موقعها البارز الذي يعدّ من أهم المواقع الأثرية في "الجولان" عرضها للتزوير ومحاولة طمس عروبتها؛ إذ تعود أقدم آثارها إلى الفترة الرومانية والبيزنطية، اكتسبت تسميتها من كثرة القناطر في بيوتها، وآثارها الممتدة في كل الحقب التاريخية.

الباحث "أيمن أبو جبل" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 كانون الأول 2017، قال: «"أم القناطر" قرية تقع على الضفة الشرقية لوادي "الشبيب" جنوب "الجولان"، بالقرب من قرية "مجدوليا"، وقد أقيمت على أنقاضها مستعمرة "إسرائيلية" أطلق عليها اسم "ناطور"، ويعد موقعها من أبرز المواقع الأثرية في "الجولان" المحتل، وقد تعرضت إلى التزوير الإسرائيلي بعد الاحتلال، إذ إن علماء الآثار الإسرائيليين ما زالوا يحاولون طمس هويتها التاريخية الحقيقية من خلال رواياتهم الإيديولوجية التي تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، فكثيراً ما حاول المجلس الإقليمي للمستوطنات اليهودية في "الجولان" المحتل تغيير اسم "أم القناطر" إلى "كشاتوت رحبعام" في عام 2004، تخليداً لذكرى مجرم الحرب "رحبعام زئيفي"، الذي ترك بصمات بشعة من جرائمه على سكان ومواطني "الجولان" أثناء عملية تهجيرهم وطردهم واقتلاعهم من ديارهم في حرب حزيران عام 1967، إلا أن لجنة تحديد الأسماء "الإسرائيلية" الحكومية، رفضت التسمية رسمياً، وقد عملت سلطة الآثار الإسرائيلية على ترميم الآثار في "أم القناطر" بادعاء أن فيها كنيساً يهودياً قديماً مزعوماً تم اكتشافه في عام 1884، إذ بدأت أعمال المسح الأثري في "الجولان" منذ القرن التاسع عشر من قبل هواة أجانب على رأسهم العالم الألماني "شوماخر" و"غوتلب"، حيث قاما بمسح الكثير من المواقع والمباني الأثرية في "الجولان"، وظهرت نتيجة أعمالهم مواقع مصنفة من مختلف العصور التاريخية القديمة، التي يمكن أن تمثل مع حضارة الشرق القديم في "سورية" نموذجاً حضارياً متكافئاً ومتوازناً مع حضارات العصور والممالك القديمة».

إن وجود اسم عبري في جملة مبتورة، نُقشت على صخرة، وُجدت في مكان ما، لا يعطي للموقع هوية يهودية، فقد انتقل الكثير من أسماء العلم، ولاتزال تنتقل حتى اليوم من لغة إلى لغة أخرى، ولعل اللغة العبرية من أكثر اللغات في العالم التي أخذت من غيرها من اللغات الأخرى، مفردات وأسماء علم، وخاصة اللغة العربية

يضيف "أبو جبل": «وصل المستشرق "شوماخر" إلى قرية تدعى "أم القناطر"، والتقى هناك أحد شيوخها الذي شرح له عن القرية والأعمدة الطويلة فيها، التي ترتفع ثلاثة أمتار شُيدت فوق عين الماء. وفي عام 1928، زارت المنطقة بعثة ألمانية، وكشفت عن مبنى كبير بطول 18.80م يستدل من أسلوب بنائه أنه مبنى كبير ومتطور مشيد وفق النظام العمراني الروماني، ولم تُشر النتائج والحفريات إلى أي صلة للمبنى بالمزاعم اليهودية، وكشفت التنقيبات عن عدة أبنية أثرية فيها ومدافن رومانية قديمة، قد انهارت أو تصدعت بفعل عوامل الطبيعة والزلازل التي ضربت المنطقة في القدم».

موقع القرية على غوغل إيرث

يتابع "أبو جبل" قائلاً: «لقد أكدت البعثات الأوروبية المختلفة التي زارت "الجولان" فيما بعد أن التاريخ العريق لـ"الجولان" ترك بصماته على كل شبر فيه، فكان متحفاً للعصور التاريخية التي تعاقبت عليه، فلا يكاد يخلو موضع فيه من أثر تاريخي شاهد، جميعها تتحدث عن حضارة وامتداد وعروبة هذه الأرض، ومع ذلك ما إن تم احتلال "الجولان" في عام 1967م، حتى عمدت "إسرائيل" على إجراء مسح دقيق وشامل لأراضي ومواقع "الجولان"، مستندة إلى ما ورد في "التوراة" حول ذكر مدينة "الجولان" فيه، لكن لم تحظَ بنتيجة التحريات والتنقيبات إثبات أي شيء يقدم دليلاً على وجود للعبرانيين القدماء في "الجولان" السوري، على الرغم من اكتشاف أكثر من ثلاثين كنيساً يهودياً، ومنهم الكنيس اليهودي في "أم القناطر"، الذي يعود إلى الفترة البيزنطية والرومانية».

وقال الراحل الأستاذ الباحث "عز الدين سطاس" في هذا الصدد: «إن وجود اسم عبري في جملة مبتورة، نُقشت على صخرة، وُجدت في مكان ما، لا يعطي للموقع هوية يهودية، فقد انتقل الكثير من أسماء العلم، ولاتزال تنتقل حتى اليوم من لغة إلى لغة أخرى، ولعل اللغة العبرية من أكثر اللغات في العالم التي أخذت من غيرها من اللغات الأخرى، مفردات وأسماء علم، وخاصة اللغة العربية».

من أنقاض القرية
المبنى الأثري الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي