تتميز صبحية النسوان في قرى وبلدات محافظة "القنيطرة" بطقوس جميلة؛ منها قلب الفنجان بعد شربه كنوع من التسلية ومعرفة المجهول، فهناك نساء خبيرات بفك الرموز التي تكونت من بقايا "تفل" القهوة.

فضول يقودنا إلى معرفة ما يخبئه لنا القدر، فنلجأ لمن يملك سلطة روحية أو نلجأ لقراءة الطالع لنتمكن من حل مشكلاتنا في معظم الأحيان، بهذه الكلمات بدأت "ربا شرقي" حديثها مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 نيسان 2015، وتضيف: «نتيجة ازدياد ضغوط الحياة وتراكمها وعدم الشعور بالرضا عن الحاضر، ينشأ الشعور بالخوف من المستقبل، فيدفعني الفضول أحياناً إلى قراءة الفنجان، محاولة الإمساك ببصيص من الأمل، بخبر سعيد أو فرصة عمل أو فرج قريب، إضافة إلى أن جلسة التنجيم وقراءة الفنجان تعد نوعاً من أنواع التسلية وبوجه خاص عندما يجتمع الجيران صباحاً لتبادل الأحاديث والقصص في جو من الألفة والمحبة، ولا يخلو الأمر من بعض النميمة أحياناً عن الذين غابوا عن الجلسة.

إن النساء أكثر اهتماماً بقراءة الفنجان والتبصير بوجه عام، لأنهن يهتممن أكثر بالمستقبل ولديهن حشرية أكثر من الرجال، وهناك أشخاص مهووسون بالتبصير ويؤمنون به ويعود ذلك إلى شخصية الإنسان الذي يميل بطبيعته إلى معرفة جزء من المجهول وهو ما يعرف بسلوك الحيرة؛ وهو جزء من حياة البشر ولا يقتصر على فئة معينة من الناس

والجميل في الموضوع هو عند الانتهاء من شرب القهوة وقلب الفناجين تبدأ القرعة بمن يبدأ أولاً بقراءة فنجانه؛ وهنا يلعب السن دوره حيث تبدأ القراءة من النساء الكبيرات في السن، ومهما كان عدد النساء كبيراً إلا أن السكون يعمّ المكان، فكل واحدة تترقب فنجان الأخرى لمعرفة أسرارها وما يخفيه لها المستقبل».

ربا شرقي

أما السيدة "فضة عرسان" من قرية "جرابا"؛ التي تمارس قراءة الفنجان كهواية، فتقول: «أمارس هذه الهواية من باب التسلية، حيث إنني أقرأ في عيني الشخص الذي أقرأ فنجانه أكثر مما أقرأ في الفنجان، فقراءة الفنجان تعتمد بالدرجة الأولى على إحساس خاص، ويتم تناقل هذا العلم من شخص إلى آخر ممارسين قراءة الفنجان بالفطرة، وهناك طريقة محددة لذلك؛ فينبغي أن يكون وقت التبصير صباحاً وحتى بعد الظهر، وأن تكون القهوة "سادة" أي من دون سكر، وأن يشرب صاحب الطالع الفنجان بقلب خالص ونية سليمة على أن يكون اعتقاده كاملاً أن الأمر كله بيد الله عز وجل، وعند الانتهاء من شرب القهوة حيث لم يعد موجوداً غير "التفل" يرج الفنجان إلى أن يمتزج "التفل" ويصبح سائلاً ويغطي كامل الفنجان ليقلب بعدها على الصحن، وبعد بضع دقائق يعاد إلى وضعه العادي حيث أقوم بتفسير الحروف والأرقام والخطوط المستقيمة والمتعرجة التي تشكلت في الفنجان».

وعن تفسيرات بعض الرموز والرسومات التي تجسدها القهوة تضيف: «إن فك الرموز يحتاج إلى مهارة خاصة؛ فالكلب مثلاً صديق مخلص أما الحية فهي امرأة خبيثة تنوي الشر، الزهرة تبشر بأيام جميلة كما ترمز إلى زواج قريب لصاحب الفنجان، والسمكة رزق قريب، البومة وفاة لأحد المقربين، أما الخروف أو النعجة فتعنيان خبر حمل أو ولادة لشخص قريب، الفأرة صديق خير، والطائرة تفسر بقدوم شخص من السفر أو سفرة قادمة، والفسحة البيضاء فهي تعني فرصة عمل، موضحة أن قراءة الفنجان تبدأ من وجهه حسب اللون فكلما ازداد السواد كان دليلاً على هول الحدث وصعوبته فتزداد الشدة والمحنة والقلق وكل ما هو سيء، وكلما خف لون السواد ازداد الاطمئنان والاستقرار والفرج».

السيدة فضة عرسان

"منتهى العيد" خريجة علم اجتماع، تقول: «إن النساء أكثر اهتماماً بقراءة الفنجان والتبصير بوجه عام، لأنهن يهتممن أكثر بالمستقبل ولديهن حشرية أكثر من الرجال، وهناك أشخاص مهووسون بالتبصير ويؤمنون به ويعود ذلك إلى شخصية الإنسان الذي يميل بطبيعته إلى معرفة جزء من المجهول وهو ما يعرف بسلوك الحيرة؛ وهو جزء من حياة البشر ولا يقتصر على فئة معينة من الناس».