تعدُّ "النقرة" ذات أهمية استراتيجية في "الجولان" العربي السوري، وتتنوع طبيعتها بين جبلٍ وسهلٍ ووادٍ وبحيراتٍ ومناخٍ مناسب، وهي أشبه بمحميةٍ طبيعيةٍ ومنطقةٍ سيّاحةٍ متنوّعة، يخترقها تل "الفرس" شامخاً وسط السهل الواسع.

الباحث في تاريخ وتراث الجولان "محمود مفلح البكر" في حديثه لمدوّنةِ وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2020، قال عن الموقع: «ينحدر تل "الفرس" شرقاً مسافة 3 كيلو مترات ليشكل وادي "الرقاد" بطول 200-250 متر، وعرض 100-150 متراً، ويتميز بارتفاعه الذي يبلغ 927 متراً، ويمتد من وادي "اليرموك" وحتى جبل "الشيخ"، ومن بحيرة "طبرية" إلى وادي "الرقاد"، حيث وصفت هذه المنطقة شعبياً بـ"النقرة".

عرف موقع تل "الفرس" كمحطة على الطريق الواصل بين "طبرية" و"دمشق"، وهو بالنسبة لكل من زاره أو حل بين أحضانه جنة حقيقية على الأرض، وفي تل "الفرس" تستطيع استنشاق التاريخ وملامسة الجغرافية واستحضار أغنيات تجار القوافل المارة من وإلى "فلسطين"، وحكايات المسافرين، وآهات العاشقين

تعود هذه التسمية لوجود انهدامات عميقة تحيط فيها من أغلب جهاتها كوادي "الأردن"، ووادي "اليرموك"، ووادي "الرقاد"، وكأنها أرض حفرت في هذا الموضع حفراً لتكون أشبه بالجزيرة، ونظراً لوفرة أمطارها وعذوبة ينابيعها وجودة مراعيها وتنوعها وجودة إنتاج الحبوب فيها كالقمح والذرة والحمص والشعير، كان القدامى يقولون (النقرة ما تمحل)، إذ كانوا يمضون فيها أشهر الصيف والخريف، وقد استقر في هذه المنطقة قسم كبير من الزائرين والباحثين عن الماء والكلأ وانخرطوا مع سكان المنطقة.

"محمود مفلح البكر"

وقد كان على التل ضريح لأحد الأولياء الصالحين القدامى، الأمر الذي أعطى التل بعداً دينياً جعله مزاراً هاماً يتوافد إليه الناس يحلون خصوماتهم ويتم التراضي بينهم، ويوفون بنذورهم حيث تذبح الخراف والأبقار والإبل، وكان يوزع لحمها على الحاضرين والقاطنين وعابري السبيل، ويترك قسم من اللحم لتتغذى به الوحوش الهائمة ليلاً، وفي ذلك لفتة إنسانية تجاه الحيوانات البرية بما فيها الوحوش المفترسة، ولهذا كان تل "الفرس" يحمل رمزية دينية ومعنوية، ولاحقاً عسكرية واستراتيجية على مختلف المراحل، ومع كل الأقوام التي سكنته واستولت عليه».

وأضاف "البكر": «عرف موقع تل "الفرس" كمحطة على الطريق الواصل بين "طبرية" و"دمشق"، وهو بالنسبة لكل من زاره أو حل بين أحضانه جنة حقيقية على الأرض، وفي تل "الفرس" تستطيع استنشاق التاريخ وملامسة الجغرافية واستحضار أغنيات تجار القوافل المارة من وإلى "فلسطين"، وحكايات المسافرين، وآهات العاشقين».

تل "الفرس" من جهة قرية "الرفيد"

أما عن الآثار الموجودة فيه يقول أمين متحف الآثار الكلاسيكية في المتحف الوطني بـ"دمشق" سابقاً وابن "الجولان" "قاسم محمد المحمد": «في عام 1932 احضر إلى المتحف الوطني في "دمشق" نحت نافر من البازلت لرأس "ميدوزا" من تل "الفرس"، حيث إن رؤوس "ميدوزا" رمز واسع الانتشار في المنطقة اليونانية الرومانية وفي المستعمرات الشرقية، كما أن رأس "ميدوزا" أو الفورغونيون قد أعطى حماية كبيرة متميزة كنموذج رمزي لتجنب الشيطان من قبل الأشخاص أو الأبنية».

وقد ورد في كتاب "المرجع في الجولان" أن منطقة تل "الفرس" كانت من أفضل المناطق لتربية الخيول في العهدين المملوكي والعثماني.

تل "الفرس" على خريطة "الجولان" العربي السوري

الجير بالذكر أنّ لتل "الفرس" ذكريات في الأغاني التراثية الجولانية منها:

يا حسيرة قلبي على الجولان تل الفرس واقف قبالي من شرقي تل الفرس ضيعت أنا ولفي

يا حسرتي يا هلي عل دار مين أنا ألفي دق الحنك باربعة و دق الصدر يألفي

حراج عليشتري البوسة بألف و مية