تضاربت ردود أفعال مواطني "الرقة" وأطبائها حول التعرفة الطبية الجديدة، وزيادة أجور المعاينات، فبعض الأطباء اعتبر هذه الزيادة غير ملزمة، ولا تتماشى مع الواقع الاقتصادي لشريحة واسعة من أبناء المحافظة، في حين اعتبرها البعض الآخر إنصافاً للأطباء، على السنوات التي قضوها في قاعات الدرس، وعمرهم الذي فنوه في المتابعة، والتحصيل العلمي، وهم يقولون إن التعرفة الطبية، وحتى بعد رفعها، لا تتناسب مع الأسعار في المحافظات الأخرى ودول الجوار، وهي دونها بكثير.

وللحديث حول هذا الموضوع التقى موقع eRaqqa بتاريخ (3/1/2010) المعلم "أحمد الجمعة" من أهالي محافظة "الرقة"، وتحدث قائلاً: «التعرفة الجديدة لا تتناسب مع الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، سيما بعد سنوات الجفاف المتعاقبة التي ضربت المنطقة، وأثرها على مجمل النشاط الاقتصادي، والذي يشكل القطاع الزراعي نحو /70%/ منه، وهذه الزيادة ستسفر عن عزوفهم في استشارة الطبيب، والتوجه بشكل مباشر لشراء الأدوية من الصيدليات، أي إن كل مواطن سيكون طبيب نفسه، وسيزداد عدد المراجعين لمختلف المؤسسات الصحية والمشافي العامة.

منذ أن كثُر الحديث عن ارتفاع أجور المعاينات، بات السؤال الأول للمرضى عن موعد تطبيق الزيادة المقترحة، وهل طبقت أم لا؟ وهم يقولون إن زياراتهم لعيادات الطبيب ستنتهي بمجرد العمل بالتعرفة الجديدة، وسيقومون بتطبيق وسائلهم في الاستشفاء والتطبب

نرى وقد نكون مخطئين، أن زيادة التعرفة بالنسبة للأطباء قد لا تكون علاجاً للحالات التي نريد معالجتها، ومنها استقرار الأطباء في بلدهم، وبالتالي في المؤسسات الصحية، بل ربما تؤدي إلى العكس، وكان يجب أن يترافق هذا الإجراء، بإصدار العديد من القوانين والتشريعات التي من شأنها أن تحسن من دخل الطبيب، ويتقارب دخله مع نظرائه في الدول الأخرى، وعلى رأس هذه التشريعات إصدار قانون التفرغ الطبي، وتطبيق الضمان الصحي بحيث يشمل الشرائح المجتمعية كافة».

العيادات الشاملة بالرقة

تباينت آراء الأطباء حول التعرفة الجديدة، ما بين مؤيد ومعارض، وتحدث الدكتور "فيصل الشعيب"، مدير صحة "الرقة"، قائلاً: «أجمع أطباء "الرقة" على رفض التعرفة الجديدة، إدراكاً منهم عدم تناسبها مع الواقع الاقتصادي للمواطنين، وفي حال قيام بعض الأطباء برفع الأجور، فستكون النتيجة الاستغناء عن حلقة الطبيب في سلسلة الاستطباب، وتوجه المرضى المباشر إلى الصيدليات، وشراء ما يلزمهم من الأدوية، بسؤال الصيدلي أو الاعتماد على خبرتهم الطبية المتواضعة.

هدف الزيادة هو تحسين دخل الأطباء، وتحقيق حالة من الاستقرار في المؤسسة الصحية، ولعل من الأجدى أن يتم تقاضي مبالغ رمزية من مراجعي المؤسسات الصحية، وصرفها في مجال تحسين الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، ومنح حوافز تشجيعية للأطباء والعاملين في القطاع الصحي».

