«يتقاسم الأهل هذه الأيام مشاغل وأولويات، يأتي على رأسها الهم الدراسي والامتحانات، حتى أصبح الأهل هم الذين يعانون من القلق والضغط النفسي، أكثر من الأبناء».

الكلام للسيد "حسن محسن" مدير تربية "القنيطرة" في حديث لموقع eQunaytra (يوم الأربعاء 27/5/2009) والذي أضاف: «تعتبر فترة ما قبل الامتحانات، فرصة ذهبية للطلاب والطالبات، في جميع المراحل التعليمية، حيث يكون هناك متسع من الوقت، للدراسة والحفظ بهدوء بعيدا عن التوتر والقلق، الذي غالبا ما يصاب به معظم الطلاب في فترة الامتحانات. من هنا يجب التنبيه إلى أبنائنا الطلاب بأهمية ايلاء الدروس ومتابعتها بشكل يومي، من اجل عدم تراكم المقررات الدرسية، وحصرها للفترة التي تسبق الامتحان. لان الوقت يصبح غير ملائم للمراجعة بالإضافة إلى انه من المهم أن يكون استيعاب المواد الدرسية سابق لهذه الفترة، بمدة كافية ليكون وقت الامتحان مخصصا للمراجعة واستذكار المعلومات وإعادة تجميعها من جديد».

هذا التوجيهات المتكررة يومياً، أصبحت تشكل لي مزيداً من التوتر، وكأن حياتي تتحدد على الدرجات التي سأنالها آخر الامتحان. اعرف حرص أهلي وغيرتهم، ولكن لكل شيء حد. فالحركة محسوبة والوقت لا يحتمل الهدر. إن خوف الأهل على الأبناء، يجب ألا يتحول إلى مصدر قلق للطالب

الأستاذة "نظمية أكراد" أشارت إلى جملة من الأمر الهامة التي يجب على الأهل الانتباه إليها. وأضافت: «تنظيم فترة الامتحانات واستثمارها بالشكل الصحيح، يعد أهم عوامل النجاح والتفوق، وقد يكون باستطاعتنا اتباع خطوات تساعدنا على الوقوف إلى جانب أبنائنا الطلاب. أولها ألا نزيد بتوترهم بمنعهم من الخروج والاعتذار عن استقبال الضيوف والأقرباء والأصدقاء، وعدم توجيه التحذيرات وخاصة لطلاب الشهادتين، بان نقول لهم إذا لم تحصلوا مجموعاً عالياً من الدرجات، لن تدخلوا الثانوية العامة، أو إذا لم تحصلوا على مجموع ممتاز لن تدخلوا الجامعة ولن يكون لكم مستقبل. بل من المهم أن نهتم بمساعدة أبنائنا الطلاب، على تقسيم الوقت واستثماره بالشكل الجيد والمفيد، وتوزيع جدول لجميع المواد الدراسية، وذلك بدءاً من الصعب إلى السهل، مع مراعاة الفترة التي تحتاجها كل مادة على حدة. ثم الانطلاق للتركيز المبدئي في دراسة المادة، على الموضوعات التي لم يدرسها الطالب أو الطالبة بشكل جيد، أو لم يسبق الاطلاع عليها، وكتابة بعض الملاحظات على لنقاط التي لم يتم فهمها أو استيعابها، والرجوع للأستاذ لتوضيحها خلال فترة المراجعة. اختيار الأوقات المناسبة للدراسة، والتي يكون فيها التركيز كبيراً، خاصة بالنسبة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، بحيث تتم الدراسة في الأوقات الأكثر تركيزا ويكون فيها الطالب في ذروة نشاطه العقلي. علينا الاهتمام بموضع الترفيه والراحة للطالب، وان نسمح لهم بالخروج للترويح عن النفس، لأنهم سيعودون للدراسة متجددين وأكثر نشاطاً. إضافة إلى ما سبق من نصائح وتوجيهات، يمكن مساعدة الطلاب في التركيز والدراسة، من خلال إحضار نماذج من الأسئلة لدورات امتحانيه سابقة، وندعهم يختبرون أنفسهم ومعلوماتهم، في امتحان صوري عن الامتحان العام، ليكسروا حاجز الرهبة والخوف، ويمكنهم الاطلاع على نماذج الأسئلة، وبالتالي تتكون لديهم فكرة حول الموضوعات التي يتم التركيز عليها في الامتحان».

