«لعبة الشطرنج تنمي الفكر أكثر من الذكاء الفطري فهي تحرك ما بداخل المكفوفين وتنعش الذاكرة وتجدد وظائف (المخ والمخيخ)، وهي تقوي المقدرات وتنمية التفكير الإبداعي، وخاصة عند المكفوفين (الخيال والتخمين والاستكشاف والتساؤل) وأنا خير مثال على ذلك».

والحديث لعضو جمعية المكفوفين "بدمشق" الحكم "معتز القحف" الذي تابع عن أهمية لعبة الشطرنج للكفيف، متحدثاً لموقع eQunaytra قائلا: «من الجانب الانفعالي توفر عنصر (المتعة والحماس والترقب والإثارة) وتقوي مهارة حل المشكلات وصنع القرارات ولو كانت على مستوى بسيط لديهم، إضافه إلى تنمية التفكير الإبداعي والابتكار. وهي لعبة لا تعتمد على الحظ مثل النرد (طاولة الزهر) أو لعبة (الشدة) بل تساعد المكفوفين على تنمية المهارات الحركية وإحداث التكامل الضروري بين وظائف الجسم الحركية والانفعالية وتعلم احترام القواعد والقوانين والالتزام بها».

لكون حاسة البصر متعطلة تماما ستنمو حاسة أخرى بشكل اكبر، أولاً التفكير بالإضافة إلى حاسة السمع وحاسة الحركة وبالتالي الحركة تكون باللمس وعندها ترسل إشارات إلى الدماغ الذي يقوم بتنمية مركز المخيخ وهو مركز الفكر الأساسي وبالتالي يعمل بمقدرة أكثر من الإنسان العادي باعتبار حاسة من الحواس غير موجودة لديهم وهي حاسة البصر

نائب جمعية المكفوفين "بدمشق" السيد "محمد شفيق محمود" حدثنا عن رقعة الشطرنج الخاصة بالمكفوفين فقال: «تتألف كغيرها من الرقع العادية (64) مربعاً وخصوصية رقعة المكفوفين اعتمد أن يكون المربع البارز باللون "الأسود" والمربع المنخفض باللون "الأبيض"، بالإضافة إلى وجود ثقوب في كل مربع لتثبيت أحجار الشطرنج حتى يتمكن الكفيف من متابعة اللعب عن طريق اللمس بيده، ويوجد على طرفي الرقعة ثقوب بعدد (15) ثقباً حتى يوضع (المأكول) فيها ويسمى"السجن"».

رقعة الشطرنج"الخاصة للمكفوفين"

أما عن كيفية التمييز بين حجارة اللون الأبيض وحجارة اللون الأسود فأضاف: «وضع في رأس الأحجار البيضاء مخروط رفيع بارز لا يتجاوز بضع أجزاء من الميليمتر دون اللون الأسود حيث يتلمس الكفيف الرقعة فيضع الحجر الذي يريد اللعب به في المربع الذي يراه مناسباً في لعبته كما أن أحجار الشطرنج الخاصة بالمكفوفين بعضها مطابق للأحجار العادية المعروفة وبعض منها له خصوصية بحيث يختلف حجم الحجر عن غيره وهو غالبا اصغر من الأحجار العادية وبعض منها يكاد يكون له شكل خاص لسهولة اللمس ومن تم تحريك الحجر إلى مربع المراد وضع الحجر فيه ومثال على ذلك ما يسمى باللغة العربية "الوزير" له تاج عريض من الأعلى ثم يصغر إلى منتصف الحجر تقريبا وكأنه شكل مخروطي معكوس أما "الملك" فله تاج على حوافه أشكال تشبه نتوءات تدوير الوردة أما "البيادق" فهي اصغر الأحجار وحجمها مناسب، ويتلمسها الكفيف بسرعة ورشاقة مع العلم أن كلا من "القلعة والحصان والفيل" تأخذ أشكالاً خاصة بالمكفوفين يحفظون أشكالها ويلعبون بها».

اللاعب "عادل الخالد" من المنتسبين للجمعية قال: «عن طريق صديق لي بجمعية المكفوفين بمحافظة "القنيطرة" تعلمت هذه اللعبة وأصبحت هوايتي المفضلة وقد شاركت في مهرجان "الأمل" للمعوقين بالقنيطرة ونلت المركز الأول بالمحافظة لهذه اللعبة، وأيضا شاركت بعدة بطولات وأحرزت المركز الأول الأمر الذي مدني بالدعم المعنوي وأعطتني الكثير من التفوق والتميز والتعرف على أناس أكثر من باقي المحافظات السورية من نفس الشريحة».

محمد شفيق محمود

الدكتورة "وفاء بطحة" التي حدثتنا عن "لعبة الشطرنج" الخاصة بالمكفوفين من جوانبها العلمية فقالت: «لكون حاسة البصر متعطلة تماما ستنمو حاسة أخرى بشكل اكبر، أولاً التفكير بالإضافة إلى حاسة السمع وحاسة الحركة وبالتالي الحركة تكون باللمس وعندها ترسل إشارات إلى الدماغ الذي يقوم بتنمية مركز المخيخ وهو مركز الفكر الأساسي وبالتالي يعمل بمقدرة أكثر من الإنسان العادي باعتبار حاسة من الحواس غير موجودة لديهم وهي حاسة البصر».

أما عن الناحية النفسية فأضافت: «يكون لدى هؤلاء المكفوفين حماس اكبر وقدرة على تحريك وإدارة اللعب بطريقة تفوق مقدرة الناس العاديين لتحقيق نتيجة الربح بجهد اكبر وبتشغيل الحواس الأخرى وتنميتها. لعبة الشطرنج في الحالة العادية تنمي ذكاء الإنسان العادي لأنها تحرض على التفكير والمغامرة للعب الدقيق للانتصار على الخصم، هذه الأشياء غير متوافرة لكل الناس وهي محصورة ببعض الأشخاص الذين يملكون القدرة الفائقة للذكاء. أما لدى المكفوفين فلكونها تحتاج إلى جهد اكبر فهي تنمي الذكاء أكثر عندهم وطريقة التفكير».

الحكم "معتز القحف"

اللاعب الكفيف "محمد الجندلي" قال: «أنا فخور بنفسي بممارسة هذه اللعبة وخاصة مع إحرازي لعدد من البطولات التي أعطتني الثقة بنفسي وكأني إنسان طبيعي أرى كل ما هو حولي، كثيرون من أصدقائي تفوقوا بدرجات عالية في الجامعات وحققوا المراتب الأولى بالألعاب الرياضية، وهذا لا يعني أننا ذوي الاحتياجات الخاصة غير قادرين على عمل أي شيء، ولكن الإرادة والطموح المستمر يدفعنا لإثبات وجودنا ببراعة».