بات من المؤكد أن الغناء والموسيقا تشحنان الجسم بالحيوية والنشاط إذ تذهبان عنه الملل وتخففان من الإرهاق والتعب، وما غناء العمل إلا واحد من الوصفات الشعبية الناجحة للسمو إلى الغرض المرجو منها.

وفي "الجولان" يعتمد الفلاح في ظروف معيشته على زراعة الحبوب بالدرجة الأولى وخاصة في منطقة "الزوية" جنوباً لقلة الوعورة وكثرة السهول المناسبة والأمطار ذات المعدلات المناسبة في أكثر الأحيان، وقد مزج الفلاح الجولاني غناءه بإيقاع العمل الذي يمارسه ومن أغاني العمل في "الجولان" أغاني البذار والحراثة والتي تكون مع بداية الموسم الزراعي.

إن عمليتي البذار والفلاحة متلازمتان ولا يفصل بينهما إلا زمن قصير وفي كثير من الأحيان نكاد لا نلمس هذا الفاصل القصير فمرة تكون عملية البذار تسبق الفلاحة كبذار القمح والشعير والذرة الدخينة ومرة تأتي عملية البذار بعد الفلاحة مباشرة كبذار الفول والحمص إذ يتبع المحراث شخص يلقي بالبذار في الثلم خلف الشخص الذي يقوم بعملية الحراثة وهذا ما يسمى "اللقاط" وعادة يقوم فلاح الجولان بحراثة أرضه بعد سقوط كميات كافية من الأمطار تسمح بحراثة الأرض لاستنبات الحبوب التي يراد زراعتها، ويختار الفلاح الجولاني الأرض غير الموحلة المناسبة لبذاره فيحمل محراثه ويسوق ثوره وحماره أو فرسه بعد أن يصلح السكة المناسبة، ومن عادة الفلاح أنه يبكر في الخروج إلى الحقل لرمي البذار قبل حراثة الأرض ومن الغناء عند فلاحي "الجولان" الذي يحض على التبكير وامتداح الشخص الذي يخرج مبكراً إلى حقله قبل طلوع الشمس. "قلبي على صويحب يا ضو القمر / والشمس ما تبدي عليه" ويرمي الفلاح البذار في الحقل وهو يعني: "يا الله يا مرزق الطير / في ظلام الليل يا الله يا مرزق الدود / من حجر الجلمود يا مطعم الهاجم والناجم / واللي نايم على خروبة زره"(1) ويتابع "الحسن" حديثه بالقول: «وبعد الانتهاء من بذار الأرض يبدأ الفلاح بحراثة الأرض بجد ونشاط وكلما شعر بالتعب أو الملل فأنه يروح عن نفسه بالغناء، وليس بالضرورة أن يكون الغناء دائماً حول حراثة الأرض وإنما أي غناء يوافق إيقاع عمله وحركته خلف المحراث ومنها: "وديت مبرد عاهواش / يا صايغ بدي شبرية (2) يا غزال طالع طالع / نهد البنية دالع يلعن بي المزارع / نسوني الحبيبا يا ظريف الطول / اردفني وراك حفين أقدامي / وأني أركض وراك وإن طلعت للسما / لأطلع وراك وإن حدرت / أني وياك بمحرمة ## عالجبل لقرع / عالجبل لقرع ## شيل جمالك / سمسم تانزرع جوز الطيارة / ما ظني ينفع ## شوفيلك شب / مكحل عيونه" السيد "محمد توفيق العلي" من أبناء "الجولان" يقول: «عندما كنا نقوم بعملية البذار والفلاحة نشعر بعض الأحيان بالملل والتعب ولكن مع الغناء والمواويل نعمل بجد ونشاط أكثر ولا يخلو يوم من أيام البذار أو الفلاحة إلا وكنا نفرح ونغني فرحاً بهذا العمل

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني يقول لموقع eQunaytra: «إن عمليتي البذار والفلاحة متلازمتان ولا يفصل بينهما إلا زمن قصير وفي كثير من الأحيان نكاد لا نلمس هذا الفاصل القصير فمرة تكون عملية البذار تسبق الفلاحة كبذار القمح والشعير والذرة الدخينة ومرة تأتي عملية البذار بعد الفلاحة مباشرة كبذار الفول والحمص إذ يتبع المحراث شخص يلقي بالبذار في الثلم خلف الشخص الذي يقوم بعملية الحراثة وهذا ما يسمى "اللقاط" وعادة يقوم فلاح الجولان بحراثة أرضه بعد سقوط كميات كافية من الأمطار تسمح بحراثة الأرض لاستنبات الحبوب التي يراد زراعتها، ويختار الفلاح الجولاني الأرض غير الموحلة المناسبة لبذاره فيحمل محراثه ويسوق ثوره وحماره أو فرسه بعد أن يصلح السكة المناسبة، ومن عادة الفلاح أنه يبكر في الخروج إلى الحقل لرمي البذار قبل حراثة الأرض ومن الغناء عند فلاحي "الجولان" الذي يحض على التبكير وامتداح الشخص الذي يخرج مبكراً إلى حقله قبل طلوع الشمس.

