لم تعد رياضة "الباركور" هوايته، بل أصبحت نمطاً لحياته يمارسها في العديد من الأماكن، كما غدت وسيلة فتحت له أبواب العمل والشهرة، فأصبح "فراس عوض فلاح" مؤسساً لرياضة "الباركور" في "سورية".

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 تشرين الثاني 2017، التقت الكابتن والمدرب "فراس فلاح"، الذي حدثنا عن بداياته بالقول: «تعرّفت إلى رياضة "الباركور" من خلال مشاهدة الفيلم الوثائقي "قفزة لندن" عام 2004، الذي شارك فيه عدد من المتمرسين باللعبة وقدموا مشاهد رائعة في هذه الرياضة ضمن سياق الفيلم، ووقتئذٍ كنت أعمل في "الجزائر"، فأعجبتني هذه الرياضة وتدربت عليها مع مجموعة من الأصدقاء، وبعد أشهر قليلة بقيت وحدي بعد أن ترك أصدقائي التدريب، وتدربت باجتهاد شخصي، كنت أتدرب قبل اكتشافي رياضة "الباركور" على ألعاب القوى والجري لمسافات طويلة والألعاب القتالية، مثل "الكيك بوكسنغ" وبعض حركات الجمباز؛ وهو ما ساعدني على تعلم "الباركور" في وقت زمني قصير؛ لأنها مزيج من تلك الرياضات.

عندما بدأت ممارسة هذه الرياضة عام 2010، شجعني الكابتن "فراس" على الاستمرار وأعطاني الدعم الكامل ليكون أكثر من مجرد مدرّب، بل ملهماً للنجاح، واليوم أكملت سبع سنوات تحت إشرافه ومتابعته، خلال هذه المدة كان لي العديد من المشاركات وتقديم العروض في المهرجانات والفعاليات الرياضية

وعند عودتي إلى "سورية" عام 2006، قررت البدء بتأسيس فريق من الحي الذي أقطنه في منطقة "مساكن برزة العمالية"، الغني بقدرة فتيانه وفتياته، حيث قرر بعضهم البحث عن متنفس للخروج من سيطرة التكنولوجيا والروتين اليومي، والتفكير الإيجابي بعيداً عن الأفكار السلبية، وكانت بداية التدريب في الحدائق العامة والمدارس مع وجود بعض المعاناة والإزعاج من المجتمع المحلي؛ لأنه يجهل رياضة "الباركور"، وفي عام 2009 قمت باستئجار مقر في الحي نفسه، وعملت على تصميم أجهزة الأمان والحواجز الاصطناعية، وبلغ عدد الفريق سبعين لاعباً ولاعبة، وكنا نمارس "الباركور" ضمن مجموعات أهلية متنوعة في حديقة تشرين في "دمشق"، إلى أن سمح لهواة هذه الرياضة التدرب عليها في نادي "النصر" الرياضي التابع للجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي في "القنيطرة" مقره "دمشق"، بذات الأدوات والأجهزة التي يتدرب بها لاعبو الجمباز الموجودة في النادي، بالتنسيق مع اللجنة التنفيذية في "القنيطرة"».

"فراس عوض فلاح"

وعن مشاركات الفريق يُضيف "فلاح": «تمت دعوة فريق "باركور سورية" من قبل السفير الفلسطيني في "لبنان" للقيام بعرض في السفارة الفلسطينية بمناسبة يوم التضامن مع الطفل الفلسطيني عام 2013، وفي عام 2015، وشارك الفريق في عروض افتتاح سباق مدينة "زحلة" بدعوة من جمعية الشبكة اللبنانية، وكان للفريق نصيب المشاركة ببرنامج "أرب غو تلنت" للمواهب العربية عام 2016، وفي "إيران" ببطولة غرب آسيا عام 2016، كما شارك الفريق بتنسيق حركات خطرة خاصة برياضة "الباركور" مع المخرج "نجدت أنزور" في "فيلم فانية وتتبدد" وغيرها من الأعمال الفنية السورية، وللفريق مشاركات في كافة المناسبات الوطنية والمهرجانات التي يقمها الاتحاد الرياضي العام واللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي في "القنيطرة"، وكانت آخر مشاركة للفريق بتاريخ 10 تشرين الأول 2017، في المهرجان الرياضي الذي أقيم في نادي "النصر" الرياضي».

