"طحين ما عندنا، وبرغل ولا حبة، ونجيب شوية ذرة ونعمل لبنية"؛ بهذه الأهزوجة الجميلة تشتهر أكلة "المضيرة" التي تعد من المأكولات الشعبية في محافظة "القنيطرة"؛ حيث لها طقوسها الاجتماعية المميزة سواء بطريقة تحضيرها أو تناولها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 تشرين الأول 2014، الحاجة "سعده البشير" أم عدنان من قرية "البطيحة" 80عاماً، فحدثتنا بداية عن مكونات وطريقة تحضير "المضيرة" قائلة: «"المضيرة" أو (عيش اللبن) كما يسميها بعض سكان "القنيطرة"، هي من المأكولات الشعبية المميزة، التي يتم تحضيرها من قبل ربات المنازل، وتأتي أهميتها لاحتوائها على مجموعة من المكونات المهمة التي تمنح طاقة للجسم، وفي مقدمة هذه المكونات القمح المجروش واللبن واللحم، ومنهم من يكتفي بتحضير "المضيرة" بالقمح واللبن فقط، ويمكن أيضاً أن يستعاض عن اللبن بالحليب وبالإمكان استخدام الذرة أو الأرز إذا لم يتوافر القمح، وجميع هذه الأمور تعود إلى خبرة ربة المنزل، وهذا ما أشارت إليه أغنية "اليادي اليادي" التراثية:

"للمضيرة" فوائد لا تعد ولا تحصى، يكفي أن القمح أحد مكوناتها وهو غذاء صحي للإنسان، حيث يجدد الدماء في الجسم ويعطيه ما يحتاجه من سعرات حرارية وفيتامينات ومعادن.. إلخ من الفوائد، كما أن اللبن له دوره المميز الذي يساعد المعدة على الهضم، واللحم أيضاً له فوائده الكثيرة، ولكن لا ينصح بتناول "المضيرة" بشكل يومي وبشكل خاص إذا كانت مطبوخة باللحم؛ لأنه يزيد من نسبة الكولسترول بالدم

"طحين ما عندنا وبرغل ولا حبة

اللبن والقمح

ونجيب شوية ذرة ونعمل لبنية"».

وعن طريقة تحضير"المضيرة" تتابع: «نقوم أولاً بنقع القمح أو الذرة المجروشة بالماء لمدة 24 ساعة إلى أن تصبح الحبة طرية نسبياً ويسهل نضجها عند وضعها على النار، وبعد النقع نقوم بغسلها جيداً ونضعها على النار إلى أن تنضج ويصبح بالإمكان هرسها، ومن ثم نقوم بتحريك اللبن لإضافته فوق القمح، وفي هذه الأثناء نكون قد قمنا بسلق اللحم وإضافته مع القمح واللبن، ونتركهم على النار إلى أن تتماسك هذه المكونات مع بعضها بعضاً، ثم يتم سكبها في "منسف" لتناولها مباشرة وهي ساخنة أو في زبادي توضع جانباً لتبرد، وطريقة تناول "المضيرة" مرتبطة بطلب العائلة، فهي لذيذة ساخنة وباردة، كما لا تتقيد العائلات بوقت معين لتحضيرها، فيمكن تحضيرها عند الصباح وعند الظهر وفي المساء، وبعض البيوت لا يمر أسبوع إلا ويقومون بطبخها مرة ومرتين وثلاث أحياناً».

"المضيرة"

أما الشاب "أحمد الخطيب" من قرية "جرابا" فيقول: «إن أكلة "المضيرة" قديمة جداً، فقد ذاع صيتها مع قيام الدولة الأموية، وهي من الأكلات التي اشتهرت على موائد الملوك والأمراء دون العامة؛ وذلك لتكلفتها العالية وصعوبة الحصول على مكوناتها، التي كانت آنذاك مؤلفة من قطع اللحم المطبوخ بلبن الإبل مع أمعاء البط المحشوة بالمخ، ومعها قطع من كبد الحوت وصدور اليمام، ويحكى أن معاوية بن أبي سفيان كان يأمر بوضعها كطبق رئيسي لكل ضيوفه، حيث كانت تقدم في قصعة كبيرة وعميقة توضع وسط المائدة بعيدة قليلاً عن أيدي الضيوف ليجتهدوا في الوصول إليها، ويغوصوا بسواعدهم ليستخرجوا من أعماقها ما لذّ وطاب، ومع مرور الأيام تسربت أسرار هذه الأكلة إلى خارج قصور الأمراء والملوك، وبدأ بتحضيرها البسطاء وعامة الشعب في بيوتهم، ولكن بمكونات مختلفة وبسيطة».

وقد حدثنا الطبيب "عقبة الخوالدة" عن فوائد أكلة "المضيرة" من الناحية الصحية بالقول: «"للمضيرة" فوائد لا تعد ولا تحصى، يكفي أن القمح أحد مكوناتها وهو غذاء صحي للإنسان، حيث يجدد الدماء في الجسم ويعطيه ما يحتاجه من سعرات حرارية وفيتامينات ومعادن.. إلخ من الفوائد، كما أن اللبن له دوره المميز الذي يساعد المعدة على الهضم، واللحم أيضاً له فوائده الكثيرة، ولكن لا ينصح بتناول "المضيرة" بشكل يومي وبشكل خاص إذا كانت مطبوخة باللحم؛ لأنه يزيد من نسبة الكولسترول بالدم».

محمد الخطيب