تمكّن من بناء كيانه الموسيقي بجهد فردي عبر مسيرة أمضاها في التعلّم والتدريب المستمرين؛ نظراً لقلة المراكز الموسيقية التدريسية في محافظته، وزادته الصعوبات الكبيرة التي واجهته في رحلته نحو فضاءات الإبداع، إصراراً على الوصول إلى الهدف الذي رسمه لنفسه.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الثاني 2017، التقت "حمزة أحمد حيمود" في مكان إقامته الحالي في بلدة "خان أرنبة"، وعن بداياته وعلاقته مع الموسيقا قال: «اكتشف أهلي والمجتمع القريب مني موهبتي وحبي للموسيقا باكراً، فشجعوني على الاستمرار في هذا الطريق الذي اخترته لتنمية مواهبي في العزف والغناء، لكن بدايتي الفعلية كانت في عام 2011، وتحديداً في التاسعة عشرة من عمري عندما قررت أنا وأخي تعلّم العزف على آلة العود التي نحبها، والتي كانت بوابتي إلى عالم الموسيقا.

من خلال مشاركاته وأعماله الفنية لوحظ أنه يمتلك موهبة فريدة ولديه الكثير من المزايا، أهمهما التكتيك والهدوء الذي تميز به، والذي يعطي لعزفه روحاً خاصة، واهتمامه ملحوظ بتنمية مواهبه المتعددة

والمميز في مسيرتي الفنية هو أنني بدأت صناعة الآلات الموسيقية قبل أن أبدأ العزف الموسيقي؛ وهو ما شجعني ودفعني بقوة إلى تعلم العزف، وكنت أول من قام بصناعة الآلات الموسيقية في محافظة "القنيطرة"، وواجهت الكثير من الصعوبات، وأهمها المناخ الشديد البرودة والرطوبة الذي يوثر في هيكل العود والصوت، حيث بدأت بجهود شخصية بعد عدة محاولات لصناعة آلة العود والكشف عن أسرار الصوت، وبعد تجارب لمدة سنة تقريباً حصلت على عود مقبول، وبدأت التطوير، إلى أن أصبحت أصنع عدة آلات موسيقية (العود والناي والبزق)، وهي مهنة صعبة، وتعلّمها يكون حسب الرغبة والاستعدادات الفطرية ومهارات اليدين الموجودة عند كل شخص، وفي عام 2011 تم إنجاز أول عود».

"حمزة حيمود" في مشغل صناعة الآلات الموسيقية

وعن علاقته بالعود يقول: «هي علاقة حياة ووجود، إلى أن أصبح العود جزءاً من حياتي، وكما قيل منذ القدم العود سلطان الآلات وجالب المسرات، من خلال أجزائه الأساسيّة التي تؤثّر بالصوت الصادر منه، بوجه أساسي صدر العود وخشبه ومعالجته وثخانته وقساوته وتوزيع الجسور داخل الصدر، إضافة إلى الفرس ووزنه وارتفاعه، ومقاييس العود وتناسب أبعاده من طول وعرض وعمق ومنحنى الظهر وطول الوتر، وأخيراً نوع الأوتار وأقطارها.

وبالنسبة للعود الذي يحتوي سعبة أوتار، ليس جديداً؛ فعود "الفارابي" كان بثمانية أوتار، لكن يبدو أنه غريب لأن أكثر العازفين أو صانعي العود اعتادوا الأوتار الستة وأحياناً الخمسة، وأغلب الصناع يبتعدون عن الأوتار السبعة خوفاً من زيادة أحجام المفاتيح ووزن العود، إضافة إلى التعديلات في وجه العود لكي تتناسق الأصوات على عدد الأوتار، والعود السباعي الأوتار مصمم بنفس المعادلة الرياضية التي أوجدها "مجدي العشماوي"، مصمم معادلة أوتار العود التي تعطي العود نفس الخصائص غير الموجودة في أي عود عادي يمكن وضع وترين "قرار" لدرجة "الدوكاه". للسبعة أوتار مذاق خاص وجميل جداً، والعود السباعي الأوتار كان موجوداً في "مصر" منذ مئات السنين».

