عُرفت المربية الراحلة "ماري حداد" بالمرأة الجولانية الصلبة التي قاومت الاحتلال بالفكر والنضال طوال مسيرتها الحافلة، ويتذكرها الجولانيون بكرم الأخلاق، وطيب النفس والصدق، والوطنية، وحبّها للعلم، ودفاعها عن مكتسبات المرأة.

المعمّر "فياض كريم الفياض" ابن قرية "سكوفيا" في "الجولان" المحتل، في لقاء لمدونة وطن "eSyria" معه بتاريخ 5 كانون الثاني 2018، عن معرفته بـ"ماري حداد" قال: «هي من مواليد عام 1935، في قرية "مجدل شمس"، وهي من النساء القلائل اللواتي تعلّمن؛ إذ درست الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس "مجدل شمس" ومدينة "القنيطرة"، وتابعت دراستها في دار المعلمات في العاصمة "دمشق" أولاً، وحصلت على شهادة أهلية في التعليم، ثم نالت إجازة في الحقوق من جامعة "دمشق"، وبعدها عملت معلمة في مدارس محافظة "القنيطرة". تميّزت بعطائها وحبّها لعملها النبيل، وكانت إضافة إلى عملها تشارك في المناسبات الوطنية والقومية، والنشاطات الاجتماعية المختلفة التي كانت تُقام آنذاك، وقد ساهمت في تأسيس جمعية "النهضة النسائية" في محافظة "القنيطرة" قبل عام 1967، إذ كانت من العضوات البارزات الناشطات فيها».

هي من مواليد عام 1935، في قرية "مجدل شمس"، وهي من النساء القلائل اللواتي تعلّمن؛ إذ درست الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس "مجدل شمس" ومدينة "القنيطرة"، وتابعت دراستها في دار المعلمات في العاصمة "دمشق" أولاً، وحصلت على شهادة أهلية في التعليم، ثم نالت إجازة في الحقوق من جامعة "دمشق"، وبعدها عملت معلمة في مدارس محافظة "القنيطرة". تميّزت بعطائها وحبّها لعملها النبيل، وكانت إضافة إلى عملها تشارك في المناسبات الوطنية والقومية، والنشاطات الاجتماعية المختلفة التي كانت تُقام آنذاك، وقد ساهمت في تأسيس جمعية "النهضة النسائية" في محافظة "القنيطرة" قبل عام 1967، إذ كانت من العضوات البارزات الناشطات فيها

ويضيف: «بعد عام 1967، واحتلال العدو الإسرائيلي الصهيوني لـ"الجولان"، غادرت "ماري" "القنيطرة" إلى "دمشق"، وتابعت عملها كمدرّسة هناك، وقد تعرفت إليها في عام 1968، عن طريق شقيقيها "يوسف وسليم"، اللذين كانا من وجهاء محافظة "القنيطرة"، إذ كانا قادرين على حل مشكلات المواطنين ومعالجة العديد من القضايا. وفي عام 1972، قمت بترشيح "ماري" لتشغل رئاسة الاتحاد النسائي في "القنيطرة"، لكوني كنت أشغل عضو قيادة فرع "القنيطرة" لحزب البعث العربي الاشتراكي في العام ذاته، وقد أُخذ برأيي، وتم تعيينها رئيسةً للاتحاد، وعملت ما بوسعها لتوسيع قاعدة المنظمة حتى شملت كافة قرى وتجمعات المحافظة، كما قامت بأنشطة متعددة في ذلك الوقت، منها دورات محو الأمية، ودورات التأهيل المهني، وأيضاً أقامت العديد من الندوات والدورات التعليمية والمعارض الإنتاجية، وحثت النساء على تعليم بناتهن، ونظراً إلى نشاطها المتميّز؛ تم انتخابها عضواً في قيادة فرع "القنيطرة" لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفيما بعد تم انتخابها لتصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب، ثم أصبحت عضواً في لجنة الرقابة والتفتيش الحزبية في "القنيطرة"، وبقيت حتى وفاتها.

"ماري حداد" و "عمر الرفاعي" أمين فرع الحزب بالقنيطرة عام 1970

وقد رحلت وهي تحلم بالعودة إلى قريتها "مجدل شمس" في ربوع "الجولان" الحبيب، وتُعدّ من نساء "الجولان" البارزات اللاتي صنعن مجداً باسمه».

المعمّر "علي الرفاعي" أمين فرع حزب "البعث" في "القنيطرة" آنذاك، يقول: «بلغت سن الثمانين، وما زلت أذكر تلك الأيام التي جمعتني بامرأة غير عادية، امرأة في قلب رجل، هي المرأة الجولانية التي قدمت لأهلها كل ما تمتلك من خبرات وقدرات، فقد عرفتها عن قرب، ولمست في عينيها وفكرها ملامح الإيثار، كل الإيثار، كانت عاشقة للعمل والتفاني، وقد اعتدنا أن نراها في كل الميادين، إذ ساهمت في غرس قيم النبل والأصالة في نفوس الكثيرين من خلال ما قدمت من مبادرات فردية تتعلق بالمرأة الجولانية، كما استطاعت أن تكرس خبرتها في ميدان العمل التطوعي مع المنظمات الدولية المختلفة بالاستفادة من هذه الخبرات كلها، وأطلقتها في برامج العمل، وكان لها الأثر الكبير في تطوير آفاق العمل التعاوني، كما برزت أيضاً من خلال الأعمال التي كلفت بها، لتترك قبل رحيلها بصمات تخلدها على صعد مختلفة، وكانت في مقدمة المتحمسين دائماً لشرح قضية "الجولان" العادلة أمام الوفود التي كانت تزور مدينة "القنيطرة"، تلك المدينة الشهيدة التي دمرتها آلة الغدر الإسرائيلية الصهيونية أمام أنظار المجتمع الدولي برمته.

"ماري حداد" مع أعضاء فرع القنيطرة لحزب البعث العربي الاشتراكي

قدمت "ماري" لـ"الجولان" قلبها وعقلها، وكانت المرأة الجولانية هاجسها الأساسي، لأنها كانت تبحث محاولة أن تنمي النساء في هذه المحافظة بغية تربية جيل جديد تغرس في عقوله حب الأرض والتجذر، لطالما حلمت بعودة "الجولان" كاملاً غير منقوص إلى الوطن الأم "سورية"، وكانت دائماً تقول لي: (الجولان وطن الأحبة ومرتع الطفولة، فيه ترعرت، وفيه انغمست ذكرياتي، بين حجارته السوداء، بين غدرانه، كنت أترنم على صوت البلابل وتغريد العصافير، وأنظر إلى جبل "الشيخ" المغطى بالثلج، وأشعر بعشق يشدني إليه). لكنها رحلت بعد أن ترافقنا في رحلة دامت منذ عام 1970 وحتى عام 1980، ولم تستطع رؤية مشهد تحرير "الجولان"، وبقي مشهد العودة حلم الطفولة وريعان الشباب دمعة تعتصر القلب».

"ماري حداد" مع أحد الوفود التي زارت القنيطرة