وذكر "فلاح": «تم تصميم شعار خاص لرياضة "الباركور" في "سورية"، حيث إن فكرة الشعار تبدأ باسم الفريق parkoursyria أول حرف من parkour، وأول حرف من syria يعني PS، وتم وضع حركة في حرف PS ترمز إلى لعبة "الباركور" لاعب يمسك جداراً، إضافة إلى تأليف كتاب خاص عن هذه الرياضة من أجل نشر ثقافتها في المجتمع المحلي وممارسة هذه الرياضة واعتمادها من قبل المدربين، وحالياً نقوم بتجهيز صالة رياضة لممارسة وتدريب "الباركور" مقرها مدرسة "نصر الدين حسين" التابعة لمحافظة "القنيطرة" في منطقة "مساكن برزة"، بعد أن نالت هذه الرياضة إعجاب الكثيرين وأصبحت ذات شعبية كبيرة في أغلب المحافظات السورية وخاصة "دمشق"».

شعار فريق باركور "سورية"

وحول تعريف هذه الرياضة يقول: «"الباركور" من حيث التعريف هي مجموعة حركات يكون الغرض منها الانتقال من نقطة إلى نقطة بأكبر قدر ممكن من السرعة والخفة، وتركيز الانتباه والشجاعة؛ وذلك باستخدام القدرات البدنية والفكرية. أما هدفها، فهو ممارسة طريقة جديدة ومختلفة لتخطي العقبات والموانع، التي يمكن أن تكون أي شيء، كالأشجار أو الصخور أو القضبان الحديدية أو حتى الجدران.

أما من حيث اشتقاق الكلمة parcours، فهي اسم لنوع تدريب عسكري كان يمارسه الجيش الفرنسي وما زال حتى الآن. وقد أخذ "ديفيد بيل" مؤسس رياضة "الباركور" في العالم هذا الاسم واستبدل حرف ال c بحرف k، وحذف الحرف الأخير s؛ وذلك لأسباب من شأنها تسهيل لفظ الكلمة. وأصبحت Parkour، وتعني الكفاءة والفعالية.

كتابه "فن الانتقال / الباركور"

تتميز رياضة "الباركور" بأنها تمنح الجسد القوة العضلية والمرونة وسرعة البديهة والتركيز التام، وتعمل على تطوير القدرات العقلية وتنمية روح الإرادة، إضافة إلى كسر حاجز الخوف والخروج من الضغط العصبي والنفسي والحصول على لياقة بدنية عالية، حين تجد العالم حولك بلا حواجز، وترى السماء بلا سقوف، ويصبح الكون ملعباً لا قوانين فيه، ومسرحاً تتدحرج فيه وتتسلق بلا عوائق، وحين تعبر عن قدراتك الجسمانية مستثمراً ذكاءك بحرفية، بأسلوب أنيق لا تؤذي فيه أحداً، فأنت رياضي من نوع خاص.

لذلك ليس غريباً عندما نقول إن لدينا في "سورية" آلاف اللاعبين لرياضة "الباركور" التي تعتمد على تحدي الجاذبية والتحليق في الهواء وكسر حاجز الخوف والتردد، أنا أرى أننا نمارس "الباركور" في حياتنا اليومية من دون أن نعلم؛ فعبور الطريق بين السيارات، أو القفز من مرتفع، أو عبور حاجز، تعدّ "باركور"، ومع أن بعضهم يرون أنها رياضة تقوم على المخاطرة والمغامرة، إلا أنها تعدّ رياضة غير تنافسية».

"محمد علي محمد" رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي في "القنيطرة" قال: «"فراس فلاح" هو أول من بدأ العمل على تأسيس فريق لرياضة "الباركور" في "سورية"، وعمل على نشرها على الرغم من الصعوبات التي واجهته في البداية، هو من المدربين الأكفاء، وله الفضل الكبير فيما وصلت إليه هذ الرياضة في "سورية"، حيث إنه يتبع طريقة نوعية في التدريب توصل إليها من خلال خبراته وتجاربه في السنوات الماضية، ونجاح في تكوين فريق "باركور سورية" عرف على مستوى العالم من خلال مشاركاته بالعديد من البطولات والعروض والمهرجانات الدولية والعربية والمحلية».

"هيثم عثمان" لاعب "باركور" من تلاميذه، تحدث عنه بالقول: «عندما بدأت ممارسة هذه الرياضة عام 2010، شجعني الكابتن "فراس" على الاستمرار وأعطاني الدعم الكامل ليكون أكثر من مجرد مدرّب، بل ملهماً للنجاح، واليوم أكملت سبع سنوات تحت إشرافه ومتابعته، خلال هذه المدة كان لي العديد من المشاركات وتقديم العروض في المهرجانات والفعاليات الرياضية».

الجدير بالذكر، أن "فراس عوض فلاح" من مواليد "دمشق" عام 1988، وهو من أبناء بلدة "البطيحة" في "الجولان" العربي السوري المحتل، وله كتاب خاص برياضة "الباركور"، حصل على شهادة تقدير من السيد "ديفيد بيل" مؤسس هذه الرياضة في العالم، ونال شهادة تقدير من رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية "مهدي باقر" مؤسس "الباركور" في الشرق الأوسط.