ضمت مدينة "القنيطرة" قبل احتلالها في عام 1967م العديد من الأحياء العامرة والبيوت التي تميزت بحدائقها المزروعة بالأشجار المتنوعة، بالإضافة إلى أسواقها ومحلاتها التجارية المزدحمة بكافة أنواع المنتجات الزراعية والحيوانية.

موقع eQunaytra التقى الأستاذ "عبد الكريم العمر" رئيس تحرير جريدة "الجولان" وباحث في شؤون "الجولان" ليقدم لنا شرحاً عن الأحياء الموجودة في مدينة "القنيطرة" قبل الاحتلال فقال: «أصبحت مدينة "القنيطرة" مركزاً لمحافظتها منذ عام 1964م وهي أكبر تجمع بشري في المحافظة وقد تطورت وازدهرت بسبب موقعها وهجرة أبناء الريف إليها وتزايد أفراد القوات المسلحة المتواجدين فيها بعد عام 1948م، إلى جانب أعداد هامة من التجار المهاجرين إليها من محافظات القطر الأخرى، فبعد أن كان عدد سكان هذه المدينة لا يتجاوز الألف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث كانت تتبع إدارياً إلى "الشيخ مسكين" أصبحت عام 1893م قضاء تابعاً "لدمشق" وارتفع عدد سكانها إلى ثلاثة آلاف نسمة بعد وصول المهاجرين إليها وفي عام 1958م وصل عدد سكانها إلى /11/ ألفا إلى أن بلغ أوائل الستينيات /37/ ألف نسمة حيث ترافقت هذه الزيادة بتطور اقتصادي وعمراني واجتماعي شهدته هذه المدينة باستمرار.

كان يطلق على هذا الحي شعبياً "حارة الشراكس" أو حارة النواعير نسبة لوجود عدد كبير من النواعير الهوائية الخشبية التي تساعد على خروج الماء وهي صناعة محلية، وكان يتميز هذا الحي بكثرة البساتين والأشجار ويوجد بجانب كل منزل حديقة صغيرة يزرع فيها الأشجار والنباتات المتنوعة، حيث كانت المياه متوافرة بغزارة، وكان يوجد في هذا الحي سوق تجاري يتمثل بدكاكين موزعة على جانبي الطريق، والحياة الاجتماعية يسودها الألفة والمحبة والأخوة في هذا الحي

وكانت "القنيطرة" قبل الاحتلال تتألف من عدة أحياء منها حي "التقدم" الذي يبلغ عدد المساكن الموجودة فيه /1560/ مسكنا وعدد سكانه /9340/ نسمة ويوجد في هذا الحي مبنى مجموعة الكهرباء ومبنى المسلخ البلدي الحديث ومدرسة ابتدائية كبيرة مختلطة تسمى مدرسة "الخنساء" كما يحتوي هذا الحي على /300/ محل تجاري نهب العدو جميع محتوياتها كما نهب جميع مساكنه ودمر الحي بالكامل باستثناء مبنى الكهرباء الذي نهبت معداته أيضاً.

الأستاذ "عبد الكريم العمر"

أما حي "النهضة" فيبلغ عدد مساكنه /850/ مسكنا وعدد سكانه /4675/ نسمة ويحتوي على /120/ محلاً تجارياً نهبت محتوياتها ودمرت مع كافة مساكن الحي حيث حول العدو جبهته الغربية إلى حقل زراعي.

وكان في مدينة "القنيطرة" حي "الجمهورية" أو ما يسمى حي "القبرطاي" ويبلغ عدد سكانه /11500/ نسمة ويوجد في هذا الحي مبنى دار الحكومة والجامع الكبير ومدرسة إناث القنيطرة والأسواق التجارية الرئيسية التي تضم /500/ محل تجاري وكنيسة "البروتستانت" وروضة الأطفال الانجيلية وقد دمرت كافة مساكن الحي والمحلات التجارية ومبنى دار الحكومة الأثري والجامع والمدرسة والكنيسة وروضة الأطفال بعد نهب كافة محتوياتها وبقيت مئذنة الجامع الكبير متصدعة.

جانب من حي "التقدم"

وبالنسبة لحي "الجلاء" أو ما يسمى "الحتقواي" فيبلغ عدد المساكن الموجودة في هذا الحي /997/ مسكنا ويبلغ عدد سكانه /5890/ نسمة، ويوجد فيه مدرسة "خالد بن الوليد" الابتدائية وثانوية "الجولان" الخاصة وحوالي /110/ محلات تجارية نهب العدو كافة المحتويات ودمر الحي تدميراً شاملاً باستثناء مسكن واحد بقي متصدعاً».

وتابع "العمر" حديثه في نفس السياق بالقول: «الحي "الشمالي" ويبلغ عدد سكانه /6300/ نسمة وعدد مساكنه /1050/ مسكنا توجد فيه كنيسة "السيدة للروم الأرثوذكس" وكنيسة "السيدة للروم الكاثوليك" كما يوجد فيه مستشفى "الجولان" الكبير وقد نهب العدو كافة محتويات المساكن الموجودة في هذا الحي مع محتويات المحلات التجارية التي تزيد على /70/ محلاً ثم دمر الحي باستثناء ثمانية بيوت متصدعة كما دمرت السينما والنصب التذكاري وروضة الأطفال الموجودة في هذا الحي.

جانب من الحي "الشمالي"

أما حي "النصر" فيبلغ عدد المساكن الموجودة فيه /710/ مساكن وعدد سكانه /4425/ نسمة ويوجد فيه خزان مياه المدينة المشيد على أعمدة الاسمنت المسلح بارتفاع /27/ متراً وسعة /100/م3 من المياه الصالحة للشرب كما يوجد في هذا الحي نادي الضباط ومدرسة "عمر بن الخطاب" الابتدائية للذكور وسينما "الأندلس" ومدرسة "وكالة الغوث" اللاجئين ومستوصف الإغاثة كما يحتوي هذا الحي على أكثر من /60/ محلاً تجارياً نهبت بكاملها ثم دمرت مع جميع المساكن باستثناء مسكن واحد ترك متصدعاً كما دمر خزان المياه قبل انسحاب العدو بأسبوع واحد ونهبت كافة مضخات المياه الموجودة فيه مع التجهيزات الأخرى وكافة تمديدات شبكة المياه الرئيسية».

الأستاذ "عدنان قبرطاي" باحث في تاريخ الجولان وهو من أبناء حي "القبرطاي" في مدينة "القنيطرة" يقول: «في عام 1870م قامت عائلة القبرطاي الشركسية ببناء حي باسمهم وعملوا جماعياً وفق عاداتهم في بناء بيوتهم المتواضعة مستخدمين المواد الأولية المتوافرة في المنطقة من حجارة بازلتية وطين مجبول ومخلوط بالتبن وقد سقفوا تلك البيوت بعوارض خشبية وفرشوها بالقصب الذي أحضروه من منطقة "الحولة"، وغطوها بالطين المجبول مع التبن ودحلوها بأحجار بازلتية أسطوانية كانوا يسمونها /لود/ باللغة الشركسية لتصبح مقاومة لنفوذ الماء، وكانوا يكررون عملية الدحل في كل سنة عدة مرات.

وكانت هذه البيوت المتواضعة هي بداية بناء مدينة "القنيطرة" بعد الزلزال المدمر الذي أصابها في عام 1759م، بأحيائها الثلاثة حي "القبرطاي"– حي "الحتقواي"– حي "الداغستان" وذلك في عام 1870م، وفي حي "القبرطاي" بنوا مسجداً لهم مع بناء بيوتهم، وسكن حي "القبرطاي" في البداية /58/ عائلة، ورد ذكرهم بالأسماء والتواريخ في الكتاب الذي أصدرته "صفحات مطوية من تاريخ القنيطرة والجولان"».

الصحفي "أندراوس شحادة" من أبناء حي "الجلاء" في مدينة "القنيطرة" تحدث عن هذا الحي بالقول: «كان يطلق على هذا الحي شعبياً "حارة الشراكس" أو حارة النواعير نسبة لوجود عدد كبير من النواعير الهوائية الخشبية التي تساعد على خروج الماء وهي صناعة محلية، وكان يتميز هذا الحي بكثرة البساتين والأشجار ويوجد بجانب كل منزل حديقة صغيرة يزرع فيها الأشجار والنباتات المتنوعة، حيث كانت المياه متوافرة بغزارة، وكان يوجد في هذا الحي سوق تجاري يتمثل بدكاكين موزعة على جانبي الطريق، والحياة الاجتماعية يسودها الألفة والمحبة والأخوة في هذا الحي».