يعتبر موقع قرية "الصرمان" من أهم المواقع التاريخية القديمة في "الجولان"، حيث يبعد نحو /3/ كم إلى الجنوب من مدينة "القنيطرة" ويقع على خاصرة تل يحمل الاسم نفسه ويرتفع نحو ألف متر عن سطح البحر، حيث يشكل واحداً من تلال وسط "الجولان" ويشرف على وادي "الرقاد" شرقاً وتكثر في محيطه البرك الطبيعية والاصطناعية والآبار القديمة.

وحول آثار موقع "الصرمان" يقول الأستاذ "تيسير خلف" الباحث في تاريخ الجولان لموقع eQunaytra: «في الموقع أطلال بلدة قديمة كانت تعد واحدة من أكبر خمس بلدات في "الجولان" في العصر الروماني- البيزنطي، ورد اسم "الصرمان" في الوثائق الصليبية وكانت "الصرمان" واحداً من ثلاثة مواقع وقفية للسلطان "الظاهر بيبرس" في "الجولان" ما يؤكد أن الموقع كان مأهولاً في العصرين الأيوبي والمملوكي، كما وجد في هذا الموقع العديد من الآثار واللقيات النفيسة التي تؤكد الازدهار الذي شهده في مختلف العصور منها كنيسة في حالة جيدة في قمة التل يعتقد أنها من العصر البيزنطي تحمل جدرانها صوراً وزخارف ملونة ومباني رومانية- بيزنطية على الطراز الحوراني استخدمها السكان حتى حزيران من عام 1967م وأبواب حجرية وأحجار منحوتة مزخرفة وسقوف من أحجار الربد و/37/ كتابة كلها باليونانية معظمها على شاهدات قبور، وبعضها على أسكفات عليا من العصر البيزنطي، بالإضافة إلى مغاور قبور في تل "الصرمان" وفي تلي "تاوكش" و"بات كري" المجاورين، تضم كل مغارة عدة كوى وقبوراً من العصر المملوكي وعثر فيها على هاونات وقبضات لهاون من البازلت، وعملات من العصر الهلينستي وحتى العصر البيزنطي والأموي وقطعاً أثرية قديمة تضم تماثيل صغيرة وعربة صغيرة تجرها الخيول مصنوعة من الذهب وقبور دولمن في أراضي القرية ومن مختلف الأنواع وأحجار رحى ومعاصر زيت».

وفي "صرمان" دور ومبان أثرية كثيرة ذات أبواب وأحجار منحوتة ومزخرفة وبعضها مرسوم عليها كتابات يونانية وسقوف من أحجار الربد، تدل على عمران سابق وقد استعمل كثير من هذه الأحجار في إشادة جامع القرية وجامع "القنيطرة"

وتابع "خلف" حديثه في نفس السياق بالقول: «وتنتشر المغاور بشكل لافت للنظر على تل "تاوكش" الذي يقع شمال الموقع بين تل "الصرمان" وتل "القحطانية"، وتمتد هذه المغاور من أسفل هذا التل إلى أعلاه حتى إن بعضهم تحدث عن اتصال هذه المغاور بعضها بالبعض الآخر، وتتألف كل مغارة من باب كبير وثلاثة جدران وسقف وفي كل جدار عدد من الكوى يعتقد أنها بمثابة قبور قديمة دون نفي أن تكون هذه المغاور بيوتاً لأقوام قديمة تحولت لاحقاً إلى مقابر، بالإضافة إلى وجود خربة إلى الشرق من تل "الخريعة" كانت تعرف باسم خربة "الخريعة"، وتبدو هذه الخربة من مخططها أنها كانت تجمعاً بشرياً صغيراً يعود تاريخها إلى بدايات تشكل القرى في "الجولان" وكان للخربة مدخل واحد يقع في الجانب الجنوبي.

الأستاذ "تيسير خلف"

إضافة إلى ما تقدم هناك معلمان أثريان يؤكدان التطور الذي شهده موقع "الصرمان" في العصور القديمة وهما بركتان تعرف الأولى بالبركة الصغيرة وتقع عند الأقدام الشمالية لتل "الصرمان" وتعد البركة الصغيرة بركة اصطناعية أقيمت في إطار مشروع صناعي لإنتاج الفخار على شكل قمع، وتقع إلى الغرب منها مباشرة قطعة أرض ملأى بقطع الفخار، كما تقع إلى شمالها مباشرة بئران استخدمتا لتأمين مياه شرب للعمال والسكان في آن واحد وقد عرفت منطقة "الجولان" صناعة الفخار في وقت مبكر، أما بالنسبة للبركة الكبيرة فهي أيضاً بركة اصطناعية وهي عبارة عن سد تجميعي صغير من أجل تأمين المياه للحيوانات في أيام الحر والجفاف».

أما الأستاذ "عز الدين سطاس" الباحث في تاريخ وجغرافية الجولان وابن قرية "الصرمان" فيقول: «تكثر في أراضي "الصرمان" قبور الدولمن بنوعيه المركب والبسيط وفي هذا دلالة على قدم الاستيطان البشري في أراضي القرية واستمر استيطان الموقع ومحيطه منذ ما قبل التاريخ خلال جميع المراحل اللاحقة حتى تطور الاستيطان فيه إلى مستوى قرية كبيرة في العهد الروماني، وفي تل "الصرمان" عدة مغاور من أشهرها الموجودة في دار المرحوم "رجب طاهر وجوخ" "أبو شوقي" الذي حول هذه المغارة إلى مستودعات خاصة به، بالإضافة إلى وجود مغارة في تل "الصرمان" تقع في منتصف السفح الشمالي للتل وتتميز بحجمها الكبير ويعتقد البعض أن المغارة كانت بمثابة إسطبل كبير للحيوانات ولعل وجود البركة الكبيرة بالقرب من هذه المغارة من دلائل وجود هذه المغارة الإسطبل، كما وجدت بعض المغاور في بستان المرحوم "توفيق يمزقواي تشامخو"».

الأستاذ "عز الدين سطاس"

ويضيف "سطاس":«إن وجود قبور الدولمن ونموذج القرى الأولية في محيط القرية والمغاور في الموقع وجواره والعمران المتطور في الموقع واللقيات المختلفة والكنيسة وقطع النقد المعدنية وصناعة الفخار وأحجار الرحى ومعاصر الزيت وإقامة سد، إن كل هذا يدل دلالة قاطعة على أهمية هذا الموقع ودوره في تاريخ "الجولان" وموروثة الثقافي وعلى قدم الاستيطان البشري في هذا الموقع وتواصله عبر مختلف مراحل التاريخ ويعتقد أن الكثير من حجارة هذا الموقع نقلت إلى مواقع أخرى ولاسيما "القنيطرة" و"عين زيوان" و"القحطانية"».

  • ويقول المرحوم "أحمد وصفي زكريا" في كتابه "الريف السوري" عن موقع "الصرمان": «وفي "صرمان" دور ومبان أثرية كثيرة ذات أبواب وأحجار منحوتة ومزخرفة وبعضها مرسوم عليها كتابات يونانية وسقوف من أحجار الربد، تدل على عمران سابق وقد استعمل كثير من هذه الأحجار في إشادة جامع القرية وجامع "القنيطرة"».
  • والجدير بالذكر بأن قرية "الصرمان" يطلق عليها البعض "العدنانية" في "الجولان" المحتل.

  • أحمد وصفي زكريا – الريف السوري – صفحة /545/.