هو ذلك العاشق العتيق للموسيقا الذي نشأ وترعرع بين مفرداتها في زمن تألقها وتابع نتاجاتها العالمية مدركاً أنها لغة العالم، هو الفنان "حميد طاش" الفنان والموسيقي الذي طرق أبواب العقد التاسع من العمر وهو الذي راهن دائما على اقتراب اليوم الذي يحقق فيه الحلم الذي رافقه منذ طفولته في مدينته "القنيطرة" وهو أن ينصفه التاريخ وأن يتذكر موسيقاه.

وفعلاً تحقق ما أراد عندما أنصفه رئيس جمهورية "قبردينا"* والتي توصف بأنها أرض الموسيقا الشركسية ومعقلها حين صفق له بحرارة طالبا منه البقاء في بلاد القفقاس لكونه يعد أحد أعلام الموسيقا في المهجر، وبذلك يكون "حميد طاش" قد وضع الموسيقا الشركسية الجولانية على خارطة الموسيقا العالمية لإيمانه بتأثيرها في الوجدان العام وما تحمله عن البلاد التي تنتمي إليها.

كانت المذيعة تبدأ بالتعريف بي "الفنان السوري حميد طاش"، وكم كنت حينها أشعر بالفخر لذلك. حيث إني كنت أقدم مقطوعات من تأليفي وتلحيني

"حميد طاش" ابن محافظة "القنيطرة" 1922، ذكر لنا أنه منذ أن كان صغيرا تجري بدمه موهبة العزف والموسيقا، فمن عمر الـ 15 سنة بدأ يتعلم من العازفين الأكبر سنا سماعياً، إلى أن دخل في العشرينيات من العمر واحترف العزف واشتهر به وطلبته الإذاعة الأردنية لكي يعزف ويغني في برنامج الفن الشركسي يقول عن تلك الأيام: «كانت المذيعة تبدأ بالتعريف بي "الفنان السوري حميد طاش"، وكم كنت حينها أشعر بالفخر لذلك. حيث إني كنت أقدم مقطوعات من تأليفي وتلحيني».

ما يزال "طاش" يتذكر كيف سافر إلى القدس وكيف عزف فيها، وصلى في قبة الصخرة والمسجد الأقصى وزار كنيسة القيامة.

بعدها أتيحت له فرصة الذهاب إلى روسيا ليطلع هناك على المزيد من المعزوفات وليصقل موهبته بالتعرف على العديد من الألوان الموسيقيية والأغاني.

  • ما الألوان الموسيقية والغنائية التي كنت تقدمها؟
  • ** قدمت العديد من الألوان منها الأغاني الوطنية الخاصة بالجولان وأغاني العشق والحب والأغاني الكوميدية وجميعها من التراث الشركسي وباللغة الشركسية.

  • أنت إضافة إلى كونك عازف أكورديون وتعد "أسطورة العزف الشركسي في الجولان"، مغن وملحن وكاتب ماذا تحدثنا عن هذه التجربة؟
  • ** لي العديد من الأغاني حوالي 70 أغنية باللغة الشركسية ولم أعد أتذكر عددها بالتحديد وأنا كنت أقوم بكتابتها وتلحينها وأغنيها. وأذكر أني غنيت في التلفزيون والإذاعة الأردنية والروسية.

  • دائما من بين الحصيلة الغنائية للفنان، أغنية يكون لها الأثر الأكبر في نفوس المستمعين، هل عشت هذه الحالة مع إحدى الأغاني التي لا يزال يذكرك الكثيرون بها؟
  • ** نعم أغنيتي العودة والجولان هذه الأغنية من وقت النزوح لا تزال حية يرددها الكثير من أبناء الجولان من النازحين الشراكسة.

  • هل كنت حريصا عن تعليم جيل الشباب من خبرتك الموسيقية؟
  • ** نعم حرصت على ذلك وقد أقام من علمتهم العديد من الحفلات لنقل ما علمتهم إياه إلى مسامع الجمهور الذي كان يطرب ويصفق لهم بحرارة. بالإضافة إلى أني عملت على توثيق كل حصيلتي الموسيقية على أشرطة وقد أرسلت للجمعيات الشركسية نسخا منها ليتاح للشباب الراغب في الاطلاع على تجربتي الفنية الاستفادة منها.

  • في روسيا ألم تحاول دراسة الموسيقا بشكل أكاديمي؟
  • ** أنا ذهبت إلى روسيا ثلاث مرات الأولى مع وفد من الجمعية الشركسية الأم في سورية للعزف في مهرجان عالمي، بعدها قاموا بدعوتي لقضاء ثلاثة أشهر اطلعوا خلالها على تجربتي الموسيقية. ولكن لم أفكر بالبقاء هناك ودراسة الموسيقارغم المغريات التي عُرضت علي وفضلت العودة إلى الوطن.

    السيد "محمد حاج طاهر" رئيس اللجنة الفنية في الجمعية الشركية تحدث عن مكانة الفنان "حميد طاش" كفنان يعتلي قمة هرم الموسيقا الشركسية في سورية: «الجمعية الشركسية حرصت على أرشفة أعمال الفنان "حميد طاش" كاملة والذي يعد مدرسة لحمايتها كثروة فنية. ونحن نشجع الشباب على الاستفادة من خبرة الفنان الذي يقوم بتصويب أخطائهم. فهو فنان نفتخر به وبتجربته الموسيقية التي يزيد عمرها على السبعين عاماً».

    أشبه ما تكون نداء للحب والعشق والوطن هكذا هي الموسيقا التي ما تزال تحتل ذاكرة الفنان "حميد طاش" مطرحاً حميما في الذاكرة.

    *حصلت جمهورية قبردينا على الحكم الذاتي من الحكم الروسي عام 1936 وظلت جمهورية متمسكة بالهوية والتراث المتمثل باللغة، وعزف الموسيقا الشركسية التي اشتهرت بها والمحافظة على العادات والتقاليد.