«هنا ترافقك جداول المياه على طول خط سيرك، في ارض تحيط فيها الأشجار بالأنهار، وتتدلى الأوراق على سطح مياه النهر لتظلله وتحجبه عن الأعين».

الكلام للأستاذ "نواف راضي" احد الأشخاص المستثمرين على نبع تل "السيوف" في قرية "المقروصة" في حديث لموقع eQunaytra يوم الجمعة12/12/2008، مضيفاً: «تاريخ هذه البقعة الطيبة من الأرض، يمكن قراءته صفحة تلو أخرى، تحكيها السهول والجداول والأشجار والطبيعة الخلابة، التي تتميز بها القرية. حيث تتوزع الأنهار والينابيع في معظم أرجاء الأرض، مشكلة لوحة خضراء لمواسم زراعية لا تنتهي، لا تعرف شتاء ولا صيفاً. صفحات من العمل والكد يقضيها إنسان القرية، بحثا عن رزقه وقوت عياله، كيف لا وقد منّ الله على قريتنا بهذه النعم الوفيرة من الينابيع والأنهار والسهول، التي تمتد على طول النظر، تحكي قصص الناس اللذين سكنوا هذه البقعة من الأرض، ورسموا فيها بمعاولهم وجراراتهم قصصاً وحكايا، تحفر عميقاً في سهول قرية "المقروصة"؟.

نظرا الى انتشار المياه والأشجار والزراعات الفصلية طوال العام، فقد انتشرت تربية الأبقار وتسمين العجول وتربيع الأغنام والنحل، ما جعل القرية من أكثر القرى إنتاجا للحليب والألبان والعسل المكفول، إضافة الى وجود مسمكة لتربية الأسماك وهي من الأنواع الجيدة، تشرب القرية من مياه نبع "تل السيوف"، ونظر لموقع القرية الذي يتوسط بين قرى وبلدات "ريف دمشق والقنيطرة" فقد تم بناء معصرة "الحرمون" لإنتاج زيت الزيتون

تتربع قرية "المقروصة" على سهول منبسطة، بمحاذاة "جبل الشيخ. وهنا لا بد من سرد المرجع التاريخي والاجتماعي، لسكان "المقروصة" البالغ تعدادهم حوالي 1300 نسمة، الذين يعيشون في جو من التآخي الديني والتراحم الاجتماعي، وصلة القربى، ومن عائلات القرية، "طليعة- صقر- ابودقة- عبد الحي- الحلبي" وغيرهم. والمدهش في الأمر أن أغلبية سكان القرية، قد جاؤوا من قرى وبلدات أخرى وسكنوا في القرية منذ عشرات السنين. على سبيل المثال عائلة "طليعة" قدمت من قرية "خربة السوداء" أما عائلات "الحلبي- ابودقة" فقد جاءت من قرية "حرفا" في حين قدمت عائلات "عبد الحي" من قرية "الحلس". هذا التنوع في البلدان أضاف الى الأهالي نوعاً من التواصل الاجتماعي، بحيث لا يمكن للمرء أن يصدق أن كل عائلة جاءت من بلد. ناهيك عن انتشار العديد من أبناء القرية في بلدات "الاشرفية- قطنا- خربة السوداء" إضافة إلى تواجد الكثيرين منهم في بلاد الاغتراب، في "الولايات المتحدة الاميركية- الإمارات العربية المتحدة- قطر- ليبيا"، ومن الجدير ذكره هنا أن احد شباب القرية ويدعى "محمود طليعة" وهو مهندس إلكترون يعمل في وكالة "ناسا" الاميركية لبحوث الفضاء. ولا بد من إطلالة على تعاقب السكان، في هذه البقعة من الأرض، كمؤشر على المقدار الذي كانت تتمتع به من نقاط جذب، إن كان من ناحية الموقع، ووفرة المياه، وصلاحية الأرض للزراعة، حيث يوجد في القرية، عدة ينابيع منها "المسيل- الطماثية- السيوف- عين علي- مسيل الكبريت" ومعظمها ذات غزارة كبيرة، تتميز بجريانها على مدار أيام السنة.

