تعد انتفاضة الرابع عشر من شباط عام 1982م التي جاءت كرد فعل مباشر على قرار الكنيست الصهيوني المتضمن بدء تطبيق القوانين الإسرائيلية على "الجولان" المحتل أرضاً وسكاناً، محطة نضالية بين محطات شعب قاوم المحتل وتصدى له بهامات رجاله ونسائه العالية.

يقول الأستاذ "عبد الكريم العمر" رئيس تحرير جريدة "الجولان" وباحث في شؤون "الجولان" لموقع eQunaytra: «منذ الساعات الأولى للاحتلال بدأت إسرائيل بفرض كل أنواع المضايقات وأشكال الاضطهاد ضد أهلنا في "الجولان" المحتل بغية عزلهم نفسياً وكلياً عن وطنهم وشعبهم في "سورية"، ففرضت في المدارس لهذه الغاية منهاج التعليم الإسرائيلي.

إن أهل "الجولان" بصمودهم ووحدتهم وبسالتهم النادرة هم أبطال فعلاً وبالمقارنة معهم يظهر الاحتلال الإسرائيلي قزماً رغم كل غطرسته

كما صدرت أوامر الحاكم العسكري في "الجولان" بإنزال الهلال عن مقام "اليعفوري" بالقوة وصودرت مساحات واسعة من الأراضي بحجج مختلفة وفرضت ضريبة الدخل على السكان وعندما امتنع هؤلاء السكان عن الدفع بيع أثاثهم بالمزاد العلني لاستيفاء الضريبة واستولت سلطات الاحتلال على مياه بحيرة "مسعدة" لري المستعمرات الجديدة، وعزلت مخاتير القرى والمجالس المحلية الوطنية بقصد فرض الإلزام للموالين وحاولت مراراً فرض نظام الحرس المدني دون جدوى».

الأستاذ "عبد الكريم العمر"

وتابع "العمر" حديثه بالقول: «في 20/5/1969م اعتقلت السلطات المحتلة /14/ شخصاً بتهمة توزيع المناشير والتعامل مع وطنهم "سورية" وحكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين /1- 5/ سنوات، وفي 1/1/1970م نظم أهالي "مجدل شمس" مظاهرة ترافقت بحداد عام في القرى بمناسبة وفاة الرئيس "عبد الناصر" فأطلقت سلطات الاحتلال النار على المواطنين ثم اعتقلت خمسة منهم حكم عليهم بالسجن ودفع الغرامات المالية الكبيرة، وفي 4/6/1971م أعلنت السلطات المحتلة عن اكتشاف شبكة جديدة مع "سورية" وفي مطلع عام 1973م سقط الشاب "عزت شكيب أبو جبل" شهيداً وهو يحاول اجتياز خط الفصل حيث كان يحمل وثائق عسكرية وعلى أثر ذلك اعتقلت السلطات /67/ شاباً من مناضلي "الجولان" وفيهم والد الشهيد وأصدرت بحقهم أحكاماً جائرة وصلت حتى /315/ سنة على والد الشهيد السيد "شكيب أبو جبل" وعندما نشبت حرب تشرين التحريرية واستعيدت "القنيطرة" كان /40/ مناضلاً يحاكمون في 26/6/1974م بينما كانت الأعلام السورية ترفرف في جميع القرى المحتلة.

في تشرين الثاني 1974م اعتقل عشرات الشباب بتهمة إرسال رسائل التهديد بالقتل لأعضاء المجالس الجدد، وفي 15/4/1975م قدم أربعة من أعضاء مجلس "مجدل شمس" استقالاتهم وبعد يومين أي في ذكرى عيد الجلاء رفعت الأعلام السورية فوق أبنية مدارس القرى المحتلة كافة وتعرضت القرى لحملة اعتقالات جديدة، وفي الأيام الأخيرة لعام 1976م سقط الشاب "نزيه أبو زيد" شهيداً بينما كان يجتاز حقل الألغام فما كان من قوات الاحتلال إلا مهاجمة "مجدل شمس" باقتحام المنازل ليلاً وإطلاق الرصاص واعتقال عشرات الشباب وكانت الحصيلة /26/ شاباً بينهم عدد من الطلبة فرضت عليهم أحكاماً بالسجن لمدة وصلت حتى /6/ سنوات».

تمثال لأبطال الثورة السورية الكبرى في قرية "بقعاثا" المحتلة

وأضاف "العمر": «هكذا يتواصل نضال أهلنا في "الجولان" المحتل ليضيف باستمرار صفحات جديدة مشرقة إلى الموروث الوطني المتوهج لهؤلاء الأبطال أيام الاحتلال الفرنسي "لسورية"، ولا بد من الإشارة إلى أحداث هامة وقعت بعد قرار العدو الصهيوني بضم "الجولان" وتطبيق القوانين الإسرائيلية عليه في 14/12/1981م والرد البطولي من جانب الأهل المتمثل بالإضراب العام والشامل عن العمل والتعليم وأي نشاط آخر ذلك الإضراب الذي امتد من 14/2/1982م وحتى غاية 20/7/1982م أي خمسة أشهر وستة أيام متواصلة، ووصلت أخبار الإضراب إلى كل أنحاء العالم رغم منع وسائل الإعلام من دخول القرى المحتلة مع قيام السلطات الإسرائيلية بإجراءات انتقامية كثيرة منها قطع التيار الكهربائي وقطع خطوط الهاتف وتقليص كمية مياه الشرب عن القرى المضربة وفصل العمال عن أعمالهم وقد بلغ عدد المفصولين منهم أكثر من /1500/ بلغت خدمة كثيرين منهم /10/ أعوام، بالإضافة إلى منع الوقود من الوصول إلى القرى مع الحاجة إليه في التدفئة أيام الشتاء القاسية.

