خطاط متمرس يملك ذهنية متطورة في الخط الكوفي، وقد عُني بتجويده كجزء لا يتجزأ من تراث عروبته، ووصل إلى ذروة الجمال الفني باستخدامه مهاراته وقدراته الفنية، إذ جعل من لوحاته قصائد شعر متوازنة.

الخطاط "محمد رضا بلال" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 كانون 2017، قال: «ولدت في "الجولان" السوري، وقضيت طفولتي بين ربوعه، وهو من علمني لغة الانتماء، فـ"الجولان" بالنسبة لي ثقافة واسعة أستمد منه كتاباتي، وهو لغتي وهويتي، أرضه ما زالت متجسدة في كياني. أما عن نشأتي الحروفية، فقد بدأت علاقتي فيها منذ اليوم الأول في المدرسة، إذ مازلت أذكر في درس الحساب الأول "الرياضيات"، وهو درس الرقم 1، أن المعلم كتب على السبورة الرقم كما يكتبه الخطاطون وطلب من التلاميذ أن يكتبوه على ألواحهم الحجرية، فنظرت إلى ألواح زملائي فوجدتهم قد كتبوه بشكل عصا عمودية، فاستغربت وخاصة عندما أثنى المعلم على كتاباتهم، خاصة أنني كنت على يقين بأن الذي على السبورة لا يمت بصلة لما كتبه التلاميذ، لذا قمت برسم الرقم رسماً بأضلاعه الثلاثة كما رسمه المعلم وحسب طبيعة فهمي الأول للأشكال، وأذكر أن رقمي قد حاز إعجاب ودهشة زملائي، فقمت برسمه لأغلب التلاميذ، وهنا بدأت علاقتي مع الخط رساماً له لا خطاطاً، وهكذا استمرت هذه العلاقة مدة طويلة».

عند كتابتي للوحة الكوفية لا أخطط لها تخطيطاً مسبقاً، بل أبدأ وحسب، وأدع الباقي للظروف الآتية، فهي كقصيدة الشعر التي يحتاج الشاعر فيها إلى ومضة البيت الأول، ثم تأتي الأبيات الأخرى تباعاً، فبدلاً من أن أقود اللوحة أتركها تقودني هكذا حتى النهاية، وأظن أن ما يميّز خطوطي الكوفية عن غيرها هو النزوع إلى التوازن، فلا أستطيع أن أخط لوحة من دون دراسة للكتل ومحاولة في تحقيق التوازن البصري بين هذه الكتل، وإن هناك علاقة أيضاً بين الخط والتصوير الفوتوغرافي لدي، بينهما قاسم مشترك هو الفن والنظرة بشفافية إلى الأشياء. لقد قمت بأعمال كثيرة، لكن المميز منها هو عملي المشترك مع الخطاط "جمال بوستان" خطاط مصحف الشيخ "مكتوم"، وقمت بإعداد زخارف الطبعة التجريبية لهذا المصحف، وصدرت هذه الطبعة مزينة بهذه الزخارف، وقد حصلت على الكثير من الجوائز في الخط الكوفي في المحافل الدولية