نواف راضي

  • نبع "الطماثية" يقع الى الجهة الشمالية للقرية، ويعد بوابة القرية السياحية، فقد أقيم عليه العديد من المنتزهات والمقاصف للاستثمار السياحي الصيفي، كما أقيم الى الجوار من النبع مسمكة لتربية الأسماك النهرية، ومن المنتزهات والمقاصف، منتزه "جبل الشيخ" ومقصف "نهر الأعوج". تتفجر مياه النبع من جوف الصخر، من قلب مغارة، لتغور مرة أخرى تحت الأرض وتتفجر في مكان ثان، ومن ثم تغور مرة ثانية تحت الأرض، لتظهر مرة أخرى، مشكلة بحيرات صغيرة عند كل ظهور لها فوق سطح الأرض.

  • نبع "تل السيوف" يوجد الى الشمال الشرقي من القرية، ينبع من قلب الصخر، وسط الأراضي الزراعية الخصبة، ويلتقي بنهر "الطماثية" ليشكلا معاً اكبر الروافد المائية لنهر "الأعوج". وقد أقمت مشروع سياحي عبارة عن منتزه "تل السيوف" على مجرى النبع.

  • نبع "المسيل" وهو من الينابيع التي تسيل في فصلي الشتاء والربيع وتخف مياه مع نهاية فصل الصيف.

  • نبع "مسيل الكبريت" تتميز مياه النبع بأنها مياه معدنية كبريتية، يستخدمها الناس لمعالجة بعض الأمراض إضافة الى ري بعض المساحات الزراعية من الأراضي المحيطة بالنبع.

  • وعن سبب تسمية القرية فمرد الأمر الى انتشار الحشرات القارصة، وهي من النوع غير السام، ومن المعروف أن "القرص" ينتشر في المناطق التي تكثر فيها المياه والأشجار».

    منتزه تل السيوف

    السيد "أكرم عبد الحي" رئيس الجمعية الفلاحية في قرية "المقروصة" يتحدث عن حدود القرية فيقول: «تتوزع أراضي القرية على مساحة كبيرة من الأرض، فيحدها من الشرق سهول وأراضي بلدة "سعسع"، ومن الغرب قرية "حرفا ، ويجاورها من الجنوب بلدة "دورين- حسنو"، أما من الشمال فتجاورها قرية "مغر المير".

    يوجد في القرية مدرسة ابتدائية، عمرها عشرات السنين، إضافة إلى العديد من أماكن العبادة، والكهوف والمغاور التي سكنها الإنسان في العصور الأولى. وتشتهر القرية بالزراعة، وتأتي شجرة التفاح والزيتون في مقدمة الزراعات، واليوم تشهد القرية انتشار زراعة الأشجار المثمرة، مثل الإجاص والخوخ، إضافة الى انتشار الزراعات الموسمية مثل الخس والجزر والفجل والملفوف والخيار والبندورة. وتعمل الجمعية الفلاحية في القرية بالتعاون مع رابطة "قطنا" الفلاحية، في تأمين السماد الكيماوي والبذار المحسن للإخوة المواطنين، عن طريق تمويلهم بقروض من المصرف الزراعي، لمساعدة الإخوة الفلاحين في تأمين متطلبات أعمالهم الزراعية، إضافة الى شراء جرارات زراعية وأدوية بيطرية وزراعية. انتشرت في السنوات العشر الأخيرة في القرية، تربية الأبقار الحلوب، وتربية النحل على المواسم التي لا تنقطع طوال فصول السنة، كما تعد القرية احدى أهم القرى السياحية ، لتي يرتادها السياح والمصطافون والإخوة المواطنين من كافة مناطق القطر، والزائر للقرية في أيام الربيع والصيف، يكاد لا يجد مكاناً او متسعاً للجلوس فيه، والتمتع بمناظر الطبيعة والمياه العذبة، وتقدر مساحة الأراضي الزراعية في القرية نحو 5000 دونم مروية».

    نهر الطماثية

    وبالعودة إلى تلك اللوحة الخضراء الجميلة التي رسمها أبناء "المقروصة" يقول الدكتور "سلمان طليعة" وهو طبيب بيطري: «نظرا الى انتشار المياه والأشجار والزراعات الفصلية طوال العام، فقد انتشرت تربية الأبقار وتسمين العجول وتربيع الأغنام والنحل، ما جعل القرية من أكثر القرى إنتاجا للحليب والألبان والعسل المكفول، إضافة الى وجود مسمكة لتربية الأسماك وهي من الأنواع الجيدة، تشرب القرية من مياه نبع "تل السيوف"، ونظر لموقع القرية الذي يتوسط بين قرى وبلدات "ريف دمشق والقنيطرة" فقد تم بناء معصرة "الحرمون" لإنتاج زيت الزيتون».