لاتزال الطقوس الاجتماعية لموسم "الملوخية" حاضرة على الرغم من اختلاف الأجيال، بدءاً من شرائها وتقطيفها وطبخها، وانتهاءً بتخزينها كمؤونة للشتاء، تجتمع العائلة لإنجاز تفاصيل الحفظ وتتزين البيوت بوجودها خلال مدة التجفيف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 آب 2015، "شمعة معتوق" ربة منزل، التي حدثتنا عن موسم "الملوخية" وتقول: «لعل أول ما يؤذن بحلول موسم "الملوخية" هو مشهد الباعة الذين يكدسون في عرباتهم وسياراتهم كميات هائلة منها، ويبدؤون التجول بين الحارات وهم يطلقون نداءات تروج لبيعها ومنها: "تروحي نتف يا ملوخية"، و"حبش يا ملوخية"؛ كناية عن أن أوراق الملوخية الكثيفة تشبه ريش ديك الحبش، معلنين بهذه النداءات بداية الموسم، الذي يمتد من شهر آذار وحتى نهاية تشرين الأول من كل عام، ويزيد الإقبال في شهري آب وأيلول على شرائها من أجل التجفيف والتفريز للشتاء، وتباع بنوعين "ملوخية مورقة" و"غير مورقة"، ويختلف سعر كل نوع عن الآخر، ويعود غلاء "المورقة" إلى كثرة الإقبال عليها لسهولة حملها من السوق إلى البيت، حيث يتم الاتفاق من قبل بعض الباعة مع عائلات "مستورة" تقوم بتقطيف أوراق "الملوخية" لقاء مبلغ من المال عن كل كيلوغرام مقطوف».

تحتوي أوراق الملوخية على كمية وفيرة من فيتاميني (أ) و(ب)، إضافة إلى أملاح الحديد والفوسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والمنغنيز والصوديوم، وأكثر ما يميزها عن غيرها من النباتات الورقية أنها لا تفقد أياً من مكوناتها الغذائية وفوائدها العلاجية بالغسيل والطهو، كما هي الحال مع الأغذية المماثلة

تضيف: «لموسم "الملوخية" طقوس اجتماعية جميلة فلمّة الحبايب تبدأ من انتظار سيارة البيع، حيث تجتمع نساء الحارة ليشترين منها كميات لواحدة منهن، ثم يتوزعن إلى مجموعات مؤلفة من عشر نساء، تأخذ كل منهن قسماً ويجتمعن في منزل إحدى الجارات لتقطيف الأوراق وإعدادها للتجفيف والتفريز، وخلال ذلك يستمتعن بشرب الشاي والقهوة وقد يتناولن وجبة خفيفة من حواضر البيت؛ خصوصاً إذا امتد العمل إلى ما بعد الظهر».

شمعة معتوق

تتابع: «تعد "الملوخية" أكلة ملوكية يحبها جميع الناس، وقد قيل فيها العديد من الأمثال كـ: "أكلوا ملوخية وصاروا أفندية"؛ حيث يُضرب في مُحدثي النعمة الذين يتلونون بحسبِ ما يُستجد معهم من خير. و"يجري على خارطة زي الملوخية"؛ وهذا المثل يضرب في الكسول الذي يستأجر من يقوم بغسل رأسه. إضافة إلى "وقت الكباب صكوا الباب ووقت الملوخية نادوا البشرية"، وغيرها من الأمثال».

وعن طريقة تموينها للشتاء تقول: «تسعى النساء للاحتفاظ بكميات كبيرة من "الملوخية"، وهناك طرائق مختلفة لتموينها من موسم لآخر، منها التنشيف تحت أشعة الشمس وهي أسهل الطرائق وأكثرها انتشاراً، فبعد قطف أوراق "الملوخيّة" وغسلها وتنظيفها، نتركها لمدّة يوم كامل على غطاء قطني مع التّقليب المستمر لها كل ساعة على أنّ تكون في جوٍّ معرّض للتّهوية والشّمس، ثم نضع الأوراق في كيسٍ من الشّيفون أو القماش الخفيف، ونضعه في مكان معرّض للهواء والشّمس حتّى تجفّ أوراق "الملوخيّة" تماماً، بعد جفاف الأوراق نقوم بفرك قسم منها بواسطة اليدين لنحصل على "ملوخيّة" مجفّفة ومطحونة، نضعها في وعاء زجاجي ونحفظها في جوّ حرارة المطبخ، كما يمكن تموينها عن طريق التفريز، الذي له أكثر من طريقة؛ فمنهم من يفرزها خضراء من دون سلق، وذلك بأن تفرم حسب الرغبة وتوضع بأكياس التفريز، ومنهم من يعتمد سلق "الملوخية" بالماء المغلى لمدة دقيقتين، ثم رفعها من الماء وتبريدها بالماء الجاري ثم وضعها في مصفاة حتى تبرد تماماً، وبعد ذلك يتم وضعها بأكياس لتحفظ في "الفريزر"، وعند الطبخ يتم إخراجها قبل وقت قليل لتفرم أو تطبخ ورقاً حسب الرغبة.

بعد التجفيف

وهناك طريقة أخرى لـ"تفريز الملوخية" الناعمة، فبعد فرمها الناعم نغلي كوباً واحداً من الماء مع مكعب "ماجي" ونضيف إليه "الملوخية"، ونتركه يغلي دقيقتين وبعدها نتركها تبرد ونضعها بأكياس في "الفريزر"».

وعن فوائد "الملوخية" يحدثنا الدكتور "عقبة الخوالدة" بالقول: «تحتوي أوراق الملوخية على كمية وفيرة من فيتاميني (أ) و(ب)، إضافة إلى أملاح الحديد والفوسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والمنغنيز والصوديوم، وأكثر ما يميزها عن غيرها من النباتات الورقية أنها لا تفقد أياً من مكوناتها الغذائية وفوائدها العلاجية بالغسيل والطهو، كما هي الحال مع الأغذية المماثلة».

في أكياس مؤونة للتفريز