نظمية اكراد

الاستاذ "حسين برجاس" أستاذ الفلسفة وعلم النفس، أشار إلى أهمية كسر حاجز الخوف من الامتحان عند الطلاب، كل منّا مر بفترة الامتحان، وعاش أجواءه القلقة، سواء الانتقالية منها أو امتحانات الشهادتين. وأضاف: «إن خوفنا وقلقنا على نجاح أبنائنا، يجب ألا يتحول إلى مصدر توتر وقلق إضافي لهم، ويجب التنبه لمسألة غاية في الأهمية، تكمن في محاولة تحقيق ما لم نستطع تحقيقه، من خلال أولادنا، لأنه ليس من حقنا أن نطالب أبناءنا بتعويضه لنا، بل من حقهم علينا أن نهيئ لهم جواً مريحاً للدراسة، وان الحياة تحتوي على الكثير من الفرص والخيارات المتنوعة والمتعددة. فالمشفى لا يكتمل من خلال كادر الأطباء فقط، بل بتعاضد كافة مرافقه من أطباء وممرضات وفنيين وعمال، وهكذا المعمل والوظيفة الإدارية».

بدوره أشار السيد "ثائر وهبه" خريج كلية التربية وعلم النفس، إلى أهمية دور الأهل في فترة الامتحانات، مضيفاً: «عندما يمارس الأهل الضغط الزائد على الطالب، يعرضونه لحالة من الكبت والضيق والملل، ما يؤدي به أحيانا إلى إعلان التمرد والعصيان للتعبير عن ضيقه وقلقه، فيمتنع عن الدراسة، ويلتفت لأشياء لا علاقة لها بالدراسة، كنوع من العقاب للأهل وردة فعل أمام الضغوط التي تمارس عليه، لذلك على الأهل أن يدركوا أن ممارسة هذا الأسلوب له منعكساته السلبية الخطيرة. كما أن لجوء الأهل إلى أسلوب مقارنة ابنهم بطالب آخر، وغيره من الإخوة أو الأصدقاء، ومطالبته بالتفوق عليهم وتحصيل درجات مثلهم، يوقعه بحالة من الخوف والرعب والتوتر النفسي، وعوضاً عن فرض حالة الاستنفار والحصار عليه، فالأجدر بهم تهيئة الجو الملائم والمناسب للدراسة، وتوفير الهدوء النفسي وتأمين مستلزمات الدراسة، ويخطئ من يتصور التحضير لامتحان الشهادات حالة استثنائية، تستدعي فرض حالة من الطوارئ على المنزل. ومن منطلق اهتمام الأهل بالطالب، ينصح الأهل بان يتشاركوا مع الطالب، منذ بداية العام الدراسي، لوضع خطة لإدارة الوقت وتنظيمه، وتحديد الهدف الذي يتناسب مع ميول الطالب وقدراته العقلية والعلمية، ومراعاة الفروق الفردية وعدم النظر إلى الفروع المهنية نظرة دونية، فالذي لا يستطيع التفوق في مجال معين، قد يتفوق ويبرع في غيره، ويتم ذلك عن طريق الحوار البناء والهادف والمتفهم. لتحديد الأولويات والطريق الممكن سلوكه، لتحقيق هذا الهدف، فالامتحان أداة للتقويم وليس للتخويف».

الاستاذ مدير التربية

ويشير الأستاذ "ثائر" إلى ضرورة أن يتفهم الأهل خطورة المرحلة، لأنها تتزامن مع فترة المراهقة، وأن يتنبهوا لحاجة المراهق للمكانة والاستقلالية، والتعامل مع هذه الحاجيات بشيء من الوعي والشفافية، فلا يكبتونه أو يشعرونه بجو من الضغوط والتوتر، كما أن مطالبته بالدراسة المتواصلة والمكثفة، يجعل المعلومات تتراكم فوق بعضها بعضاً وتتداخل، والصحيح أن يتم ذلك في فترات متقطعة تفصل بينها استراحات، وإلا فانه سيصل الطالب إلى مرحلة، لا يستطيع فيها التركيز والاستيعاب، عندها سيكره الدراسة، ويلجأ إلى التظاهر بالدراسة لإرضاء الأهل فقط. فالطالب لديه قدرة وطاقة للاستيعاب، أما المتابعة والملاحقة المستمرة، فإن زادت عن حدودها الطبيعية، فإنها ستنقلب إلى ضدها، فالطالب بحاجة للتنفيس الانفعالي كسماع الموسيقا أو ممارسة الرياضة وبعض الهوايات المفيدة، لان الاسترخاء يلعب دوراً مهماً في التخفيف من القلق والتوتر.

"ادرس... لا تنشغل بغير الدراسة، لان الامتحان على الأبواب" كلمات ملّ "شادي" سماعها يوميا، على حد تعبيره. وأضاف: «هذا التوجيهات المتكررة يومياً، أصبحت تشكل لي مزيداً من التوتر، وكأن حياتي تتحدد على الدرجات التي سأنالها آخر الامتحان. اعرف حرص أهلي وغيرتهم، ولكن لكل شيء حد. فالحركة محسوبة والوقت لا يحتمل الهدر. إن خوف الأهل على الأبناء، يجب ألا يتحول إلى مصدر قلق للطالب».

الامتحانات