«باتت الدروس الخصوصية ظاهرة تستنزف ميزانية الأسرة، ويكثر الحديث عنها في هذه الفترة من السنه، لآثارها السلبية والتي من أبرزها تسليع العملية التعليمية».

بحسب كلام السيد "صقر ابو دقة" أستاذ المعلوماتية في مدارس "سعسع" في حديث لموقع eQunaytra والذي اضاف: «تم حصر الدروس الخصوصية، كسلعة تجارية تخضع للعرض والطلب، والبيع والشراء. ورغم أن هذه الدروس الخصوصية، أصبحت حاجة نفسية بحتة لدى البعض، إلا أن هناك هجوماً معاكسا عليها من قبل البعض الآخر. فلماذا أضحت بديلاً مما يعطى في المدارس العامة؟. ولماذا يلجا معظم الطلاب الى هذه الدروس هل حقاً هي الحل الأنسب والأسهل للنجاح؟.

الصفوف في المدرسة مزدحمة باعداد الطالبات، وبالتالي هناك لا يستطيع المعلم إعطاء الدرس بالشكل الأنسب. فالدرس الخصوصي والذي بات يفضله الكثير من الطلاب، بات يفضله الكثير من الطلبة، خاصة وأن الطالب عندما يكون وحده وبمفرده، يستطيع أن يحصل على المعلومة التي يريد ودون تشويش من احد

أنا مع فكرة الدروس الخصوصية، إذا كان الطالب يجد نفسه بحاجة لذلك من اجل تقوية مقدراته العلمية في بعض المواد، بشرط ألا يضع الطالب كل آماله على فكرة أن الدروس الخصوصية يمكن أن تعوض له كل شيء وتفتح أمامه أبواب الكليات التي يحلم بها».

ابراهيم السعيد

"فداء صالح" طالب في الثانوي العامة الفرع العلمي يقول: «بصراحة أنا اذهب الى المدرسة، ولا استفيد إلا القليل في بعض المواد العلمية مثل الرياضيات، لعدم وجود مدرس جيد للمادة، الأمر الذي دفعني الى الذهاب الى احد مدرسي مادة الرياضيات في القرية، واخذ عنده بعض الساعات الخصوصية، من اجل تقويتي في المادة، خصوصاً وأن الطالب المجد يبحث عن العلامة التي تمكنه من التسجيل في الكلية التي يريدها».

من جهته أشارت الطالبة "رشا الطويل" الى أنها اضطرت للتسجيل في معهد "الباسل" في بلدة "خان أرنبه" وتضيف: «الصفوف في المدرسة مزدحمة باعداد الطالبات، وبالتالي هناك لا يستطيع المعلم إعطاء الدرس بالشكل الأنسب. فالدرس الخصوصي والذي بات يفضله الكثير من الطلاب، بات يفضله الكثير من الطلبة، خاصة وأن الطالب عندما يكون وحده وبمفرده، يستطيع أن يحصل على المعلومة التي يريد ودون تشويش من احد».

ميساء وهبه

"شذى زيتون" الطالبة في الفرع الأدبي تشير الى أنها لا تفضل الدروس الخصوصية، لكونها مكلفة للأهل. وأنا ارفض الدروس الخصوصية، وارى أن بعض الطلاب يذهبون لمثل هذه الدروس إما لأنهم مقصرون، او فاقدوا الثقة بأنفسهم.

فهذه الدروس باتت داء يتفشى في المجتمع، وعلى الجهات المعنية إيجاد حلول سريعة لهذه الظاهرة، والتي في بعض الحيان تكون للتباهي على رفاقهم الطلاب في الصف. فاعتماد الطالب على ذاته، مع القليل من التركيز، كفيلان بالتخلي عن فكرة الدروس الخصوصية، وتحقيق النجاح الذي يريد».

الطالبة رشا وبعض الطلاب

الأستاذ "إبراهيم السعيد" الموجه التربوي لمادة اللغة العربية- رئيس المجمع التربوي في تربية "القنيطرة" يقول: «الأهل الذين يكتوون بنار الدروس الخصوصية، يؤكدون أنهم يسعون لإرضاء ضمائرهم تجاه أولادهم، وعدم التقصير معهم إذا طلبوا المساعدة في دروسهم،مهما كانت التكلفة المادية لهذا الدرس. المشكلة يجب أن تناقش من كافة الجوانب المتعلقة بالعملية التربوية، ابتداء من الطالب وصولا الى المدرسة والمدرس والمنهاج، لنصل بالنهاية الى معدلات القبول الجامعي، والتي أصبحت تتوقف طموحات الطالب ورغبته في الدخول الى الكلية التي يريدها، تتوقف في كثير من الأحيان على درجة او درجتين، وبالتالي يجد الأهل والطالب نفسه أمام موقف لا يحسدون عليه».

الأستاذ "ثائر وهبه" أستاذ التربية وعلم النفس، يشير الى أن مسألة الدروس الخصوصية، ظاهرة نفسية أكثر منها ظاهرة تعليمية. حيث إن هناك العديد من الأسباب المؤدية الى إليها، فربما يكون لأهل هم المحرضون للأبناء على الدروس الخصوصية، وربما عامل الغيرة بين الطلاب والأصدقاء يكون احد هذه أسباب تفشي هذه الظاهرة. لكون احد الأصدقاء يحصل على دروس خصوصية، فيلجأ الى التقليد بالحصول على الدروس الخصوصية، بلا ضرورة إنما لمجرد المشاركة مع الأصدقاء وكأنها نزهة قصيرة، اضافة الى أن الطلاب المتفوقون ولكن يحتاجون الى بعض الدروس الخصوصية لتدعيم قدراتهم العلمية، سعيا منهم للحصول على معدلات عالية تمكنهم من تحقيق طموحاتهم العلمية».

على الجانب الآخر من الضفة يدافع الأساتذة عن أنفسهم، إزاء ما يوجه إليهم. الآنسة "ميساء وهبه" تؤكد أنها ترفض إعطاء الدروس الخصوصية، لقناعة ذاتية رغم أنها ظاهرة لن تلغى، بل ستستمر مادامت تجد الإغراءات المادية التي يصعب مقاومتها لدى الكثيرين. وهي تميل الى إقامة دورات تقوية، في مادة اللغة الأجنبية أثناء العطلة الصيفية، لطلاب التعليم الأساسي حلقة أولى، لأنها مادة جديدة على المنهاج، والطلاب بحاجة الى وقت إضافي ليتمكنوا من هضم منهاج اللغة الانكليزية المكثف، وهي تقيم هذه الدورات مقابل مبلغ رمزي من المال لا يتجاوز 200 ليرة سورية للطلاب الواحد ومدة الدورة ثلاثة أسابيع، الهدف ليس دائما المادة، بل مصلحة التلاميذ وفائدتهم العلمية.

في حين أرجع الكثيرون من الأساتذة تفشي هذه الظاهرة لأسباب كثيرة، منها خاص وآخر عام. حيث الخاص مرده الى ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية، حيث لم يعد الراتب يكفي لتغطية مصاريف المنزل، ما يضطرهم الى اللجوء لإعطاء الدروس الخصوصية، بعد انتهاء الدوام الرسمي، من دون التقصير بواجبهم التعليمي في المدارس الحكومية.

حالة من التأهب القصوى بدأت تجتاح بعض الأسر في المنطقة، لاستقبال امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي التي باتت على الأبواب.

وبحسب كلام السيدة "غالية علي" مضيفة: «أساتذة الدروس الخصوصية اسعد حالا هذه الأيام بانتعاش موسمهم السنوي، الذي بات يخضع لحجوزات مسبقة، موسم ادخل أولياء الأمور في دوامة البحث عن هذه مصاريف هذه الدروس. التي باتت تستنزف حيزا لا بأس به من ميزانية الأسرة. فتجد الأهل أمام خيارين لا ثالث لهما أما الخضوع لرغبات أبنائهم في تأمين مدرس خصوصي، وإما عليهم أن يتحملوا عواقب السيئة لفشل أولادهم مع صدور النتائج».

"محمد عامر" والد لطالبة في الشهادة الثانوية يقول: «إن الدروس الخصوصية استنزاف واضح للإمكانات المادية للأهل، ولكننا لا نستطيع فعل شيء إزاء ذلك، وليس أمامنا سوى خيار تلبية رغبة الأبناء، فهي بالنسبة لهم السبيل لتحصيل درجات أكثر وذلك رغم عدم قناعتي بالدروس الخصوصية. حيث يقع الطالب في كثير من الأحيان، قد يضيع مستقبل الطالب على علامة واحدة، خاصة ان كان يحلم بكلية مرموقة تزداد معدلات القبول فيها عاما بعد عام. ولأني مع ذلك فانا مستعد لتقديم الغالي والرخيص لابنتي، في حال طلبت مني الانتساب الى احد المعاهد التعليمية، ذات المستوى التعليمي والسمعة الحسنة، لتقوية نفسها في بعض المواد التي تشعر بأنها بحاجة لذلك. فالطالب يتعب طوال السنوات الماضية وخلال مراحل تعلمه، ليصل الى الصف الثالث الثانوي، الذي يتوقف تقرير مصيره ومستقبله، المعدل النهائي للدرجات التي يحصل عليها».