تمتاز الحكاية الشعبية بسمات خاصة بها، تميزها عن غيرها من الفنون الشعبية الأخرى، وتخدم جوانب الحياة المختلفة التي يعيشها الإنسان، يُستمتع بروايتها والاستماع إليها عن طريق الرواية الشفوية والدرامية والمطبوعة، كالطوابع البريدية على سبيل المثال.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 تموز 2020 "محمد فياض الفياض" الباحث في التراث الشعبي ليحدثنا عن الحكاية الشعبية وتوظيفها في الطوابع البريدية "السورية" فقال: «لطالما كان تراث الأمم ركيزة أساسية من ركائز هويتها الثقافية وعنوان اعتزازها بذاتها الحضارية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ولطالما كان التراث الثقافي ينبوعاً دافقاً للإلهام ومصدراً أساسياً وحيوياً للإبداع والاستدامة، ومن هذا المنطلق قامت "سورية" ومنذ سنين طويلة بتوثيق جوانب التراث الثقافي المادي واللامادي من خلال إصدار مجموعات مهمة من الطوابع البريدية توثق مصادر التراث الشفوي، ولا سيّما ما يتعلق منها بالحكاية الشعبية التي كانت تنتقل عبر الروايات الشفوية وكذلك السِيَر والملاحم وغيرها، وقد تمثلت هذه الإصدارات بالتنوع والدقة والجمال والترف الفني، وكان الاهتمام بهذا الجانب التراثي يتمحور حول نقاط أساسية يأتي في مقدمتها أهمية هذا التراث كونه يُعد ركيزة من ركائز الشخصية الإنسانية الوطنية المتأثرة بخصال المعرفة المتعددة الجوانب، بالإضافة إلى الرواسب الثقافية المتجذرة في المجتمع السوري والتي يسعى الجميع إلى نشرها وحمايتها وصونها.

تمتاز الحكاية الشعبية بسمات خاصة بها تميزها عن غيرها من الفنون الشعبية الأخرى ويمكن إجمالها في الوراثة، الإيجاز وعدم الدخول في التفاصيل، المرونة والتجدد، المصادفات المقصودة، العفوية والبساطة

وما زالت الحكاية الشعبية تنال الحظوة في هذه المجتمعات بدليل سيادتها في الإعلام بمختلف أنواعه، كما يذهب علماء التراث إلى أن الفنون الشفاهية تحتل المكانة الأرقى والأهم في الأدب الشعبي الزاخر بالقيم والمفاهيم التربوية، وذلك لما تحدثه من تأثير في المتلقي وفي طريقة سردها التي تكشف عن مكنونات النفس البشرية».

"محمد فياض الفياض"

وتابع الفياض حديثه: «حملت الطوابع البريدية السورية المتعلقة بالحكايات الشعبية سمات خاصة ورسوماً لأشهر الفنانين والمبدعين أمثال الفنان الشعبي "أبو صبحي التيناوي"، وهذه الطوابع تمحورت حول قضايا الأساطير والملاحم والسير والحكاية الشعبية، وحكايا الجن والسحر والحيوان وكذلك الحكاية الاجتماعية، وحكاية اللصوص والشُطّار والنوادر والظرفاء، وحكاية الألغاز، والحكاية التعليمية، وكذلك حكاية الأمثال والأطفال، ومن الطوابع المميزة التي صدرت عن الحكاية الشعبية قصة "الزير سالم" والسيرة الهلالية، و"الظاهر بيبرس"، وسيرة "عنتر وعبلة"، بالإضافة إلى الحكاية الشعبية الهادفة ومنها "ليلى والذئب"، و"الثعلب والغراب، والأرنب والسلحفاة، والذئب والحمل" وغير ذلك من إصدارات.

ومن عباقرة فن تصميم الطوابع السورية برز كل من "ناظم الجعفري" والذي يعد رائد المدرسة الواقعية الانطباعية، وكذلك "أحمد الجفان" وهو ناقد فني وأديب وخبير بفن تصميم الإعلان والشعارات وتصميم الطوابع البريدية، ومن المبدعين أيضاً "ميشيل كرشة"، وكذلك "محمود حماد"، "غياث الأخرس"، "جورج رحمة"، "غسان السباعي"، "نذير نعمة"، "زياد زكاري"، "عبد القادر أرناؤوط"، و"عزيز إسماعيل"».

جساس ـ الزير سالم

من جهته، يقول الباحث "محمد علي حبش" (ماجستير في التراث الشعبي): «ظلت الحكاية الشعبية تسحر الكثير من المبدعين والمفكرين وغيرهم ولا تزال تحظى باهتمام مختلف وسائل الإعلام وعلى امتداد مساحة العالم ما زالت حكايات "الأخوين جريم" و"أليس في بلاد العجائب" تشغل خيال الناس صغاراً وكباراً وفي "سورية" وباقي أقطار الوطن العربي ما تزال حكايات "السندباد"، "علي بابا والأربعين حرامي"، "ألف ليلة وليلة"، "الزير سالم" و"علاء الدين والفانوس السحري" تعيش في عقول الناس ووجدانهم، حيث يطيب لهم سماع تلك الحكايات وربما يسعدون لرؤيتها على شاشات القنوات الفضائية بعد معالجتها درامياً في قالب فني جديد، حيث يذهب علماء التراث إلى أنّ الفنون الشفاهية تحتل المكانة الأهم في الأدب الشعبي وإلى أنّ الحكايات الشعبية تأتي على رأس هذا الأدب، ويقصد بمصطلح الحكاية الشعبية ذلك العمل الفني الذي يقترب من القصة القصيرة والأقصوصة عند الغربيين وتؤدي مهمة الفن الشعبي في حينها، كما أن للحكاية الشعبية قدرة تعبيرية عالية لاشتراكها مع الفنون الشعبية الأخرى».

يضيف "حبش": «تمتاز الحكاية الشعبية بسمات خاصة بها تميزها عن غيرها من الفنون الشعبية الأخرى ويمكن إجمالها في الوراثة، الإيجاز وعدم الدخول في التفاصيل، المرونة والتجدد، المصادفات المقصودة، العفوية والبساطة».

ليلى والذئب

يشار إلى أن اقتباس الباحث "محمد حبش" بحث منشور في مجلة التراث الشعبي العدد 14 عام 2019 من الصفحة 43 إلى الصفحة 70.