يعد الحصان العربي من أقدم وأنبل وأجمل سلالات الخيول في العالم، فهو من السلالات الخفيفة والرشيقة، ويرجع تاريخه بحسب ما جاء في المصادر التاريخية إلى ما قبل ولادة السيد المسيح. ففي قرية "كودنا" الواقعة إلى الجنوب من محافظة "القنيطرة" والتي تبعد عن مركز المحافظة 25كم، تقع مزرعة "آل نعيم" لتربية الخيول العربية الأصيلة، والتي تضم أكثر من أربعين رأساً منها.

الشيخ "طحان محمود الطحان" الذي التقاه موقع eQunaytra ليحدثنا عن مزرعته وكيف يقوم بالعناية بخيوله فقال: «تبلغ بمساحة مزرعتي 50 دونماً أقوم فيها بتربية أنواع مختلفة من الخيول العربية الأصيلة منها: "الصقلاوية" و"كحيلة عجوز" و"أم عرقوب"، لا يميزها فقط ألوانها وأشكالها وأحجامها، بل بعضها يتميز بجمال الحافر الكبير وغلاظة العظم، وهي عالية أيضا تتميز بالسرعة والرشاقة وخفة الحركة، وحدة الذكاء والوفاء لصاحبها مع سرعة التكيف».

كان للإعلام المحلي في الفترة الأخيرة دور كبير في التعريف بالخيول في منطقتنا والتسويق لها، أما فيما يتعلق بحركة البيع والشراء فهي قليلة ولا تتم إلا كل شهر أو شهرين، فالمشروع مكلف جداً وبنفس الوقت مربح في حالة تم التسويق له بنجاح

وعن نسبها وتسميتها أضاف الشيخ "طحان" قائلا: «من أشهر وأقدم الخيول العربية الأصيلة وأكرمها عند العرب "كحيلة العجوز"، وينسب إليها كثير من المرابط المعروفة، ويتميز هذا الفصيل بمنزلة عالية عند الفرسان العرب وقد سميت هذه السلالة "العجوز" نسبة إلى صاحبها المعروف بالعجوز. أما "الحمدانية" وهي من الخيول التي أثبتت جدارتها في ميادين السباق وحلبات المنافسة، يميزها اللون الرمادي ويمكن أن تراها بألوان أخرى.

كحيلة العجوز و أم العرقوب

"الصقلاوية": تمتاز بجمالها ورشاقتها، وهي أصل قائم بذاته وجاءت تسميتها من صقالة شعرها السابل، أو طريقة حدف رجلها في الهواء وعدوها.

أما "أم عرقوب": يُقال في أحد المعارك قطع عصب الفرس الذي يسمى "عرقوب" ولم تشعر صاحبها بألم أو أنه قطع عصبها حتى تستمر في المعركة، فسميت "أم عرقوب" كدليل قوة التحمل».

ياسين الطحان

ولدى سؤالنا عن عملية ترويض الخيول وكيف تتم، تابع الشيخ "طحان" حديثه قائلاً: «يعتبر نظام تدريب وترويض الخيل فن وعلم ابتدعه الإغريق قديما منذ عام 355 قبل الميلاد، يحتاج إلى الكثير من التمارين التي تمارس كل يوم لتحسين البنية الجسدية للجواد، والمقدرة على الأداء، ولتؤدي إلى هدوئه وتجعله مرناً، حر الحركة، ليناً وواثقاً من نفسه، يقظاً وحريصاً، وهذه أبرز مقومات الجياد الناجحة. وترويض الخيل فن يتوقف نجاحه على ذكاء الفارس والحصان معاً، وأنواعه كثيرة تشمل: قفز السدود وخوض السباقات الخاصة بالجري و تأدية الخطوات والحركات الخاصة بأدب الختل، وهي تحتوي عموما على أكثر من سبعين حركة يقوم بها الحصان ويؤديها بمنتهى البساطة والسلاسة، وتدريب الجواد على هذه العمليات يستمر في الغالب سنة كاملة.

ويتم تدريب الحصان على ما تخصص به لمدة ستة أيام أسبوعياً وذلك لمدة 11 شهراً في السنة، ولا يقتصر تدريبه طوال هذه المدة على ما يتخصص به فقط، وإنما يدرب على جميع التدريبات مع التركيز على تخصصه بشكل مكثف، علما أن التدريبات لا تقتصر على الجواد فقط بل إن هناك ملامح خاصة بالخيّال الذي من المفترض أن يبدأ في تعامله مع الجواد والبدء في تكوين علاقات معه ويتدرب على كيفية الركوب والتعامل معه».

بعد أن قمنا بجولة في مربط خيل "الشيخ طحان" التقينا ابنه "ياسين الطحان" الذي يشرف على تربية الخيول في المزرعة، وعن الاعتناء بها وعن لباس الخيول المتعارف عنه حدثنا بالقول: «يشترك في عملية الاعتناء بالخيل عدة أشخاص هم :"الحداد" وهو من يقوم بتأمين الحديد الخاص بالفرس، من السلسة الحديدية "البيشة" أي "الحذوات" للخيل.

