تهمين القصة الجولانية على صفحات مجموعاته القصصية بقوة، فـ"الجولان" حاضراً فيها بالمكان والتضاريس والقرى، بالإضافة إلى التطور الفني والشعري الذي يرفد قصصه في كل مرة ليتجاوز بها نفسه ويقدم الجديد في مجال القصة القصيرة.

وفي كنف قرية "كفر حارب"، المتاخمة لبحيرة "طبريا" التي أنجبت العديد من المثقفين من بين كل قرى قضاء "الزوية"، وُلد الروائي والقاص "نادر مصطفى الفاعوري"، وعن أهم محطات حياته الثقافية، تحدث عنه لمدوّنة وطن "esyria" بتاريخ 5 تشرين الأول 2020، صديق طفولته العميد الركن المتقاعد "ياسر نصار" قائلاً: «من بؤس وشراسة ظروف العيش في المخيمات، ومن ذكرياته عن بلدته القابعة قبالة الحدود الشرقية لأرض "فلسطين"، والمطلة على شاطئ بحيرة "طبريا"، وُلدت أفكار الروائي "نادر الفاعوري" مجسدة بريشة فنان وقلم كاتب، لترسم صوراً رائعة معبرة عن تفاصيل الحياة في حارات وأزقة وأحياء "كفر حارب"، كما صور حياة الناس البائسة في المخيمات عقب النكبة، وتذوقهم كؤوس مرارة التشرد، وشظف العيش، وألم المأساة، وبطشها للنفوس المكلومة، إذ عاش في "كفر حارب" ودرس المرحلة الابتدائية في مدارسها، وإثر نكبة حزيران عام 1976، نزح مع كامل أفراد أسرته إلى مدينة "درعا"، وأقام في تجمع النازحين فيها، وأتم تعليمه في مدارسها، ونال شهادة التعليم الخاص، ليبدأ مسيرة عمله، معلماً للمرحلة الابتدائية».

لن أطيل في أدب وقصص الأديب والروائي "نادر"، ولكن من خلال تجربتي الإنسانية والعملية معه عندما تم ندبه من مديرية التربية للعمل في مديرية ثقافة "القنيطرة" وجدت الإنسان المجد المخلص لعمله، بل كان في بعض الأحيان يزاحم مديرية ثقافة "درعا" في استضافة شخصيات لها باع كبير في مجال الفكر والثقافة والأدب، كانت تفوح من مجموعاته القصصية آلام ومعاناة أبطالها، بسبب تهجيرهم من أراضيهم عنوة على يد الغاصب الصهيوني، كما روت بطولاتهم في مواجهة العدوان الصهيوني

يضيف "نصار": «في المرحلة الإعدادية انتسب إلى اتحاد "شبيبة الثورة"، وأقام معرضاً للرسم وهو في الصف الثاني الثانوي، فاز بجائزة أفضل شعار لمنظمة "طلائع البعث" من تصميمه في المهرجان القطري العاشر عام 1985، وأثناء تأديته للخدمة الإلزامية تم وضعه في مركز الإذاعة في مدرسة الاستطلاع لإلقاء الأخبار اليومية، كما تم إرساله من منظمة "طلائع البعث" في بعثة إلى "ليبيا" لمدة شهر ونصف الشهر للمشاركة في مهرجان كانت قد أقامته، وأيضاً قام بالعديد من المعارض في معظم المحافظات أثناء مشاركته في مهرجانات "الطلائع"، كما كان يُستدعى لإلقاء القصص في مراكز المحافظات، وله قصة تُدرس في المنهاج الدراسي في "فلسطين"، وبعدها تم تعيينه مديراً للمركز الثقافي في تجمع النازحين "بدرعا" عام 1995.

شعار المهرجان القطري العاشر لطلائع البعث "درعا" 1985

له العديد من المجموعات القصصية، الأولى بعنوان "قصر الكلبة" عام 2003، و"الورد لا يبتسم لموته" عام 2007، ومجموعة قصصية بعنوان "طعم العلقم" عام 2009، والرواية الأخيرة "جارة البحيرة" عام 2014، وأصبح عضواً في اتحاد كتاب العرب عام 2014، وكانت له يد بيضاء في تعليم ونشر اللغة العربية للجالية السورية في "البرازيل"، إذ تمت إعارته للملحقية الثقافية في "البرازيل" لتعليم اللغة العربية في منتصف الثمانينيات لمدة أربعة أعوام، وتم تكريمه ثلاث مرات في مسابقة "الجولان للإبداع الأدبي" في القصة القصيرة، والأخيرة منها كانت عن أفضل كتاب منشور بعنوان "طعم العلقم" لعام 2010».

الشاعر والناقد الدكتور "خليل موسى" قال: «أضاف القاص "نادر الفاعوري" إلى القصة القصيرة في "سورية" بكتاباته عن جولاننا الحبيب، وعلينا أن لا ننسى بأن تجربة الكتابة هذه ما زالت في البدايات، وأن الأدب الجولاني ما زال ناشئاً، ونحن نضع في الحسبان أدب المقاومة في "فلسطين" وأدب الجنوب في "لبنان"، ومن هذا المجال أنحاز بشدة لكتابات "الفاعوري" وأدعو إلى مواصلة هذا الاتجاه في القصة الرواية والشعر والمسرح، لتنهض في "سورية" حركة أدبية وإبداعية ندعوها "أدب المقاومة الجولانية".

"ياسر نصار" صديق الطفولة للروائي "الفاعوري"

تهيمن القصة الجولانية على صفحات مجموعته بقوة، فكان "الجولان" حاضراً في المكان والتضاريس والقرى والنكبة، كما هو حاضر أيضاً من خلال صمود أبنائه».

"علي المزعل" الكاتب والأديب الجولاني يقول: «من رحم مآسي معاناة النزوح، وُلدت الذاكرة البصرية في مفردات أسلوبه القصصي، والتي تُعد الحامل الأساسي للبيئة الجولانية المفقودة، تلك الذاكرة التي تؤكد أن المكان لا يزال ينبض بالتفاصيل كلها لجغرافية "الجولان"، إذ كان ذلك واضحاً في بناء العالم الداخلي لأبطال قصصه على نحو يؤكد أن جذوة المقاومة ستظل مشتعلة في ضمائر الجولانيين حتى التحرير والعودة، ونستطيع أن نتلمس هذا في مجموعتيه الصادرتين عن دار "حوران"؛ "قصر الكلبة" و "الورد لا يبتسم لموته"، فقد كان مثال الأديب الجولاني المتميز والمفعم بالأمل حتى لحظاته الأخيرة».

المجموعة القصصية "قصر الكلبة" 2003

الشاعر "فيصل المفلح"، يقول: «لن أطيل في أدب وقصص الأديب والروائي "نادر"، ولكن من خلال تجربتي الإنسانية والعملية معه عندما تم ندبه من مديرية التربية للعمل في مديرية ثقافة "القنيطرة" وجدت الإنسان المجد المخلص لعمله، بل كان في بعض الأحيان يزاحم مديرية ثقافة "درعا" في استضافة شخصيات لها باع كبير في مجال الفكر والثقافة والأدب، كانت تفوح من مجموعاته القصصية آلام ومعاناة أبطالها، بسبب تهجيرهم من أراضيهم عنوة على يد الغاصب الصهيوني، كما روت بطولاتهم في مواجهة العدوان الصهيوني».

الجدير بالذكر أنّ الأديب والروائي "نادر الفاعوري" مواليد "كفر حارب" في "الجولان" عام 1956، توفي عام 2017.