وبدأ الإسرائيليون بالتفكير بطرد السكان من أراضيهم إذ قال أحد وزرائهم آنذاك "الجولان بأيدينا ومن لا يرتاح لهذا يستطيع أن يرحل إلى سورية" واتبعت سياسة الخنق المالي بأن حجزت سلطة ضريبة الدخل على أموال /600/ مواطن من "الجولان" ومارست السلطات الحرمان من الخدمات الصحية لكل من لا يحمل بطاقة "الهستدروت" أي بطاقة اتحاد العمال الإسرائيلي، وعدم تسجيل المواليد الجدد وتم سحب الرخص المعطاة للآليات والمحلات التجارية، كما قامت سلطات الاحتلال من جهة أخرى بمنع وصول الدعم المادي والمعنوي القادم من المناطق المحتلة في "فلسطين" وممارسة كل ما من شأنه أن يكسر الموقف الموحد للسكان ويؤثر في ظاهرة التنسيق بينهم وبين السكان على نطاق الأرض المحتلة بشكل عام، فأقام الجيش الصهيوني لهذه الغاية الحواجز المكثفة وشدد على المضربين وبدأ بحملة الاعتقالات ومنع الرعاة من الخروج بقطعانهم ولوحقوا بالطائرات المروحية واحتكر جيش الغزاة توزيع المواد الغذائية وحليب الأطفال وأحرقت مزرعة أبقار في "مجدل شمس" كانت تؤمن الحليب لأطفال القرية يومياً ورد الأهالي بمظاهرة ليلية قامت بعد إخماد الحريق مباشرة.

واستمر الإضراب العام حتى 20/7/1983م حين أعلن الشيخ المرحوم "سليمان طاهر أبو صالح" عن تعليق الإضراب باسم سكان "الجولان" بعد أن تحقق جزء أساسي من مطالب الإضراب وهو إيقاف فرض الهوية الإسرائيلية التي مزقت وديست بالأرجل أمام أعين الغزاة، ويستمر نضال الأهل مع المراقبة الشديدة من قبل المحتلين والاعتقالات المتكررة بين فترة وأخرى ولعل ما يجدر ذكره أنه عندما أقام أهلنا نصباً تذكارياً لشهداء الثورة السورية الكبرى في ساحة "مجدل شمس" رد الغزاة بتفجير النصب لأنهم لم يطيقوا تخليد الشهداء ولن يقبلوا بهذه الصورة طالما يواصلون اغتصابهم للأرض ويصادرون حرية الإنسان».

السيد "بسام الشكعة" رئيس بلدة "نابلس" آنذاك تحدث عن نضال أهل "الجولان" بالقول: «إن نضال أبناء "الجولان" موقف طليعي ورائد فهم قد صعدوا إضرابهم حتى العصيان المدني، باتوا مثلاً أعلى لجماهيرنا في الأراضي المحتلة».

أما الشاعر المرحوم "توفيق زياد" رئيس بلدية "الناصرة" فيقول: «إن أهل "الجولان" بصمودهم ووحدتهم وبسالتهم النادرة هم أبطال فعلاً وبالمقارنة معهم يظهر الاحتلال الإسرائيلي قزماً رغم كل غطرسته».

والجدير بالذكر أنه يوجد في سجون الاحتلال الإسرائيلي سبعة أسرى سوريين وهم:

"صدقي سليمان المقت" من مواليد "مجدل شمس" عام 1967م اعتقل بتاريخ 23/8/1985م مدة الحكم /27/ سنة في معتقل "بئر السبع".

"حسين علي أحمد الخطيب" من مواليد "الغجر" عام 1984م اعتقل بتاريخ 1/9/2002م مدة الحكم /11,5/ سنة في معتقل "جلبوع".

"شام كمال شمس" من مواليد "بقعاثا" عام 1984م اعتقل بتاريخ 31/3/2003م مدة الحكم /13/ سنة في معتقل "جلبوع".

"وئام محمود سليمان عماشة" من مواليد "بقعاثا" عام 1981م اعتقل بتاريخ 8/11/1999م مدة الحكم /27/ سنة في معتقل "جلبوع".

"يوسف سعيد جميل كهموز" من مواليد "الغجر" عام 1984م اعتقل بتاريخ 1/8/2006م مدة الحكم /12/ سنة في معتقل "جلبوع".

"أحمد جميل ياسر كهموز" من مواليد "الغجر" عام 1981م اعتقل بتاريخ 1/8/2006م مدة الحكم /14/ سنة في معتقل "جلبوع".

"يوسف صالح إسماعيل شمس" من مواليد "مجدل شمس" عام 1951م اعتقل بتاريخ 30/7/2007م مدة الحكم /4/ سنوات في معتقل "جلبوع".

ملاحظة: الصورة الرئيسية عبارة عن تظاهرة وطنية ضد الاحتلال في "مجدل شمس" عام 1982م.