"السايس": وهو من يكلف بالعناية بالخيل وترويضها وتقديم العلف والرعاية الكاملة لها ولا يقوم بهذه المهنة إلا من كان له خبرة كبيرة بالخيول، وهو يضع برنامج التدريب الدقيق لكل فرس وينفذه بنفسه، كما يقدم لها وجباتها في مواعيدها المحددة وبكمياتها المنتظمة.

أما فيما يتعلق بلباس الخيل فهو يتألف من: "السرج" ويصنع من جلود الحيوانات ويحشى باللباد ويزين بخيوط الصوف الملونة، "الرسن": وهو سلسلة معدنية، أو شريط من الصوف المنسوج يحيط برأس الفرس، "الصدر" هو طوق من الجلد أو القماش الحريري أو غيره، يوضع على صدر الفرس للزينة، وله بكل بلد اسمه الخاص به».

وتابع "ياسين"في حديثه عن تغذيه الخيول ومراحلها: «تتغذى الخيول في فصل الربيع على العشب إضافة إلى وجبة علف واحدة، أما في باقي الفصول فغذاؤها عبارة عن 3 وجبات من العلف، وتختلف احتياجات الخيول من الأعلاف بحسب فصائلها، فالخيول ذوات الدم الحار تكون متوسطة الوزن ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من العلف على عكس الخيول ذات الدم البارد، الثقيلة الوزن، فهي تستهلك كميات وفيرة من الأعلاف لأن جهازها الهضمي أكثر اتساعا وحجما من غيرها.

ويختلف أيضا نوع العلف المستخدم لتغذية الخيل فعلى سبيل المثال: "البرسيم" يعتبر من أفضل أنواع العلف للحصان ويفضل تقديمه جافاً. "الجزر" و"الشمندر العلفي" وهي أعلاف صحية ومفيدة وسهلة الهضم ولذيذة المذاق وتستسيغها الخيول وتقبل عليها بنهم.

"العشب الأخضر" يشكل لدى توافره العلف الأساسي في تغذية الخيول في فصل الربيع، "الشعير" الذي يعطي الخيل طاقة كبيرة ويستخدم عادة منقوعاً في ماء للحصول على أكبر قدر من الاستفادة. و"فول الصويا" هو من أغنى أنواع الحبوب بالبروتين و"بذور الكتان" لها تأثير مفيد على القناة الهضمية كما أنها تكسب جلد الخيل لمعانا وبريقا. التبن وهو من مواد العلف التي تملأ البطن مثلها مثل الفول والشعير وتبن القمح الذي يسمى محليا "الشوار"».

وعن صفات الحصان العربي الأصيل أضاف السيد "ياسين": «يمتاز الحصان العربي بصفات الجمال والشجاعة وله خمس عائلات عرفت عند العرب، كل عائلة تمتاز بصفة تميزت بها عن الغير وتجتمع كل العائلات الخمس في صفة موحدة وهي أن قدرة حمل الأكسجين في كريات الدم لديه أكثر من غيره من الخيول الأخرى، وكما عرف عنه حدة الذكاء ومعرفة صاحبه وحفاظه على سلامته، ورشاقته وخفة حركته، ما يزيد من مهارة المحارب فوقه، وحرص القادة على اقتنائه، ومن ثم تم تهجينه مع خيول أوروبا فنتج عنه خيول السباق التي نراها اليوم، ومن الملاحظ على خيول السباق سرعة إصابتها في أوتار القوائم، وعند الأمهار تحت سن خمس سنوات حدوث التهاب وكسور ميكروسكوبية في الجهة الأمامية لعظمة الساق الأمامية "عظمة المدافع" والمتعارف عليه بـ"الشرشرة"، مع قلة الإصابات في الخيول الأصيلة التي لم تهجن.

وكلمة أصيل يعتقد البعض أنها تطلق على الخيل العربية فقط وهي تطلق على جميع الخيول التي تحتفظ بصفات سلالتها دون مخالطة، أما من الناحية الصحية فخيلنا في هذه المنطقة النظيفة بجوها وهوائها وبيئتها عموماً قليلة الأمراض، إلا من بعض المغص الذي يصيب الخيل أو التهابات جروح في الحالات الطارئة ونحن نستدعي الطبيب البيطري عند الضرورة، وتكون الولادة بحالة جيدة إذ نعمد إلى مشي الفرس المستمر يومياً من 25-35 كم مما يساعد على الولادة سهلة».

أما عن عملية تسويق الخيل وكيف تتم تحدث السيد "ياسين": «كان للإعلام المحلي في الفترة الأخيرة دور كبير في التعريف بالخيول في منطقتنا والتسويق لها، أما فيما يتعلق بحركة البيع والشراء فهي قليلة ولا تتم إلا كل شهر أو شهرين، فالمشروع مكلف جداً وبنفس الوقت مربح في حالة تم التسويق له بنجاح».