من أهم الطقوس الغنائية التي عرفها أبناء "الجولان" طقس "الحصاد" لما لحبة القمح من أهمية كبيرة في تأمين الغذاء لهم.

السيد "عبد الرزاق الفاعوري" من أبناء "الجولان" يقول: «عندما كنا نقوم بعملية الحصاد نبدأ عملنا بالغناء والمواويل والرقص مع العمل حتى لا نشعر بالتعب والملل، وطوال فترة موسم الحصاد نشعر بالسعادة والفرح لجني المحصول ونغني فرحاً بإنجاز هذا العمل، وأذكر من أغاني الحصاد:

"شايل منجله وساري عالخور / والقمح مندي واقف عالدور(1)

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

شدولي القادم على الحمار / تاغمّر وأسبق أم البدور" (2)

ويقول الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «"الحصاد" في "الجولان" إما أن يكون بطريقة القلع أو الحصاد بالمنجل وغالباً ما كان يستخدم المنجل في عملية الحصاد ومن الأغاني المشهورة اثناء عملية "الحصاد" بالمنجل:

حصاد القمح لوحة للفنان "عايش طحيمر"

"منجلي يا منجلاه / راح للصايغ جلاه

ما جلاه إلا بعلبة / والعلبة راحت عزاه

منجلي يا أبو رزه / شو وداك لغزه

وداني حب البنات / ابحشولو وغمقولو

خلو آذانه مبينات

منجلي يا أبو الخرافش / منجلي بالزرع نافش".

وتابع حديثه بالقول: «من عادة الفلاحين في "الجولان" أنهم يتعاونون، ويقدمون المساعدة والعون لجيرانهم في العمل وقد يمر شخص وهم يحصدون فيقبضون قبضة من الحصاد وهم يقولون "هاي شمالتك" طلباً للعون والمساعدة على الحصاد، ومن عادة الرعاة أنهم يرعون الحقول بعد حصادها ويكونون على مقربة من الحقول قبل حصادهم وعندما يراهم الفلاحون يصعّدون من وتيرة العمل ليحضن بعضهم بعضاً وهم يغنون:

"يا شباب اطفوا بياضه / العرب نزلت رياضة

ما بياض إلا بياضه / العرب نزلت رياضة".

ومن أروع الألحان والأغاني التي كانت تغنى بموسم الحصاد لحن "آخ مشعل"، وهو لحن قديم يتعانق فيه العمل والرقص والغناء معاً:

"آخ مشعل .. آخ مشعلاني / بالوجه صاحب والقفا قوماني

أشوف مشعل غرب عالجيدورِ/ ومر على الخدام يقش الدورِ

لا مر مشعل على الفلاحة تبورِ/ يا حسيرتي ضيع تعب فداني

أشوف مشعل فوق ناقة بيضة / ارفع هدومك لا تطول الريضة

أشوف مشعل بالحارة الغربية / والثوب لا جي والجبة خمرية

من يد تمام لأخذ الردنية / وأقوسك يا حايم العرباني

أشوف مشعل على بلاده قبل / زرع الهوى يا ناس بقلبي سبل

قلع الهوى يا ناس بقلبي سبل / جيبوا المناجل واجمعوا الخلاني

مشعل رماني ببير بالبريه / مين اللي يطلقني تاصير إلو خيه

مشعل رماني ببير كله حجارة / متحزمٍ بالسيف والغدارة

دافي كلامك يا حبيبي دافي / بدري حيا وإلا عاعيون الناس"

وأضاف: «إن الحصاد عمل شاق وكثيراً ما يستأجر بعض الفلاحين عمالاً للقيام بأعمال الحصاد وكان رب العمل يقدم للعامل الطعام والشراب والمسكن في داره أو حقله وتختلف المعاملة من رب عمل إلى آخر وكان العامل يحصل على أجره من غلة البيدر، وإذا ما صادف ومرض العامل فإن على رب العمل إطعامه وعلاجه وهذه بعض أبيات لعامل مرض وقد أهمله رب العمل لبخله وهي أبيات تنبض بالألم والمرارة:

"يا ونتي ونة طريح الحصيدة / ومن التعب ربت بقلبي تقاريط

والكر طالعٍ بفنون جديدة / طابخ لربعه من واجد الزقاريط

شنينة محمضة وما هي جديدة / ومرمرة وقطعت قلوب الحواصيد

خواشيق مصدية وما هي جديدة / ومقطعة يا خوي بلا سواعيد"

ومن غنائهم:

يا ظريف الطول يحصد قمح نايم / انكسر ظهري ما ظلش عزايم

ويا هالطير بالسما وعليش حايم / يا بو سنون مفرقله وش قلت أنا"

وعندما ينتهي حصاد الحقل يستعدون لجمع الأغمار وهم يغنون:

"يا مغمر يا حزين / وإن دفنالك دفين

شوك بلان وعذرا / قرص عنة ما تلين

لينوها الحصادين

يا ريمة اللي أفرعت / شيلي الغمر شيلي

محبتكو بقليبي / عروق وشناشيلي"

وفي ما يتعلق بالأمثال الشعبية لموسم الحصاد في "الجولان" يقول "الحسن":

«"صاحب المروة بحصد سروه" دعوة إلى التبكير في الحصاد لأن الشمس في الصيف تكون حارقة.

"ما بزيد غلتك غير همتك" إشارة إلى أهمية العمل.

"الحصيدة مرة بس البيدر حلو" إشارة إلى أن المكافأة لا تأتي إلا بعد تقديم الجهد الكافي.

"الشياب بتحصد والشباب بتقعد" إشارة إلى هروب الشباب من العمل والحصاد.

"شيل منجلك والحق ربعك" دعوة إلى الحصاد بالمنجل.

"لاقي الهوش بهوش ولاقي الحصيدة بشروش" دعوة إلى الاستعداد التام للحصاد.

"البركة بكثرة الأيادي" دعوة إلى المشاركة الجماعية بالحصاد.

الجدير بالذكر أن الصورة الرئيسية من أرشيف الموقع.

(1)- الخور: اسم موضع.

(2)- القادم: آلة خشبية تستعمل لنقل القش من الحقل إلى البيدر.