استطاعت "سورية" العمل على إصدار طوابع بريدية مطبوعة بصور لحرف تقليدية بكافة أشكالها وأنواعها، حيث رأت أن الحرف التقليدية تراث لا بد من توثيقه لخصوصيته وتميزه في مدنها.

وحول أهمية استخدام الطوابع البريدية في حفظ التراث والحرف التقليدية يقول الأستاذ "محمد فياض الفياض" الباحث في التراث الشعبي، وأمين تحرير مجلة "الحرفيون" التي تصدر عن الاتحاد العام للحرفيين لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 نيسان 2014: «تعدّ الطوابع البريدية إحدى الوسائل المهمة في توثيق التراث والحرف التقليدية، ولدورها في التركيز على التراث نقطة مهمة في حياة الشعوب، حيث إن الطابع البريدي بصوره المتعددة يجسد فجر عصر ثقافي جديد للعالمين العربي والإسلامي، عصر شهد تغيرات جذرية في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية نتيجة تصاهر الحضارات وما أفرزته العلاقات بين شعوب المعمورة من صور ثقافية متعددة، وعندما نرى طابعاً عليه صورة تمثل حرفاً تقليدية معينة فهي موثقة بالتاريخ واسم الدولة التي قامت بإصداره، فهذا بحد ذاته توثيق للحرف التقليدية والحفاظ عليها من خلال هذا الطابع الذي يستخدم في الرسائل البريدية وبعض المعاملات الحرفية والرسمية».

إن تراثنا السوري من حقه أن يوثق مع مبدعيه، وإن إصدار طوابع بريدية تذكارية لتخليد تراثنا وأعلامه واجب وطني لهذا التراث العظيم ولمن نذر حياته لخدمة هذا التراث الذي نعشقه جميعاً ونسعى إلى تدوينه في ذاكرة أجيالنا لحمل راية التراث للأجيال القادمة

وأضاف: «الطوابع البريدية هي نتاج المجتمعات الراقية، وقد تحمل هذه الطوابع التذكارية سمات مهمة من حياة هذه المجتمعات، حيث إن بعض الحكومات اهتمت بهذا القطاع الغني بمفرداته المتعددة وجوانبه الثقافية المشرقة، وجسدت هذا الاهتمام بإصدار بعض الطوابع البريدية التي تحمل نشاطات حرفية غاية في الجمال والإتقان والروعة، ومن أمثال هذه الحرف صناعة الفخار لكونه النشاط التقليدي الأقدم الذي عرفته البشرية في عصورها المختلفة، وإن كان هذا النشاط قد تطور مع الزمن ليظهر فناً جديداً أرقى بكثير من فن الفخار ألا وهو الخزف التقليدي المزجج والمحلى؛ ولهذا حظيت حرفة الخزف بالنصيب الأكبر من الاهتمام ضمن الطوابع البريدية في دول متعددة، وهذه الطوابع ركزت على بيئات محددة من عمر الشعوب. وأفضل هذه الطوابع وأجملها ما صدر عن دول ذات عراقة في الإبداع الحرفي، كما حظيت الصناعات النسيجية المختلفة بحيز من هذا الاهتمام، وعالمنا العربي والإسلامي غني بصناعة النسيج اليدوي وتنفرد بعض البلدان بصناعة أنواع من الأنسجة التقليدية ذات الشهرة العالمية؛ حيث تم إصدار العديد من الطوابع البريدية التي حملت أنشطة حرفية في مجال النسيج على النول اليدوي وصناعة الزجاج اليدوي، إضافة إلى بعض الطوابع البريدية التي ركزت على الأزياء الشعبية لسائر البيئات».

الأستاذ "محمد فياض الفياض"

وعن أهم الطوابع التي صدرت يقول: «"سورية" ركزت على إصدار مجموعات نادرة من الطوابع البريدية الرائعة التي توشحت بأنشطة مختلفة لحرفنا التقليدية؛ إذ كان معرض دمشق الدولي الذي يعد من أهم الأنشطة الاقتصادية يركز في دوراته المتعاقبة قديماً وحديثاً على إبراز الحرف التقليدية لكونها تعد المخزون الثقافي المهم للشعوب، ولهذا تم إصدار بعض الطوابع البريدية التي حملت أنشطة هذه التظاهرات الاقتصادية، وكانت معبرة عن فترات مهمة من حياة مجتمعنا السوري، ويعد "ناظم الجعفري" رائد المدرسة الواقعية الانطباعية أول مصمم للطوابع البريدية في "سورية"، وهناك بعض إصدارات من الطوابع البريدية في "سورية" اهتمت بقضايا التراث وتميزت بترف فني؛ حيث ركزت على اللباس الشعبي التقليدي وما يحمله هذا اللباس من دلالات ثقافية وأسطورية.

وهناك العديد من الطوابع البريدية النادرة التي ركزت في فترات سابقة بما تحمله من إشارات ورموز ودلالات على الأنشطة الثقافية، ومنها ما يركز على الأماكن السياحية والشخصيات السياسية والأدبية والفنية وقضايا الصحة والبيئة والرياضة، ولعل أجملها ما ركز على الأنشطة الثقافية والإبداعية، حيث إن "تونس" من أكثر البلدان العربية التي اهتمت في هذا المجال؛ إذ ركزت على إصدار العديد من الطوابع البريدية التي حملت أنشطة حرفية متعددة كحرفة الفخار والخزف وصناعة النسيج وغيرها، وأيضاً "الجزائر" ركزت على جوانب من التراث الحرفي المتعدد الجوانب، كما أصدرت جمهورية "مصر" العربية العديد من الطوابع البريدية الغنية في مضامينها، وركزت بعض دول الخليج على إصدار مجموعات نادرة وجميلة من الطوابع البريدية التي حملت أنشطة حرفية مختلفة منها حرفة صيد اللؤلؤ وصناعة السلال من سعف النخيل، وحرفة الصيد بالصقور، وغير ذلك من الحرف، كما تفردت جمهورية "إيران" الإسلامية بإصدار مجموعات رائعة من الطوابع البريدية التي جسدت حرفاً غاية في الدقة والروعة والجمال، كصناعة السجاد اليدوي ذي السمعة والشهرة العالمية، وكذلك الحرف المعدنية المكفتة بالذهب والفضة، و"الصين" مدرسة غنية بما أصدرت من طوابع تذكارية لأنسجتها الحريرية ذات الخصوصية والشهرة والعالمية».

صناعة الزجاج اليدوي

وقال "الفياض": «إن تراثنا السوري من حقه أن يوثق مع مبدعيه، وإن إصدار طوابع بريدية تذكارية لتخليد تراثنا وأعلامه واجب وطني لهذا التراث العظيم ولمن نذر حياته لخدمة هذا التراث الذي نعشقه جميعاً ونسعى إلى تدوينه في ذاكرة أجيالنا لحمل راية التراث للأجيال القادمة».

السيد "شادي المحمد" من هواة جمع الطوابع السورية يقول: «للطوابع البريدية أهمية تاريخية؛ فهي تبرز المراحل السياسية والتاريخية والاجتماعية في "سورية"، حيث إن الأزياء الشعبية السورية احتلت الحيز الأكبر من الطوابع البريدية التي توشحت بأنشطة حرفية تقليدية، ولهذه الطوابع أهمية كبيرة جعلت الجميع يتعرفون على الكثير من أنواع الحرف التقليدية والأزياء الشعبية السورية».

الصناعات اليدوية في الخشب