تعدّ منطقة "الجولان" من أولى المناطق التي دخلتها المسيحية بعد "فلسطين"، فقد انتشرت الكنائس والأديرة في "الجولان"، حتى إن هناك العديد من البلدات التي أخذت اسمها من أسماء الأديرة التي كانت فيها، منها: دير "قروح"، ودير "عزيز"، ودير "مفضل"، ودير "فيق".

وبحسب أمين متحف الآثار الكلاسيكية في المتحف الوطني بـ"دمشق" وابن "الجولان" "قاسم محمد المحمد"، الذي قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 كانون الأول 2018: «انتشرت الديانة المسيحية في "الجولان" منذ وقت مبكر، فقد بشّر السيد "المسيح" برسالته في "فلسطين" التي كانت في زمانه ولاية من ولايات الإمبراطورية الرومانية في الشرق ثم في جميع أنحاء الإمبراطورية، وتعدّ قرية "الفرج" في "الجولان" المحتل نموذجاً للمجتمع الذي اعتنق الديانة المسيحية في فترة مبكرة لظهور هذه الدعوة».

انتشرت الديانة المسيحية في "الجولان" منذ وقت مبكر، فقد بشّر السيد "المسيح" برسالته في "فلسطين" التي كانت في زمانه ولاية من ولايات الإمبراطورية الرومانية في الشرق ثم في جميع أنحاء الإمبراطورية، وتعدّ قرية "الفرج" في "الجولان" المحتل نموذجاً للمجتمع الذي اعتنق الديانة المسيحية في فترة مبكرة لظهور هذه الدعوة

وأضاف: «"بانياس" المدينة الأولى التي دخلها السيد "المسيح" عليه السلام قبل توجهه إلى "القدس"؛ وكانت مدينة مزدهرة وعامرة عندما زارها وعرفت بذاك الوقت باسم "قيصرية فيليبي"، وقد تبعت لها العديد من القرى، كما منحت مرتبة المدينة وحق صكّ العملة منذ بداية القرن الثاني الميلادي، ومع قدوم المسيحية والاعتراف بها كديانة ازدادت أهمية "بانياس" كمركز ديني مسيحي؛ فقد كان فيها مركز أسقفي محلي، ومعبد الإله "بان" وسميت تبعاً لذلك، وبرز في هذه المدينة مجتمع يدين بالمسيحية، وبلغت ذروة تطورها ومجدها خلال القرنين الثالث والرابع الميلادي، ومن الكنائس الأثرية الموجودة في مدينة "بانياس" الكنيسة البيزنطية والبازيلكا التي رصفت أرضيتها بالفسيفساء الجميلة.

"قاسم محمد المحمد"

كما أن "سوسيتا" أو "قلعة الحصن" من المدن الأكثر إثارة في منطقة شرق البحر "الأبيض المتوسط"، وتتوضع على أعلى قمة هضبة مرتفعة تطل على بحيرة "طبرية"، كانت هذه المدينة في زمن السيد "المسيح" عليه السلام مدينة عامرة وواحدة من المدن العشر، أو ما يعرف بـ"مدن الديكابوليس"، ومن المرجح أن السيد "المسيح" عليه السلام قد شفى فيها الرجال الذين مسّهم الجنّ، وذلك لأنها كانت أقرب وأكبر "مدن الديكابوليس" في ذلك الزمان، وتعدّ "سوسيتا" مركزاً مبكراً أيضاً للديانة المسيحية، فقد احتوت عدداً لا بأس به من الكنائس الكبيرة والضخمة؛ عرفت منها الكنيسة المتوضعة في الجزء الشمالي الشرقي منها، والكنيسة المتوضعة في الجزء الشمالي الغربي من المدينة، وكذلك الكنيسة المتوضعة في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، واحتوت "كاثدرائية" رصفت أرضيتها بالفسيفساء، وهذه الأبنية شكلت أغلب البقايا الأثرية المتبقية من المدينة، التي يرجح أنها تهدمت بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة عام 749م».

وتابع حديثه: «قرية "الكرسي" على الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة "طبرية" من أهم معالمها الأثرية البازيلكا المؤرخة للقرن الخامس الميلادي، والدير الذي يعدّ من أكبر الأديرة البيزنطية في "الجولان" و"فلسطين"، ومن المرحج أنه بني في المكان الذي حدثت فيه واحدة من معجزات السيد "المسيح" عليه السلام.

الأرضية الفسيفسائية من البازليكا

كما تميزت منطقة "الحمة" في "الجولان" بمعالمها الأثرية والسياحية، إضافة إلى حماماتها المعدنية، وتعدّ كنيسة القديس "سرجيوس" من أهم المباني الأثرية الموجودة فيها والمؤرخة للعصر البيزنطي.

وكان في قرية "خسفين" كنيستان، يعود تاريخ بنائهما إلى القرن الثامن، أدخلت إليهما تحسينات عبر التاريخ، ويا للأسف دُمّر هذا الصرح الأثري بعد الاحتلال "الإسرائيلي" عام 1967، وكان يمثّل المسيحيون فيها نسبة 70-75%».

بقايا كنسية في "الرفيد"

"هناء قويدر" رئيسة دائرة آثار "القنيطرة" سابقاً، قالت: «"الجولان" احتوى عدداً لا بأس به من المباني الدينية التي تؤرخ للفترة البيزنطية، و"الجولان" لم يغب يوماً عن مسرح الأحداث في كل العصور، وعلى أرضه قام السيد "المسيح" عليه السلام بالكثير من المعجزات التي ذكرت في الكتاب المقدس، ومن أبنائه كان "حواريون" رافقوه وآمنوا بدعوته، ومنهم القديس "بيتر"، و"أندرو"، و"فيليب"، وهم من "بيت صيدا".

وعثر في قرية "أوفانيا" على كنيسة تقع إلى الغرب من البلدة في موقع يعرف لدى العامة بقصر "زحلان"، وهي بقايا الكنيسة البيزنطية، وقد عثر على أجزاء من أعمدة نحت عليها الصليب الغائر والنافر، ومن المرجح أنها كانت تتوضع داخل مبنى الكنيسة، حفظت في متحف آثار "القنيطرة".

كما أن بلدة "الرفيد" التي تشكل عقدة مواصلات مهمة ما بين جنوب "الجولان" وشماله، إضافة إلى المناطق الواقعة في شرقه التي تتبع إلى محافظة "درعا"، هذا الموقع المتميز للبلدة جعلها مأهولة منذ زمن بعيد؛ إذ تشير الدلائل الأثرية إلى أنها كانت بلدة عامرة ومزدهرة خلال الفترتين النبطية والغسانية، واحتوت بقايا كنيسة أثرية تقع وسط القرية مكوّنة من عدة غرف لا تزال قائمة أجزاء منها، وقد بنيت بالحجر البازلتي، وأهم ما يميز هذا البناء القنطرة التي احتوت كتابات لاتينية، ومن اللقى الأثرية التي عثر عليها في الكنيسة لوحة تمثّل سلة تحتوي فواكه ويزينها الصليب في أعلاها، حفظت في متحف آثار "القنيطرة"».