حكايات مسلّية مغمّسة بحنان الجدات، علقت بذاكرة الأحفاد وتنقلت جيلاً بعد جيل، حاملة في طياتها الكثير من القيم التي كانت تعدّ أساس التربية في الماضي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 أيلول 2015، "صفاء قويدر" (عشرينية) من "القنيطرة"؛ لتحدثنا عن حكايات الجدات التي بقيت في الذاكرة وتقول: «الذاكرة تشبه صندوق الجدات، مع الزمن تغدو الأشياء التي يضمها الصندوق نصوصاً وحكايات وأساطير أكثر مما هي لوازم وأدوات وحاجات قابلة للاستعمال، فلكل قطعة قصة ورواية تحكي زمانها ومكانها ومناسبتها، ووقتها وعلاقتها وأحزانها وأفراحها.

تعلمت في المدرسة الكثير من القيم الحميدة، لكنني لم أفهمها إلا من جدتي، فالقصص التي كانت ترويها بلغتها البسيطة وعفويتها هي التي رسخت تلك القيم في نفسي وأنا صغيرة، فكبرت وتربيت بعد ذلك عليها، لأنها تمثل نهراً من المبادئ، التي لطالما أثرت فيّ

منذ صغري وحتى الآن أتحين الفرصة لزيارة جدتي، حيث نلتف حولها لنستمع إلى قصصها وحكاياتها التي تترك في نفوسنا الدهشة والإثارة لمعرفة المزيد من التفاصيل، خاصةً أنها تعتمد على التشويق والأحداث المثيرة والعجيبة، ولا تخلو من الحكمة والموعظة، وحتى الآن أذكر تفاصيل تلك القصص الجميلة التي كانت ترويها لي جدتي عندما أقوم بزيارتها، مستمتعة برعايتها وحرصها على سماعي ومعرفة تفاصيل حياتي وتقديم النصح لي، بعد أن تعطيني مثالاً أو تسرد لي قصة مشابهة لموقف حدث معي، مقدمة بذلك لي النصح والموعظة لأطبقها في حياتي، فالجدات مستودعات حنان لا ينضب، ومخازن حكايات لا تنفد، وتجاعيد مفعمة بالطيبة».

"شمعة معتوق"

تضيف: «تعلمت في المدرسة الكثير من القيم الحميدة، لكنني لم أفهمها إلا من جدتي، فالقصص التي كانت ترويها بلغتها البسيطة وعفويتها هي التي رسخت تلك القيم في نفسي وأنا صغيرة، فكبرت وتربيت بعد ذلك عليها، لأنها تمثل نهراً من المبادئ، التي لطالما أثرت فيّ».

"شمعة معتوق" ربة منزل، وجدة لأحد عشر حفيداً تقول: «الحكايات ليست خيالية الوقائع دائماً، وما أزاوله الآن مع أحفادي من دندنات وحكايات هو ترجمة حقيقية للعلاقة التي كانت تربطني مع جدتي في صغري، والتي تركت أثراً كبيراً في نفسي، وفي كثير من الأحيان أجمع أحفادي حولي وأقصّ عليهم حكايات لأختبر قدرتهم على التركيز، وأنمّي مهاراتهم في العد والألوان، وأحياناً أشركهم في عملي في المطبخ».

مع أحفادها

وعن سبب وآثار تعلق الأحفاد بجداتهم تحدثنا الباحثة الاجتماعية "منتهى العيد" بالقول: «السبب الرئيس وراء تعلّق الطفل بجدته، والاهتمام بكل ما يصدر منها من قصص وحكايات يعود إلى الحنان المفرط الذي تغمره به الجدة، إضافة إلى وصول الجدة إلى مرحلة متقدمة من الهدوء النفسي والوعي بأهمية استيعاب الطفل واحتوائه، بعيداً عن عناصر الأمر والنهي؛ وهو ما يجعل الطفل قريباً من جدته أكثر من أي شخص آخر، كما أن للجد والجدة دوراً كبيراً وفعالاً في حياة الأطفال والشباب، بل حتى الكبار أيضاً، ولا سيما منحهم القيم والعادات التي أصبحت غائبة في الوقت الحاضر، إضافة إلى رغبتهم في تقويم بعض سلوكياتهم السلبية امتثالاً لحكايات الجدة المروية بأسلوب سلس ورائع، كما أن الجدة ومن خلال تواصلها مع أحفادها، فإنها تحاكي في نفوسهم ذلك الجانب العاطفي والحساس؛ الأمر الذي يجعلهم أكثر التصاقاً بها وتأثراً بما يصدر عنها، فضلاً عن متعة الاستماع إليها».