الدكتور فيصل الشعيب

ويقول الدكتور "مصطفى الهنداوي": «التعرفة الطبية في سورية، وحتى بعد رفع أجورها، ما تزال منخفضة مقارنة مع دول الجوار، كما أن المعاينات في محافظة "الرقة" أقل من مثيلاتها في المحافظات الأخرى، والتعرفة الطبية قبل الزيادة تتناسب مع دخل المواطن، ولكن التعرفة الجديدة لا تتماشى مع الدخول، وسيكون لها منعكس سلبي على عموم المواطنين، وأنا شخصياً ضد هذه الزيادة، ولن أقوم برفع أجور المعاينة».

وأوضح الدكتور "أحمد العزو" هذه المسألة، قائلاً: «زيادة أجور المعاينات منطقية، وهي ضمن حدودها المعقولة، وكان يجب أن تترافق مع إنجاز قانون الضمان الصحي للمواطنين، وإصدار قانون التفرغ الطبي لأطباء القطاع العام، ورفع أجور الأطباء المتعاقدين مع المؤسسات الصحية، وحينها لا يكون للزيادة أي عبء إضافي على المواطن».

وتساءل الدكتور "عامر العليوي"، قائلاً: «هل قيمة المعاينة توازي جهد الطبيب أم لا؟ إنها لا توازي هذا الجهد بحال من الأحوال، فالطبيب يقضي نصف عمره خلف مقاعد الدراسة، ويجب أن يجد ثمرة هذا الجهد بدخل مناسب، فالأطباء في لبنان والأردن وتركيا على سبيل المثال، يتقاضون ما يعادل /100/ دولار عن قيمة المعاينة، دون أن ننسى أن دخول مواطنيهم تتوازى مع هذه القيم، أما في سورية، ورغم تدني قيمة المعاينة، وحتى بعد رفعها، فهي لا تتناسب مع الأوضاع المادية لمجمل المواطنين، ولم ترتفع دخول المواطنين حتى نقوم برفع أجور المعاينة».

وحول هذا الموضوع حدثنا الدكتور "عيسى النويران"، قائلاً: «من حق الطبيب أن يتقاضى أجوراً تحقق له مستوىً معيشياً لائقاً، ولكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب المواطن، وأنا لست مع رفع أجور المعاينات في الظروف الحالية، لأننا سنساهم في حال رفعنا الأجور، في قلة إقبال المواطنين على العيادات الخاصة، والاتجاه نحو المؤسسات الصحية الحكومية».

وتقول الدكتورة "سمر الهجر": «إن ارتفاع أسعار المعاينات سيؤثر بشكل إيجابي في تحسين الوضع المادي للأطباء، دون أن ننسى أثره العكسي في انسحاب أعداد كبيرة من المرضى من العيادات الخاصة إلى المؤسسات الصحية المجانية، وأنا ضد هذه الزيادة، ولن أطبقها في عيادتي، علماً أن التعليمات التنفيذية الناظمة لهذا القرار لم تصدر بعد، ورغم ذلك فالواقع المعيشي للمواطن، ولا سيما في المنطقة الشرقية، تفرض علينا كأطباء عدم تطبيق التعرفة الجديدة».

وتحدث الدكتور "عبد الكريم الحجوان"، قائلاً: «يرجع البعض صدور هذا القرار إلى الوضع الاقتصادي المتدني لبعض الأطباء، فهناك أطباء لا يختلف حالهم عن باقي الشرائح والفئات الاجتماعية، ولا يستطيعون دفع أجور ممرضاتهم وتكاليف معداتهم الطبية، إلا أن هذه الزيادة تتعارض مع المستوى المعيشي للمواطنين، وتشكل أعباءً إضافية عليهم».

ويجمل الدكتور "معن الرملة" حديثه، قائلاً: «منذ أن كثُر الحديث عن ارتفاع أجور المعاينات، بات السؤال الأول للمرضى عن موعد تطبيق الزيادة المقترحة، وهل طبقت أم لا؟ وهم يقولون إن زياراتهم لعيادات الطبيب ستنتهي بمجرد العمل بالتعرفة الجديدة، وسيقومون بتطبيق وسائلهم في الاستشفاء والتطبب».