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

"قلبي على صويحب يا ضو القمر / والشمس ما تبدي عليه"

ويرمي الفلاح البذار في الحقل وهو يعني:

أدوات البذار والفلاحة قديماً

"يا الله يا مرزق الطير / في ظلام الليل

يا الله يا مرزق الدود / من حجر الجلمود

حراثة الأرض لوحة للفنان "فاضل زكريا"

يا مطعم الهاجم والناجم / واللي نايم على خروبة زره"(1)

ويتابع "الحسن" حديثه بالقول: «وبعد الانتهاء من بذار الأرض يبدأ الفلاح بحراثة الأرض بجد ونشاط وكلما شعر بالتعب أو الملل فأنه يروح عن نفسه بالغناء، وليس بالضرورة أن يكون الغناء دائماً حول حراثة الأرض وإنما أي غناء يوافق إيقاع عمله وحركته خلف المحراث ومنها:

"وديت مبرد عاهواش / يا صايغ بدي شبرية (2)

يا غزال طالع طالع / نهد البنية دالع

يلعن بي المزارع / نسوني الحبيبا

يا ظريف الطول / اردفني وراك

حفين أقدامي / وأني أركض وراك

وإن طلعت للسما / لأطلع وراك

وإن حدرت / أني وياك بمحرمة

عالجبل لقرع / عالجبل لقرع

شيل جمالك / سمسم تانزرع

جوز الطيارة / ما ظني ينفع

شوفيلك شب / مكحل عيونه"

السيد "محمد توفيق العلي" من أبناء "الجولان" يقول: «عندما كنا نقوم بعملية البذار والفلاحة نشعر بعض الأحيان بالملل والتعب ولكن مع الغناء والمواويل نعمل بجد ونشاط أكثر ولا يخلو يوم من أيام البذار أو الفلاحة إلا وكنا نفرح ونغني فرحاً بهذا العمل».

أما عن أمثال الفلاحة والبذار فيقول "الحسن": «إن أمثال الفلاحة والبذار تدور حول اختيار البذار المناسب للتربة والحض على التبكير في العمل واختيار التربة الصالحة والاعتناء بها وخدمتها وكل ذلك ناتج عن الخبرة الطويلة المتوارثة عن الآباء والأجداد ومن أمثال البذار والفلاحة:

"اربط بكير وحل بكير" هذا المثل يحض الفلاح على التبكير في عمله لأنه لا وقت للانتظار.

"الأرض بتفرق بالشبر" دعوة إلى اختيار الأرض المناسبة للزرع.

"اتعب تلعب" يحض المثل على عدم ادخار الجهد وان كان المردود سيأتي بعد وقت طويل.

"ما يخسر غير القاعد" هذا المثل إشارة إلى الشخص المتقاعس الذي لا يحصل على رزقه في حين يحصل المجدون على أرزاقهم في نهاية الموسم

"السهم الداشر صاحبه خاسر" وفي هذا المثل إشارة إلى الشخص المهمل الذي يترك أرضه مهملة وتكون النتيجة الخسران والندامة.

"ترك سهمه واشتغل بمونة بطنه" دعوة إلى الفلاح للعمل في أرضه خير له من العمل عند الآخرين بأجر زهيد.

"ازرع البور ولا تدور" دعوة إلى العمل واستصلاح أرض البور خير من التفتيش عن فرصة عمل ضائعة.

"ازرع شكار وقول يا ستار" دعوة إلى الشخص الذي لا يمتلك مساحة واسعة من الأرض وحضه على زراعة ارض هان كانت مساحتها صغيرة لان في ذلك ستر له من العوز.

"أرضك عرضك" إشارة إلى أن الأرض توازي العرض والشرف.

"اللي طبع طبع واللي ربع ربع" يقال هذا المثل بعد فوات أول الحراثة والزرع.

"لا تقول فول غير تا يصير بالعدول" دعوة إلى عدم الاستعجال في عاقبة الأمور.

"احرث على حمار أعرج ولا تقعد تتفرج" دعوة إلى استخدام الوسائل الممكنة لانجاز العمل.

"اللي بدو يحرث عالحمار بدو يبكر بالبذار" أي إذا كان للفلاح دابة ضعيفة لا تقوى كثيراً على جر المحراث فعليه أن يبكر في البذار قبل أن تنقده العصافير.

"اللي بدو يحرث عالكديش بدو يكثر لو حشيش" أي يجب إطعام الكديش ليكون قادرا على جر المحراث.

"مثل حراث الجمل اللي بحرثهن بربصهن" أي أن حراثة الجمل غير محمودة.

"احرث على ثور هرش ولا تستن فرس العيرة".

"ما بحرث الأرض غير عجولها" يقال هذا المثل في قوة واندفاع الشباب في العمل.

"نيسان ضب العدة والفدان" أي ينتهي وقت الفلاحة والزرع.

"بزرع زيوان بطلع كرسنة" يضرب للشخص المجد في عمله ويكون موفور الحظ.

"السكة اللي ما بتحرث بيها بو كلها الفار".

"طلع النجرس "النرجس" والدحنون ضب بذارك يا مجنون" يقال لمن يتأخر في حراثة الأرض وبذارها إلى أن يفوت الأوان والدحنون شقائق النعمان.

"اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب" أي فات أوان البذار والفلاحة.

السيد "محمود العبدالله" من أبناء "الجولان" يقول:«للأمثال الشعبية أهمية في حياتنا وكنا أثناء السهرات الشعبية في "الجولان" نستخدم الأمثال التي يكون لها العبرة، ولا يستخدم مثل شعبي عبث إلا وكان له غاية، فهي ضرورة جداً في حياتنا ولا يزال بعضها يستخدم حتى يومنا هذا».

الجدير بالذكر بأن الصور الرئيسية من أرشيف الموقع.

(1)الهاجم والناجم : الشيخ الضعيف ، خروبة زره : مقعده.

(2)هواش : أسم علم ، صايغ : حداد.