باحتفال شعبي ولا أروع انطلقت احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، وسط جو خيالي تحولت معه ساحة الامويين إلى كرنفال لم تشهده سورية ولا المنطقة.

ومع الألعاب النارية بدأت سماء دمشق تطلق صوراً وألعاباً بهلوانية رافقتها ألعاب نارية من قمة قاسيون فأنار المكان وصفقت الأيدي.

قبل الموعد بكثير تجمهر الدمشقيون حاملين معهم الكثير من الأحلام جاؤوا من كل مكان ليعيشوا العرس، لأنهم هم العيد وهم الاحتفالية.

احتفال لامثيل له

منذ الرابعة من بعد الظهر امتلأت الساحة بأهل الشام الذين تابعوا عن كثب التحضيرات الأخيرة للحدث المنتظر، وكما وعدت من قبل الدكتورة حنان قصاب حسن فإن الحفل الشعبي الذي يتم بالتعاون مع شركة MEDIA VEGEN الايطالية سيكون مشوقاً ويليق بدمشق المدينة الأعرق تاريخياً.

بدأت الاحتفالية بعروض لفرق شعبية فولكلورية تقدم رقصات وأغنيات من تراث بلاد الشام وأطلقت المناطيد التي تحمل العلم العربي السوري وألوان زاهية تعبر عن الفرح إيذانا ببدء الاحتفال الشعبي فيما كانت مكبرات الصوت تبث أغنيات وطنية وقومية.

وتوزعت في الساحة هياكل فنية وكرات كبيرة تعبر عن ألوان الحضارة السورية عبر التاريخ ومنها سفينة فنيقية تحاكي السفن التي جابت البحار لتنقل العلم والمعرفة إلى جانب السلع والفكر والفنون، ومجسم كبير للجامع الأموي الكبير، وللوردة الشامية ، والبيت الدمشقي القديم إضافة إلى كرات شفافة عملاقة تحرك في داخلها راقصون وراقصات تدور في أرجاء ساحة الاحتفال.

وعلى الحبال المعلقة فوق المشاهدين كانت فرق فنية تعرض ألعابا بهلوانية ورقصات معبرة عن تاريخ سورية وبلاد الشام على وقع أنغام شعبية تراثية معروفة. فيما عرضت شاشة عملاقة مشاهد للطبيعة في مختلف أنحاء سورية رقصت في محاذاتها مجموعة من الشبان والشابات رقصات معبرة مع استمرار تجول العراضات وفرق الأحياء الشعبية بمبادرات ذاتية أرجاء الساحة.

ونثرت فتيات سوريات أوراق الورد على الجمهور المحتشد وهن يرقصن على هياكل معدنية سيارة ارتفاعها ثلاثة أمتار ويرتدين فساتين طويلة وعريضة مصنوعة من المعادن أيضا وتغطي هذه الهياكل التي تتجول حول الساحة.

واستمر اطلاق عشرات المناطيد مترافقة مع العروض كافة بينما استمرت الألعاب النارية كفواصل بين الفقرات الفنية المتنوعة لتطلق في النهاية رشقات غزيرة أنارت ليل دمشق وأمدته بالدفء مع برودة الجو لتتحول في نهاية الاحتفال إلى مهرجان متنوع الأشكال والألوان.

فرح أهل الشام بعروسهم الجميلة

لا يكون للاحتفالية طعمها إن لم يكن أهل الدار يعيشون العرس، والبارحة كانت الدمشقيون على موعد مع الفرح، صفقوا، وغنوا، ورقصوا، وتاهت عيونهم في سماء المدينة.

الاسرة الدمشقية كانت كلها البارحة في مسرح الاحتفالية، الصغار والكبار، جاؤوا ليؤكدوا بأن دمشق ليست لعام فقط بل هي كانت وستبقى دائماً أرض الفرح والثقافة والعرس الحقيقي.

يقول عبد الكريم مهنا جئت مع عائلتي لأن دمشق هي مدينتي وأحب أن أعيش عرسها، ولم أتوقع أن يكون الحفل بهذه الأبهة والزهو، أما السيدة آمال فعبرت عن فرحها الكبير وقالت أن الكلمات لا تعبر عن الانفعال الحقيقي فالاحتفالية رائعة والأروع منها سماء دمشق لأنها دائماً تحمل البهجة والحياة لأهلها.

أما خالد الذي جاء من حمص ليعيش عن قرب الفرح الدمشقي فقال " بأنه ليس غريباً على دمشق أ، تكون عاصمة للثقافة العربية فهي العاصمة التاريخية والمدينة الأعرق في العالم، وهي تستحق أن تكون عروساً كل عام.

وعلى مدى أكثر من ساعتين عاش الدمشقيون مشاهد من الخيال، وكانت كاميراتهم تسجل هذه اللحظات بالصوت والصورة وبدقات القلوب، والكثيرون ممن عاشوا الامسية سواء في مسرح الاحتفالية أو من على شاشة التليفزيون أو أثير الإذاعة سيذكرون طويلاً هذا الاحتفال.

وبعد أن اختتم العرس الدمشقي فعالياته تحدثت الدكتورة حنان  قصاب حسن مديرة الاحتفالية معبرة عن الفرح بقولها " بدأت الاحتفالية بالفرح لكل المواطنين السوريين وهو ما يشكل الخط العريض للاحتفالية ، والتي نريد لها أن نكسب جمهور جديد للثقافة عبر فعاليات موجهة لكل الشرائح على مدار العام ، وستقدم الاحتفالية رسالة دمشق الحضارية والثقافية واثبات لقدرتها على احتضان ثقافة على مستوى عالمي واستقبال أكبر الفعاليات "

يذكر أن الافتتاح الرسمي لدمشق عاصمة الثقافة العربية سيقام في دار الأسد للثقافة والفنون في التاسع عشر من الشهر الجاري وتستمر النشاطات التي تتضمن معارض فنية وعروض مسرحية وسينمائية وأمسيات فكرية وشعرية وموسيقة وإصدارات دوريات وكتب ونشرات طوال العام