكانوا يحثونهم على الاهتمام بالمواد العلمية والأدبية كالرياضيات والعلوم واللغات، ليتخرَّج ولدهم طبيباً أو مهندساً أو محامياً، ولكن رغم كل هذه المعوقات والمثبطات، ظهرت في مدينة "الرقة" ثُلَّة من الشباب العاشقين للفن التشكيلي أمثال: "إسماعيل الحمود"، و"إبراهيم الموسى"، و"محمود الفياض"، و"حسين الموسى"، الذين ثابروا على ممارسة الرسم والتصوير الزيتي بجهودهم الخاصة، واستمروا في دراساتهم النظرية حتى أصبح الثلاثة الأوائل محامين، والرابع مخرجاً سينمائياً، ثم تلتهم مجموعة أخرى من الشباب المحب للفن التشكيلي أمثال: "عبد المحسن جدوع" و"سليمان النجم" و"علي المصطفى الحسن" و"إسماعيل الجاسم الحمود" و"أنا"، وقد كانت لكل منهم تجاربه البسيطة والواعدة، لو أنهم استمروا في نهج الفن التشكيلي.

الفنان "فواز اليونس"

وفي منتصف الستينيات من القرن العشرين، بدأ المدرسون المختصون في الفن التشكيلي يتوافدون إلى مدينة "الرقة" في إعدادياتها وثانوياتها، وبدأت تظهر بواكير المعارض الفنية التشكيلية في صالة نقابة المعلمين، وصالة المركز الثقافي العربي في "الرقة" وصالات المدارس، وبدأت نواة حركة فنية تشكيلية وليدة تبشر بالظهور في هذه المدينة، حتى منتصف السبعينيات، حيث تشكل ما سمي تجمع فناني "الرقة" الذي تألف من مجموعة من الفنانين الهواة والدارسين من مختلف الأعمار ويجمعهم حب الفن التشكيلي.

وكان منهم "عنايت عطار"، و"محمد صفوت"، و"طلال معلا"، و"أحمد معلا"، و"عبد الحميد الفياض"، و"علاء الأحمد"، و"فهد الحسن"، و"ياسين الجدوع"، و"أيمن ناصر"، وكان معرضهم التشكيلي الأول في صالة المركز الثقافي العربي في "الرقة" عام /1977/م، وتجول بعد ذلك في مختلف محافظات القطر، ونال إعجاب الكثيرين من جماهير المشاهدين والنقاد التشكيليين في تلك المحافظات.

مجموعة من فناني الرقة

وفي عام /1977/م، تم إحداث مركز الفنون التشكيلية في "الرقة" من قبل وزارة الثقافة، والذي بدأ يستقطب الهواة والموهوبين من مختلف الأعمار، ويقدم لهم مجاناً المقر والمدرسين المختصين والمواد الأولية اللازمة للأعمال الفنية، واستطاع هذا المركز أن يخرِّج عدداً لا بأس به من الفنانين التشكيليين الذين رفدوا الحركة الفنية التشكيلية في المحافظة، وبذا اشتد عودها وتصلب، وانضم قسم منهم إلى تجمع فناني "الرقة" وساهموا في معارضه الفنية السنوية، إضافة لنشاطاتهم ومعارضهم الفردية، وقد حقق قسم منهم حضوراً لافتاً للنظر، في مسار الحركة الفنية التشكيلية أمثال: "جمعة سعيد الحمو" و"حسن المصطفى الحسن" و"موسى الحمادة" و"محمد الرفيع" و"محمود غزال" و"موسى الحمد" و"محمد جاسم العكلة"، الذين عرضوا أعمالهم في صالات "دمشق" و"حلب" ونالت إعجاب الكثيرين».

وبسؤال "اليونس" عن واقع الفن التشكيلي بين الأمس واليوم، أجاب: «أستطيع القول إن الفترة الممتدة ما بين عام /1977/م، وعام /1990/م، كانت تشكل العصر الذهبي بالنسبة للحركة التشكيلية في محافظة "الرقة"، لما تميزت به من نشاط وغنىً في المعارض والعارضين، وتواصل مع الحركات الفنية التشكيلية في محافظات القطر، ولكننا بدأنا نلاحظ تراجعاً كبيراً في مسار الحركة التشكيلية في هذه المحافظة عما كانت عليه سابقاً وذلك منذ بداية التسعينيات، ولعلَّ مردُّ ذلك يعود لانفراط عقد تجمع فناني "الرقة" وتبعثرهم في الأقطار العربية والأجنبية، فلا عجب إن تراجعت الحركة الفنية التشكيلية في هذه المحافظة عما كانت عليه في عصرها الذهبي».

الفنان "أحمد الرفيع"

الفنان التشكيلي "محمد الرفيِّع"، تحدث عن الأستاذ الرعيل الأول فقال: «مع بداية الستينيات من القرن العشرين، عندما كانت "الرقة" في بداية تشكلها، وحينما لم يكن للرسم أو التصوير من يهتم به أو حتى يعترف به، وعلى الرغم من هذه الصعوبات ظهرت في مدينة "الرقة" ثلة من الشباب الواعي المبدع أمثال التشكيلي "فواز اليونس" الذي نذر نفسه للعطاء الفني ولتدريس مادة التربية الفنية في ثانويات "الرقة"، حيث استطاع بجهده وصبره وإصراره أن يثبت أن هذا العلم لا يقل شأناً عن باقي العلوم بل أهمها، فساهم في إقامة المعارض الجماعية والفردية الأولى، من خلال أعماله التي رصدت البيئة الفراتية عموماً والرقية خصوصاً».

(*) تم تحرير المادة بتاريخ 25/4/2009