يفرض المناخ البارد شتاءً الذي تمتاز به محافظة "القنيطرة" على أبنائها البحث بوجه دائم عن أساليب تدفئة تناسب أسعارها ذوي الدخل المحدود وبجودة جيدة.

ويُعدّ "خالد محمد الموسى" والقائمون على إدارة معصرة "الصفا" في قرية "عين النورية" من المجدين الذين اجتهدوا لخدمة أبناء محافظتهم؛ من خلال استخدامهم لمادة "التفل" الناتجة عن عصر ثمار الزيتون، التي تعرف بـ"الجفت" وتحويلها إلى مواد للتدفئة.

استخدام مادة "تفل" الزيتون في صناعة وقود لتدفئة المنازل ساهم إلى حدّ كبير في الحفاظ على الثروة الحراجية من خلال تخفيف لجوء الحطابين إلى المناطق الحراجية التي لحقت بها خسائر فادحة خلال السنوات الماضية

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 تموز 2018، "خالد الموسى" الذي بدأ حديثه بالقول: «لأول مرة في محافظة "القنيطرة" يتم استخدام مادة "التفل" الناتجة عن عصر ثمار الزيتون، وهي عبارة عن نواة ثمار الزيتون بعد عصرها، حيث إن مئات الأطنان التي يخلّفها العصر، كانت تذهب من دون أي فائدة من خلال بيعها بأسعار رمزية جداً لأصحاب معامل تصنيع فحم النارجيلة والصابون.

"خالد محمد الموسى"

نجاح هذه التجربة في عدة محافظات دفعنا للاستفادة من مادة "تفل" الزيتون لتكون مادة بديلة للحطب الحراجي لتدفئة المنازل، وخاصة لأصحاب الدخل المحدود.

حيث تمّ التواصل مع مصمّم آلات لتصنيع آلة خاصة تُشكل قوالب لـ"تفل" الزيتون، وبدأنا العمل فيها مطلع شهر تموز 2018، الآلة تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ 7 أطنان يومياً، حيث تخرج القطعة الواحدة بطول 30سم وقطرها 10سم، وتزن 1كغ، وهذا يعني أن كل 1 طن من "تفل" الزيتون يصنع منه 1000 قطعة».

عملية كبس وتجفيف قطع تفل الزيتون

وعن طريقة التحضير يقول: «إن عملية تصنيع هذه المادة المأخوذة من "التفل" الغني بزيت الزيتون تمر بعدة مراحل؛ تبدأ بتجميعه بعد عصر الزيتون في المعاصر، ثم عزله ليخضع بعدها للتخمير على مدى أربعة أشهر، وفي شهر تموز من كل عام تنطلق عملية التصنيع و"الكبس"، حيث تعرض القطع المستخرجة لأشعة الشمس من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى يجف الماء منها تماماً، وذلك لضمان الحصول على عملية احتراق كامل».

وأضاف: «استخدام مادة "تفل" الزيتون في صناعة وقود لتدفئة المنازل ساهم إلى حدّ كبير في الحفاظ على الثروة الحراجية من خلال تخفيف لجوء الحطابين إلى المناطق الحراجية التي لحقت بها خسائر فادحة خلال السنوات الماضية».

جانب من العمل في معصرة "الصفا"

"موسى خليل الموسى" أحد أصحاب معصرة "الصفا"، يقول: «إن الاستفادة من منتجات عصر الزيتون هدف اقتصادي يساهم في تطوير زراعة الزيتون من خلال اعتماد أساليب علمية، وإعادة تدوير بعض منتجاته عن طريق استخدامها بطريقة مدروسة كبقايا التقليم التي تستخدم في الأسمدة العضوية وصناعة الحطب، وعلفاً للحيوانات، ووقوداً للتدفئة.

وما يميز "تفل" الزيتون كوقود للتدفئة أنه يبقى مشتعلاً لمدة ساعة كاملة، وحرارته أقوى من الحطب العادي والمازوت، وهو رخيص الثمن مقارنة مع غيره، ولا يسبّب ضرراً بالبيئة؛ لأنه يشتعل بصورة طبيعية، والطلبات تفوق المتوقع مع العلم أنها التجربة الأولى على أرض محافظة "القنيطرة"».

"أحمد خالد السيد" من أبناء "القنيطرة"، يقول: «فكرة الاستفادة من "تفل" الزيتون رائعة جداً، فأنا أذكر أن أجدادنا كانوا يذهبون إلى معاصر الزيتون بعد انتهاء موسم القطاف لجمع هذه المادة الناتجة عن المحصول للاستفادة منها طوال العام لأغراض التدفئة والطهو، وحالياً بعد تطور الآلات الحديثة أصبحت المادة جيدة للحفظ واستخدامها للتدفئة في فصل الشتاء، وما قامت به معصرة "الصفا" من تصنيع قوالب من "تفل" الزيتون لاستخدامه كوقود للتدفئة عمل رائع ويلقى إقبالاً شعبياً، فهي كمادة رخيصة الثمن، والتعامل معها سهل، والأهم من ذلك أنها تشتعل بصورة سلسة وغير مؤذية، ونار القطعة الواحدة كبيرة وتدوم لتتجاوز الساعة الواحدة، والتعامل معها أسهل من التعامل مع الحطب وأنظف، وكذلك الأمر بالنسبة للمازوت، وهذا العمل وجد من أجل مساعدة الفقراء».