للحزورة الشعبية "الجولانية" صلة كاملة مع حزازير المحافظات السورية الأخرى، حيث تنتقل مع المسافرين الجولانيين إلى المحافظات والمدن واشتراكهم بالسهرات أو عن طريق مجيء أبناء المدن الأخرى إلى "الجولان" ونقلهم للحزازير، بالإضافة إلى تشابه الظروف والبيئة والعمل والنشاطات الثانية، لذلك من المحتمل سماع كثير من الحزازير "الجولانية" في المحافظات السورية.

ويقول الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «منذ أن وعى الإنسان ذاته والحزازير الشعبية ترافقه واستمرت في مرافقته إلى يومنا هذا، حيث تحمل الحزورة الشعبية بين جوانبها وخلفيات ألفاظها الكثير من آمال الناس وأحلامهم والكثير مما شغلهم في زمنهم وبيئاتهم وكيف جرت الصراعات بينهم وتحمل عاداتهم وتقاليدهم وبعض معتقداتهم، ونتعرف من خلالها على تاريخ فترة معينة وكيف جرت أيامها وبعض معالمها، كما نتلمس في الحزيرة آثار أسطورة قديمة مندثرة فيها تداخلات الإنسان مع الطبيعة ومع غيره من بني جنسه ومع نفسه، ونرى أن الحزورة الشعبية ملأى بالمعرفة والثقافة وهي محمول تراث شعبي حمل ما أنتجه الشعب في كل المجالات خاصة الاجتماعية والفكرية والثقافية والمعرفية.

عندما يأتي المساء تبدأ السهرات والاجتماعات عند أحد أهالي القرية ويبدأ الحديث عن الأعمال والطرائف التي حصلت معنا بما يخص الزراعة والحصاد وتربية الحيوانات، ونترك للحزازير الشعبية حيزا واهتماما كبيرين بحيث يقوم المحزر بطرح الحزورة ونحن نفكر ونتنافس حول الإجابة، وكنا نستمتع بالحزازير الشعبية من خلال التسلية وزيادة الثقافة

ففي "الجولان" كانت الحزازير واحدة من تنويعات السهرة ومن السمر الليلي خاصة في الليالي الشتائية المديدة فهي مملوءة بالمرح والسرور، حيث يسود الجمع الهرج والمرح والتأمل والتبصر وغالباً ما يطلب من الذي يلقي الحزورة إعادتها مرة ثانية وثالثة أما إذا تجاوز الطلب أكثر من ذلك فلا يستجيب المحزر للطلب، والسهرة الشتائية قديماً كانت تجمع الأهل والأقارب والجيران في غرف واحدة واسعة، والحزورة منها الطويل ومنها المكثف وغالباً ما تكون متجانسة ومنسجمة وفيها الطباق والجناس والمحسنات اللفظية الأخرى، وهي لطيفة وسهلة لا تخالطها الألفاظ الصعبة العويصة الثقيلة على السمع، ويشترك في عملية التحزير الشباب والكبار ولكن غالباً ما يكون المحزر أو المحزرة من كبار السن بسبب خبرتهم وتجربتهم وحفظهم للكثير من الحزازير».

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

وذكر "الحسن" بعض الشواهد من الحزازير الجولانية:

"شي بدور بدور بدور وبحط فوقو صبور" هذه الحزيرة تعني "الخلد" وهو حيوان حقلي لا يظهر في النهار وكلمة الصبور تعني الكومة من التراب وهي حزورة ريفية بحتة تسمع في الأرياف، نلاحظ فيها السجع والسهولة والرقة.

"شي قدو قد الكشتبان بلع البحر وما بان" حزيرة تعني "البالوعة" أو المصرف فيها السهولة والدقة والإشارات وفيها السجع والتوافق والتطابق.

"شي قدو قد الشبر وشايل خيشة تبن" حزيرة تعني "القبقاب" نلاحظ فيها الانسجام اللفظي وتوافق الحروف والسهولة وصحة التعابير والتكثيف المريح كي تحفظ في الذاكرة.

"عمي عرنة لاطي بقرنة" وهي حزيرة تعني "الفرن الريفي" وكان يقام بزاوية الدار في الحزيرة دقة التعبير والسجع والتساوي والسهولة والقصر لسهولة الحفظ والقرنة تعني الزاوية.

"أصفر وأحمر ووسطو مزنر بيحكي بالتركي وإذا باسك بتبكي" حزيرة تعني "الدبور" فيها مواصفات الحزيرة عامة في الأسلوب والسجع والجمال.

"إشي اسمو على جسمو" حزيرة تعني "بيضة" الدجاج وهي مكثفة فيها السجع والانسجام وفيها المطابقة مع المعنى المراد وهي من الحزازير الجميلة.

"عروستنا بتعجب الضيف بتعبي مونتها بالصيف مأكولها برغل يابس مين هي يا مهنا الضيف" حزيرة تعني "المخدة" المصنوعة من بقايا البرغل ويقال لها "الروشة".

"طير طاير بالسما لا لحمو بيتاكل ولا عضمو بيرتمي معو كحل للعمى" حزيرة تعني "البرغشة" وهي بعوضة سيئة، أسلوبها رشيق.

"إشي كل ما كثر بيغلى" حزيرة لها دلالات بعيدة تبحث عن أسئلة إنسانية تخلو من المحسنات البديعية وهي تعني "العقل" سمعت في "الجولان" فقط.

"دقو ما بيندق وبلو ما بينبل" وهي حزيرة جميلة تعني "الظل" أو "الخيال"، فيها مساواة ولغة مكثفة جذابة ودقة تعبيرية.

"أنشدك يا صاحبي عن خيمة مثل طي الكتاب" حزيرة في سؤال فيها كناية جميلة وتعبيرية وتكثيف وجمالية خاصة في الابتداء بالسؤال وفيها طلب ورجاء وهي تعني "قبع الفطر" أي غطاء الفطر ولها خاصية جولانية حيث ينبت الفطر كثيراً.

وأضاف "الحسن": «لا يزال للحزورة الشعبية موقع لا بأس به في سمر الناس وسهراتهم خاصة أيام الشتاء في الأرياف البعيدة رغم دخول التلفزيون والحاكي إلى أكثر البيوت، ونلاحظ بدايات انحسارها الذي يمر بطيئاً وتلاحظ الحزيرة في السهرات الواسعة في فصل الشتاء حتى في المدن الكبرى، وأعتقد أن الحزورة الشعبية ستبقى طالما بقيت الظروف الموضوعية لتركيبها وتكوينها وبقيت الحاجة لها عند الناس وأهم هذه الظروف هي التسلية والمتعة الخاصة في فصل الشتاء، بالإضافة إلى التمارين العقلية والذكاء بين الجنسين».

السيد "هلال الخميس" من أبناء "الجولان" يقول: «عندما يأتي المساء تبدأ السهرات والاجتماعات عند أحد أهالي القرية ويبدأ الحديث عن الأعمال والطرائف التي حصلت معنا بما يخص الزراعة والحصاد وتربية الحيوانات، ونترك للحزازير الشعبية حيزا واهتماما كبيرين بحيث يقوم المحزر بطرح الحزورة ونحن نفكر ونتنافس حول الإجابة، وكنا نستمتع بالحزازير الشعبية من خلال التسلية وزيادة الثقافة».