«تعتبر "الرقة" من أكثر المناطق التي تتحكم فيها العادات، والتقاليد بدرجة كبيرة، حيث ينعكس أثرها على معظم أشكال العلاقات الاجتماعية، فعلى الرغم من الاحتكاك المباشر مع الحياة المدنية، إلا أن العلاقات الأسرية ما زالت الحاكم الأساسي لحياة المجتمع الرقي، سواء أكان ذلك اقتصادياً أم اجتماعياً، أو غير ذلك من المجالات، ولعل موضوع الخطوبة والزواج، من أكثر المواضيع ارتباطاً بالعادات والتقاليد، كما أن هناك فرق كبير في عادات الخطبة بين الريف والمدينة.

ففي المدينة يبدأ الشاب الراغب في الزواج رحلة البحث عن فتاة أحلامه عبر محيطه الضيق، من أقربائه وجيرانه، يشاركه في ذلك ذووه وأقرباؤه، وعادة ما تكون النساء أكثر فاعلية من الرجال في مرحلة البحث عن الخطيبة، وعندما يجد الفتاة التي تناسبه، يبدأ بإرسال أحد من طرفه إلى أهلها، حيث يتبادل الوسيط مع أهل الفتاة المعلومات عن كلا الطرفين، وفي حال تم الاتفاق بين الطرفين، يتم تحديد موعد آخر، حيث يجلس الخاطب مع خطيبته المرتقبة لبضع دقائق، ويتفقان على معظم التفاصيل، ومن ثم يتم الاتفاق على تحديد موعد للخطوبة، وعادة ما تكون فترة الخطوبة قصيرة، ومحكومة بعدد من الضوابط التي تقيد حرية الخطيبين».

لقد شهدت عادات الزواج والخطوبة في محافظة "الرقة" هامشاً كبيراً من الحرية خلال العقود الأخيرة، وخاصة في المدينة، حيث لم يكن يتاح للشاب سابقاً أن يرى خطيبته، أو يتحدث إليها قبل الزواج، كما أن فترة الخطوبة لم تكن موجودة سابقاً في المجتمع الرقي، أما اليوم فقد أصبحت أمراً ضرورياً، يطالب به كلا الطرفين، خاصة في المدينة. تلعب النساء الدور الأكبر في ترتيب إجراءات الخطوبة، من خلال التقريب بين وجهات النظر، والتعريف بالبنات اللواتي أصبحن في سن الزواج، ولا يوجد أي دور للخطّابة في مجتمعنا، لأن المجتمع الرقي مفتوح على بعضه البعض، ويعرف الناس بعضهم البعض، وبالتالي فإن أمور الخطوبة والزواج تتم من خلال تعارف مباشر بين أهل العريس والعروس

هذا ما ذكره الباحث "محمد العزو" لموقع eRaqqa بتاريخ (11/11/2009) خلال حديثه عن عادات الخطوبة في "الرقة".

الباحث محمد العزو

وأضاف "العزو" قائلاً: «لقد شهدت عادات الزواج والخطوبة في محافظة "الرقة" هامشاً كبيراً من الحرية خلال العقود الأخيرة، وخاصة في المدينة، حيث لم يكن يتاح للشاب سابقاً أن يرى خطيبته، أو يتحدث إليها قبل الزواج، كما أن فترة الخطوبة لم تكن موجودة سابقاً في المجتمع الرقي، أما اليوم فقد أصبحت أمراً ضرورياً، يطالب به كلا الطرفين، خاصة في المدينة.

تلعب النساء الدور الأكبر في ترتيب إجراءات الخطوبة، من خلال التقريب بين وجهات النظر، والتعريف بالبنات اللواتي أصبحن في سن الزواج، ولا يوجد أي دور للخطّابة في مجتمعنا، لأن المجتمع الرقي مفتوح على بعضه البعض، ويعرف الناس بعضهم البعض، وبالتالي فإن أمور الخطوبة والزواج تتم من خلال تعارف مباشر بين أهل العريس والعروس».

وعن وجود فترة الخطوبة كمرحلة سابقة للزواج في ريف "الرقة"، تابع "العزو" حديثه قائلاً: «مازال جزء كبير من سكان الريف لا يعترفون بوجوب وجود هذه الفترة المهمة، فالزواج يتم بشكل تقليدي جداً، وأحياناً يتم الزفاف دون أن يرى العريس عروسته، والتمسك بهذه العادة في الريف مازال سبباً في حدوث عدد كبير من الخلافات العائلية، ففي إحدى قرى ريف "الرقة"، شاهد أحد الشبان فتاة في بيت من بيوت القرية، وكانت تلك الفتاة على قدر كبير من الجمال، فأرسل أهله لخطبة الفتاة التي شاهدها في ذلك المنزل، وأصر على خطبتها، ولما كانت العادة في تلك القرية تقضي بأن لا يرى العريس عروسته حتى ليلة الزفاف، فوجئ العريس بأن العروس التي زفت إليه غير التي رآها، وما حدث هو أن الفتاة التي رآها كانت ضيفة عند أصحاب المنزل، فذهب الظن بصاحبنا على أنها ابنتهم، فوقع الفأس بالرأس، واضطر لأن يعيش مع الفتاة لمدة عام، واضطر بعد ذلك لطلاقها».

وعن طقوس الاحتفال بالخطوبة في "الرقة" اختتم الباحث "العزو" حديثه قائلاً: «تتحكم الظروف الاقتصادية والمعيشية في شكل وطريقة الاحتفال بالخطوبة، ويميل معظم الشبان من ذوي الدخل المحدود إلى التقليل من مصاريف الخطوبة، وهو ما يفسر إصرار الكثير منهم على اختصار فترة الخطوبة بشهر لا أكثر، لأن فترة الخطوبة كلما طالت زادت معها المصاريف، حيث ينبغي أن يقوم الشاب بإهداء خطيبته في كل مناسبة، وفي الغالب تكون الهدية قطعة ذهبية، فيما يرى قليل من الشباب بوجوب إطالة فترة الخطوبة حتى يتسنى للطرفين التعرف على بعضهما.

وفيما يخص الاحتفال بالخطوبة كان أهل "الرقة" يحتفلون بهذه المناسبة بإقامة وليمة، وفي أيامنا هذه تقام حفلة كبيرة يدعى إليها عدد كبير من الأقارب والأصدقاء، وتقدم فيها الضيافة، في بيت أهل العريس، أو في بيت أهل العروس، ويتم خلالها تلبيس خواتم الخطوبة، ومن الأمور المهمة التي يجب أن تكون حاضرة أثناء الخطوبة، هو وجود الوجهاء من كلا الطرفين، حيث يقرؤون الفاتحة، ويتم أثناء وجودهم تحديد المهر، وباقي تفاصيل إتمام الزواج».