تراث وتاريخ حيّ فينا، ما زالت أجيالنا تتناقله؛ عن العراقة نتحدث؛ "المجتمع العشائري البدوي" الكفة الأرجح في "الجولان".

المربيّ "محمد خليل إبراهيم السالم" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 حزيران 2017، قال: «العشائرية في مفهومها الإيجابي مجتمع صغير، فهو يفوق مجتمع المدن انتشاراً، كريم بطبيعته، شريف في نفسه، أبيّ لا يتردد عن معونة. والعشيرة مجموعة من الناس تجمعهم قرابة ونسب فعلي، وقد يكون لها زعيم رسمي أو شيخ قبيلة، وهو من يتخذ القرارات بشأن عشيرته، وكلمة "عشيرة" مشتقة من اللغة الإنجليزية "Clann"، التي تعني عائلة في اللغة الإيرلندية، علماً أنه تم إدخالها إلى اللغة الإنجليزية عام 1925م، كتسمية للطبيعة الريفية».

هي عادة قديمة جداً، وتعني المرأة التي تقوم بالرقص وهي تحمل سيفاً في ساحة الفرح، وتكون مغطاة باللباس الأسود ولا يظهر منها إلا عيناها، ثم يأتي رجل آخر يراقصها وهو يحمل عصاة، وإذا استطاع لمسها بالعصا، فهذا يعني أنه أسرها، وهنا يأتي دور الشاعر في فك أسرها من خلال قصيدة يكون قد حضّرها مسبقاً لهذا الشأن

وأضاف "السالم": «مما يتميز به المجتمع العشائري، تعصّب الفرد للجماعة التي ينتمي إليها، وأيضاً يدفع إلى الوحدة الاجتماعية والدينية، وله دور مهم في تحقيق السلم المجتمعي، و"الجولان" يغلب عليه الطابع العشائري، وله عاداته وتقاليده التي أخذت أبعادها من البيئة والطبيعة الاجتماعية المحيطة، كاللباس مثلاً وبعض الأصوات التي يصدرها الإنسان في حالات الفرح والحب، فالإنسان ابن بيئته يتأثر ويؤثر فيها، ولا يوجد أي اتفاق أو تأصيل لبعض العادات، أي مصدرها، ومن أين أتت؟ ومن اختلقها؟ لكن الأهم هو دلائل هذه العادات والتقاليد التي كوّنت التراث».

المربي محمد السالم

عن أبرز العادات قال الشاعر الجولاني "علي العوض": «هناك الكثير من العادات التي توارثناها من الأجداد أبدأها بعادة رمي "الشماغ والعقال" في المجلس، ولا يرميها الرجل إلا اذا كان له طلب عند من رمى شماغه وعقاله أمامه، وعندما يقوم الطرف الآخر بإرجاعهما إلى رأس صاحبهما، فإن ذلك يعني أنه لبّى له طلبه، وهذا عادة ما يكون في المواقف الصعبة، وأن يكون الرجل رامي الشماغ في كرب عظيم. أما عادة خلع العقال دون الشماغ، فعندما يقوم رجال القبيلة بخلع عقالاتهم، فهذا يعني طلب الثأر في حال تم الاعتداء عليهم، ولا يتم إرجاع العقال إلا اذا تم الأخذ بالثأر. وهناك عادة "العطوة"، وتكون في حال وجود قتل بين قبيلتين، وهي عبارة عن عدة أيام تُمنح لذوي القاتل للخروج من بلد المقتول بسلام بوجود وساطة. أمّا عن عادة ربط طرف الشماغ، فتكون هذه العادة عندما يصل رجل دخيل إلى شيخ القبيلة أو أحد وجهائها، ويمسك الدخيل بطرف شماغ الشيخ ويربطه، وتعني تلك العقدة أنه أخذ منه عهداً على حمايته، ومن عادات العرب أنها لا تردّ الدخيل، وتؤمن له الحماية حتى يتم النظر في أمره».

وتابع "العوض": «هناك عادة هزّ الفنجان عند الاكتفاء من شرب القهوة، وتعود بأساسها إلى كون الشيوخ في السابق يشغّلون "القهوجي" الأخرس والأطرش حتى لا يسمع ولا يفشي بأسرارهم؛ لذا كانوا يهزون الفنجان له دلالة على الاكتفاء، والعادة الأخرى المتعلقة بها هي عادة كسر فنجان القهوة، وذلك عندما يشرب شيخ قبيلة أو كبير القوم أو أي وجه كبير في القبيلة، فيتم كسر الفنجان؛ وذلك تقديراً واحتراماً له؛ أي لا يُشرب من بعده بفنجانه».

وعن عادة "الحاشي"، التي اختتم فيها باقي العادات، قال "العوض": «هي عادة قديمة جداً، وتعني المرأة التي تقوم بالرقص وهي تحمل سيفاً في ساحة الفرح، وتكون مغطاة باللباس الأسود ولا يظهر منها إلا عيناها، ثم يأتي رجل آخر يراقصها وهو يحمل عصاة، وإذا استطاع لمسها بالعصا، فهذا يعني أنه أسرها، وهنا يأتي دور الشاعر في فك أسرها من خلال قصيدة يكون قد حضّرها مسبقاً لهذا الشأن».

لكن تلاشي هذه العادات يعود إلى تطور الحياة المدنية، فقد بقي من هذه العادات اسمها، يرويها لنا الأجداد والآباء، ويتناقلها الأبناء حتى لا يندثر ذكراها، وحفاظاً على تراثنا الموروث الذي لم ينتهِ طالما أننا موجودون نعيد إحياءها من التقاليد والعادات حتى وإن لم نطبقها، لكن يكفي أنها حيّة لا تموت فينا.