أضاف "بلال": «نشأت في منطقة نائية في "الجولان" لا وجود فيها للخطاطين وكراريسهم، فكانت تستهويني عناوين الكتب المدرسية التي كانت أغلبها بخطي "الثلث الجلي" و"التعليق". أما خطا "النسخ والرقعة"، فكانت تُكتب بهما أسماء المؤلفين في أسفل الأغلفة، فكنت أرسم الخطوط رسماً في البداية، حتى تعرفت القصبة لاحقاً عند انتقالي إلى مركز الناحية، ورأيت كيف يستخدمها الطلاب الشغوفون بالخط، وكنت أجد صعوبة في استخدامها والوصول إلى جودة ما أريد، حتى داومت على استخدامها في التدريب على حروف الخط، فكانت بعض الحروف سهلة، وبعضها الآخر عصي شكلها عجيب، خاصة في ظروف غياب المعلم الخطاط، وأكثر الحروف التي كان يستعصي علي رسمها حرف الراء في خط النسخ، إذ لم أكن أعرف سر كتاباته وكيفية تدويره لتكوين تلك النهاية المدببة له، وفي الحقيقة حبي للرسم واستعصاء حرف الراء كان له الدور الأكبر في تحويلي عن الخطوط اللينة وتوجهي إلى الخط الكوفي، فالخطوط اللينة تحتاج إلى إتقان الحروف وتكنيك عالٍ في استخدام القصبة والأحبار و"تقهير" الورق وغيرها من المهارات الخاصة التي لم أكن أجد نفسي فيها، أما الخط الكوفي، فيلتقي مع الرسم في كثير من النواحي، أهمها أنه خط يُرسم، ومن هنا اتجهت إلى التعمق في هذا الخط، خاصة عندما وجدت أن أغلب الخطاطين لم يكونوا على دراية به، بل يكاد يكون مجهولاً تماماً عندهم، وبدأت دراسة كراسة "محمد عبد القادر"، وقلدت حروفها حتى أصبح أستاذي عبر كراسته في تعليم تشريح حروف الخط الكوفي، وبعد مدة لاحقة تعرفت إلى خطوط الأستاذ الكبير "يوسف أحمد" التي غرست فيّ حبّ وعشق الخط الكوفي بمختلف أنماطه وأنواعه، وهو الذي عرفني إلى إمكانيات هذا الخط اللا محدود في التشكيل والزخرفة والتوازن، وفتح أمامي آفاقه، ونسج بيني وبينه وشائج من الحب الصوفيّ الخالص».

خط كوفي مركب "حب الوطن من الإيمان"

عن أعماله قال "بلال": «عند كتابتي للوحة الكوفية لا أخطط لها تخطيطاً مسبقاً، بل أبدأ وحسب، وأدع الباقي للظروف الآتية، فهي كقصيدة الشعر التي يحتاج الشاعر فيها إلى ومضة البيت الأول، ثم تأتي الأبيات الأخرى تباعاً، فبدلاً من أن أقود اللوحة أتركها تقودني هكذا حتى النهاية، وأظن أن ما يميّز خطوطي الكوفية عن غيرها هو النزوع إلى التوازن، فلا أستطيع أن أخط لوحة من دون دراسة للكتل ومحاولة في تحقيق التوازن البصري بين هذه الكتل، وإن هناك علاقة أيضاً بين الخط والتصوير الفوتوغرافي لدي، بينهما قاسم مشترك هو الفن والنظرة بشفافية إلى الأشياء. لقد قمت بأعمال كثيرة، لكن المميز منها هو عملي المشترك مع الخطاط "جمال بوستان" خطاط مصحف الشيخ "مكتوم"، وقمت بإعداد زخارف الطبعة التجريبية لهذا المصحف، وصدرت هذه الطبعة مزينة بهذه الزخارف، وقد حصلت على الكثير من الجوائز في الخط الكوفي في المحافل الدولية».

الباحث "محمد الفياض" عن معرفته بالخطاط "محمد بلال" قال: «ترعرع المبدع "بلال" في قرى "الجولان" الحبيب، وصقلته طبيعته الجميلة والساحرة، ليُطوع الحرف العربي لخدمة الفن الجميل، ألا وهو فن الخط العربي، وقد امتاز صاحب الملكة المبدعة باختيار الخط الكوفي كنوع من أنواع الخط العربي، لما له من ضوابط مهمة، إذ يعتمد هذا الخط الهندسة الروحانية، كيف لا و"بلال" يعشق هندسة الحروف، وقدم لنا العديد من اللوحات الفنية الرائعة التي تعجّ بالحيوية والحركة، وكما يعرف الجميع أن "دمشق" كانت عاصمة الخلافة الأموية، وعصرها يكاد يكون عصر تجويد الخطوط، فقد أرست قواعدها وبدأ التدوين، ومع التجويد بدأت تتبلور للخط قواعد وأسس وأشكال، وانتقلت هذه الأسس والقواعد إلى الأمصار كلها، وما الخطاط "بلال" سوى امتداد لهذه المدرسة العظيمة التي وضعت الأساس لولادة هذا الفن، ولم يكن "بلال" خطاطاً فحسب، بل كان أيضاً مصوراً فوتوغرافياً لأنه يرى الجمال والفن بعين مفعمة بالعشق لكل ما هو جميل».

لوحة الخط الكوفي المربع

الجدير بالذكر، أن الخطاط "محمد رضا بلال" من مواليد "الجولان"، عام 1948.

إحدى لوحاته بالخط الكوفي