من مشاركاته في المهرجانات والفعاليات

وعن الموسيقا يضيف: «الموسيقا لون من ألوان التعبير الإنساني، فقد يتم التعبير بها عن خلجات القلب المتألم الحزين، وكذلك عن النفس المرحة المرتاحة، وهي ليست مجرد أنغام، بل هي وسيلة تواصل لالتقاء الذهن والروح عند الشخص الواحد، وهي أيضاً وسيلة فاعلة اجتماعية وتربوية تساهم في عمليات التفاهم وتنمية الحس الشخصي، وتعمل على إدخال البهجة إلى النفوس وتجميل العالم من حولنا، كما جاء في إحدى مقطوعات الفنانة اللبنانية الشهيرة "فيروز": "أعطني النايَ وغـَنّي، فالغِناء سِـرُّ الوجودْ"، وكذلك كما صدحت السيدة "أم كلثوم": "المَغـْـنَى حياة الروح، يسمعهُ العليل يِشفيه"، وأنا أومن بأن الموسيقا والغناء سلاح قوي يمكنه أن يوصل أجمل الأفكار ويجعل كل الناس يحلمون بالأفضل، ويزرع الفرح والبسمة في كل مكان وزمان».

أما بالنسبة للرسم، فقال: «الرسم هو المجال الذي أستطيع من خلاله التعبير عن مشاعري تجاه الأشخاص أو الأحداث، أرسم اللوحات والشخصيات الكرتونية كما هي في الواقع، حيث رسمت خمساً وثلاثين لوحة جدارية كرتونية في العديد من مدارس محافظة "القنيطرة"، وآخرها كانت مجسماً يمثل التراث الشامي في مدرسة الشهيد "عوض السيد" في بلدة "خان أرنبة". استخدمت الألوان الزيتية وأقلام الرصاص في أغلب لوحاتي، وأعشق رسم البورتريه».

عمل تراثي في مدرسة "عوض السيد"

وعن هوايته بصناعة الدمى يقول: «كانت البدايات عن طريق فريق شبابي للدعم النفسي، الذي أعطيته فكرة تصنيع الدمى يدوياً من خلال التحدي لتصنيع الدمى بإمكانيات محدودة، فكانت المحاولة هي صناعة الدمى من خيوط الماريونت، إضافة إلى دمى الكف والعصي، والهدف كانت إقناع الآخرين بعدم وجود المستحيل، وعالم الدمى كبير ومهم بالنسبة للطفل، ويجهله الكثيرون من الناس، ويمكن تصنيف مسرح الدمى أنه الوسيلة الوحيدة والأقرب إلى جذب الطفل وحفظه بسهولة ويشمل الكبار أيضاً، تعدّ هذه الحرفة التقليدية من أهم أنواع التراث الحضاري اللا مادي، ولهذه الألعاب دور بارز في توسيع مدارك الأطفال، فهم يقومون بالتعلم مع اللعب؛ لذا ينصح العلم الحديث بانتقاء ألعاب الأطفال بعناية فائقة، والابتعاد عن الألعاب التي تصنع لتمثيل مشاهد من العنف أو الرعب، وما زلت أعمل بصناعة الدمى إلى جانب الرسم وصناعة بعض الآلات الموسيقية، ولدي العديد من الدمى من تصميمي وإنتاجي».

وحول تعدد المواهب الفنية يقول: «الإبداع بعدة مجالات يعود إلى حب الاكتشاف والمعرفة؛ وذلك لأن عمر الإنسان محدود؛ لذلك لا بد أن يتوجه إلى ما ينفع، وأهم صفة يجب أن تكون متوفرة عند الفنان عدم اليأس والصبر، وكثرة التجارب، ومحاولة الاستفادة من أي شيء يواجهه».

عنه قال "حسين غنيم" أمين رابطة "جبل الشيخ" الشبيبية وعضو في ملتقى "الجولان" الثقافي: «جمع بين الوتر ونغمه وريشة الألوان والدمى، فنان وعازف مبدع وسريع التعلم، عمل على تطوير مهاراته الفنية بمفرده من خلال الممارسة والمتابعة، حتى أثبت براعته في العزف والرسم وتصنيع الآلات الموسيقية يدوياً بشكل رائع، وله ميزاته الخاصة، حيث كانت له بصمة في جميع المشاركات والأعمال التي أقامتها رابطة "جبل الشيخ" وفرع شبيبة "القنيطرة"، تركت أثراً فعالاً بين جميع فئات المجتمع».

وأضاف: «من خلال مشاركاته وأعماله الفنية لوحظ أنه يمتلك موهبة فريدة ولديه الكثير من المزايا، أهمهما التكتيك والهدوء الذي تميز به، والذي يعطي لعزفه روحاً خاصة، واهتمامه ملحوظ بتنمية مواهبه المتعددة».

يذكر أن عازف العود "حمزة أحمد حيمود" من مواليد محافظة "القنيطرة" عام 1992، تخرّج في كلية الآداب، قسم الفلسفة عام 2017، وحاصل على دبلوم تأهيل تربوي، وحالياً سنة أولى في كلية الفنون الجميلة في "دمشق"، له مشاركات بالمهرجانات والفعاليات الفنية التي تقيمها محافظة "القنيطرة" وفرع شبيبة "القنيطرة".