عائلة أسماك "الفرات" عائلة كبيرة، ومن هذه الأسماك ما هو صريح النسب لنهر "الفرات"، ومنها ما هو وافد من أماكن أخرى، ولا ينتمي تاريخياً لهذه المنطقة، ولعلَّ أكثر هذه الأسماك الوافدة شهرةً، هو سمك "الكارب"، وسمك "المشط البحري"، لكن هناك أنواع أقل شهرةً يُجمع الصيادون أنها لم تكن موجودة في نهر "الفرات" سابقاً، ومنها سمك "أبو شنب".

ترى ما حكاية هذا الكائن المائي الصغير، صاحب أكبر عدد من التسميات؟

هناك نوعان من الصيادين، النوع الأول، هم من يصطادون الأسماك بواسطة الشباك، وهؤلاء يعتبرون صيادين محترفين، أي يكسبون قوت يومهم من هذه المهنة، والنوع الثاني هم من يصطاد بواسطة القصبة أو الخيط، وهؤلاء من فئة الهواة والباحثين عن المتعة. فبالنسبة للنوع الأول من الصيادين، فهم يتضايقون من "أبو شنب" من جهة، لأنه يعلق بشباكهم بكميات قليلة، وبالتالي فإن عملية بيعه للتجار تتم بطريقة غير مجدية اقتصادياً، ناهيك عن تدني سعره، ومن ناحية ثانية فإن إخراجه من الشباك، عملية بالغة الصعوبة، كونه مجهز بوسيلة دفاع خطيرة، تتمثل بإفرازه مادة سامة من خلال شوكة في جسمه، يلدغ بها من يحاول الإمساك به، ولدغة الـ"أبو شنب" تسبب آلاماً شديدة قد تستمر لأيام عديدة. أما بالنسبة للنوع الثاني من الصيادين، وهم الهواة، الذين يصطادون بواسطة الخيط أو القصبة، فهؤلاء يضعون عادةً طُعماً في الخطّاف "الشَّص"، وغالباً ما يكون عبارة عن عجين أو دود أو غيره من أنواع الطعوم، وذلك طَمَعاً باستدراج سمكة ذات نوع جيد كـ"الكارب"، أو "الجري"، أو "الكرسين"، وغيرها من الأنواع، فيفاجئون بأن "أبو شنب" النَّهم لكافة أنواع الطعوم مهما كانت، يأكلها ويمضي، أو يعلق بالخطَّاف، عندها تبدأ معاناة تحريره من الخطاف، وكما ذكرت سابقاً، هناك خطورة في عملية الإمساك به باليد، لذلك تراه يتحول لمصدر إزعاج، من الممكن أن يفسد على الهاوي رحلة صيده

وما هو سبب عدم محبة الصيادين له؟ للوقوف على الإجابة، قام موقع eRaqqa وبتاريخ (11/11/2009) بجولة إلى شارع "الكورنيش" الشهير بشارع "المسامك"، وهناك التقى تاجر الأسماك السيد "ياسين الحمود" صاحب مسمكة "الصالح"، وبسؤاله عن سمك "أبو شنب"، وعن مواصفاته التي تميزه عن باقي الأسماك، أجاب قائلاً: «يعيش هذا النوع من الأسماك، في نهر "الفرات"، وفي المسطحات المائية المتفرعة عنه، لكن المناطق المثالية لعيشه، هي مناطق المياه الراكدة، والآسنة، التي يكثر فيها "الزَّل"، أو القصب الفراتي، والنباتات المائية الأخرى، وهو من فصيلة الأسماك الصغيرة، حيث لا يتجاوز وزنه في أفضل الأحوال الـ/250/ غراماً، فأنا شخصياً لم أرَ أو أسمع خلال فترة عملي بالصيد، أو من خلال تجارتي بالأسماك، سمكة "أبو شنب" تجاوزت هذا الوزن.

ثمان زوائد لحمية قرب أنفه سبب تسميته بأبو شنب

يعتبر هذا النوع من الأسماك، دخيلٌ على عائلة الأسماك الفراتية، وهو ـ بكل تأكيد ـ لم يكن موجوداً في نهر "الفرات" قبل عام /1990/م، وأنا شخصياً لا أعرف كيفية مجيئه إلى مجرى النهر، لكن أعتقد أن مديرية الزراعة بـ"الرقة"، هي من قام بزراعته في مجرى النهر.

وهناك عدة تسميات أطلقها الصيادون عليه، وأشهرها "أبو شنب"، و"أبو الزنِّيرْ"، و"أبو الليل"، و"الوزِّيق"، وكلها تسميات تدل على صفة من صفاته، فـ"أبو شنب" مثلاً، نسبة لوجود زوائد لحمية حول أنفه، تشبه "الشنب" عند الإنسان، وعددها ثمانية، أما تسميته بـ"أبو الليل" فلأنه ينشط ليلاً، ويصبح نهماً جداً في هذه الفترة، أما تسمية "الوزِّيق"، أو "أبو الوزِّيق"، فسببها أنه يصدر صوتاً حاداً يشبه صوت الفأر "الصَّأي".

السيد ياسين الحمود

أما عن شكله الخارجي، فهو يتميز بلونه الأسود، ويشبه إلى حدٍّ بعيد سمك "السّلُّور"، لكنه أصغر منه بكثير، حيث أن وزنه ـ كما ذكرت سابقاً ـ لا يتجاوز بأفضل الأحوال /250/ غراماً، وهو على الرغم من مذاقه اللذيذ، وعدم احتواء لحمه على "الحسك"، إلا أنه لا يعتبر من الأسماك المحببة لدى أهل "الرقة"، وذلك لصغر حجمه من ناحية، ومن ناحية ثانية، لأن مظهره لا يروق للكثيرين، وهو يعتبر من أرخص أنواع الأسماك الفراتية، فسعره في فصل الشتاء الذي تصل فيه أسعار الأسماك للذروة، نجد أن سعر سمك "أبو شنب" لا يتجاوز الـ/40/ ل.س، لذلك فهو لا يصدَّر للمحافظات الأخرى كباقي أسماك "الفرات"، لعدم وجود جدوى اقتصادية من تصديره».

وعن سبب عدم ارتياح الصيادين لسمك "أبو شنب"، يقول "الحمود: «هناك نوعان من الصيادين، النوع الأول، هم من يصطادون الأسماك بواسطة الشباك، وهؤلاء يعتبرون صيادين محترفين، أي يكسبون قوت يومهم من هذه المهنة، والنوع الثاني هم من يصطاد بواسطة القصبة أو الخيط، وهؤلاء من فئة الهواة والباحثين عن المتعة.

الزل والبردي من نباتات الفرات التي يعيش بقربها سمك أبو شنب

فبالنسبة للنوع الأول من الصيادين، فهم يتضايقون من "أبو شنب" من جهة، لأنه يعلق بشباكهم بكميات قليلة، وبالتالي فإن عملية بيعه للتجار تتم بطريقة غير مجدية اقتصادياً، ناهيك عن تدني سعره، ومن ناحية ثانية فإن إخراجه من الشباك، عملية بالغة الصعوبة، كونه مجهز بوسيلة دفاع خطيرة، تتمثل بإفرازه مادة سامة من خلال شوكة في جسمه، يلدغ بها من يحاول الإمساك به، ولدغة الـ"أبو شنب" تسبب آلاماً شديدة قد تستمر لأيام عديدة.

أما بالنسبة للنوع الثاني من الصيادين، وهم الهواة، الذين يصطادون بواسطة الخيط أو القصبة، فهؤلاء يضعون عادةً طُعماً في الخطّاف "الشَّص"، وغالباً ما يكون عبارة عن عجين أو دود أو غيره من أنواع الطعوم، وذلك طَمَعاً باستدراج سمكة ذات نوع جيد كـ"الكارب"، أو "الجري"، أو "الكرسين"، وغيرها من الأنواع، فيفاجئون بأن "أبو شنب" النَّهم لكافة أنواع الطعوم مهما كانت، يأكلها ويمضي، أو يعلق بالخطَّاف، عندها تبدأ معاناة تحريره من الخطاف، وكما ذكرت سابقاً، هناك خطورة في عملية الإمساك به باليد، لذلك تراه يتحول لمصدر إزعاج، من الممكن أن يفسد على الهاوي رحلة صيده».