انفردت منطقة "الجولان" بظاهرتين طبيعيتين لافتتين، تتمثل الظاهرة الأولى في مخاريط بركانية تنتشر على سطح المنطقة على شكل تلال وفق نسق هندسي واضح، في حين تتمثل الثانية في صخور بازلتية سوداء تغطي معظم مساحة المنطقة، ولا سيما في القطاعين الأوسط والشمالي.

وبحسب الباحث في تاريخ وشؤون "الجولان" "عبد الكريم العمر"، فإن منطقة "الجولان" جزء من حوض كبير يُعرف بوهدة "جبل العرب" و"طبريا"، يحيط به "نهوض الأردن" من الجنوب، و"نهوض جبل الشيخ" وجبال "لبنان" الشرقية من الشمال، وترسبت في هذا الحوض النيوجيني ـ الثلاثي الحديث طبقات صخرية رسوبية يغلب عليها الكلس والحوار والصوان والغضار.

الحفر البركانية الصغيرة التي يطلق على الواحدة منها اسم "الجوبة" يراوح قطر الواحدة منها بين 5-40م، التي تشكلت نتيجة الانفجارات التي رافقت البراكين، ولعل أشهرها "الجوبة الكبيرة" قرب "تل الأحمر" جنوبي غربي قرية "مسعدة"، وتعرف بـ"بحيرة مسعدة"، وهي عبارة عن فوهة بركان يبلغ قطرها 600م، وعمقها 9 أمتار تقع على ارتفاع 940م عن سطح البحر في أقصى شمال "الجولان" بين قرية "مجدل شمس"، وقرية "مسعدة"، ويعود أصل البحيرة إلى نشاط بركاني قديم بفعل ضغط الأعماق، إضافة إلى ظاهرة المسدسات، وهي صخور متكسرة مسدسة الزوايا وأعمدة بازلتية تكونت من الحمم النارية البركانية، ولها ألوان متعددة تتدرج بين الأسود والرمادي والبني، وسبب تغيير الألوان العناصر والمعادن الموجودة أصلاً في (اللابة) الحمم البركانية، أو بسبب عوامل التعرية والتأكسد، تقع بركة المسدسات وسط "الجولان" بين "قصرين" و"اليعربية"

وأضاف لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 21 أيلول 2017: «البركان ظاهرة طبيعية قديمة تشكل منظراً من أكثر المناظر جلالاً وهيبة وروعة وهولاً، وقد وقف الإنسان القديم حائراً أمام هذه الظاهرة لا يجد تفسيراً لها، فنسج حولها تصورات ميتافيزيقية. ونظراً إلى الطابع البركاني لمنطقة "الجولان"، تعدّ حقاً مملكة البراكين، حيث يوجد فيها نوعان من البراكين؛ الأول: "الفولكاني"، الذي يتميز بمهل* شديد اللزوجة يسبب انسداد المدخنة ومنع الغازات والأبخرة من الخروج، فتحبس هذه الأبخرة والغازات مدة من الزمن ويزداد ضغطها حتى يبلغ درجة الانفجار، وتنطلق إثر انفجارات عنيفة تحدث فجأة، ويؤدي هذا الانفجار إلى تناثر المهل في الجو، وتشكل سحب كثيفة من الرماد الذي يملأ الجو، ثم يتساقط حول المنطقة بحسب اتجاه الرياح، وأحياناً داخل الفوهة ذاتها، ويتكدس بشكل مخروط الرماد، وتنتمي إلى هذا النوع المخاريط المعروفة باسم تل "أبو الندى"، وتل "العرام"، وتل "فزارة"، وتل "الفرس".

الباحث "عبد الكريم العمر"

والنوع الثاني: "السترومبولي"، حيث تنتمي معظم المخاريط البركانية في "الجولان" إلى هذا النوع الذي يتميز مهله بلزوجة أقل من النوع الهوائي، واندفاعات عنيفة ومقذوفات صلبة كثيرة كالأرغفة والقنابل، ويكون الرماد في هذا النوع قليلاً، وتتدفق (اللابة) الحمم البركانية من أطراف البركان وشقوق في الفوهة، ومسكوباته محدودة الانتشار بسبب قلة لزوجة لابته».

"فارس الصفدي" مدير دائرة الآثار والمتاحف في "القنيطرة"، يقول: «ترافق الزمن الجيولوجي الثالث في منطقة "الجولان" بحدوث حركات كبيرة في سطح الأرض أدت إلى تشكيل الجبال، ومنها "جبل الشيخ" الذي يتألف من الصخور التي تشكلت في قيعان بحار قديمة كانت تغمر هذه المنطقة في الزمن الثاني الجيولوجي، على شكل طبقات متطابقة بعضها فوق بعض، وجاءت الحركات الالتوائية في الزمن الجيولوجي الثالث، فدفعتها إلى الأعلى على شكل طيات كبيرة مشكلة الجبال الحالية وأهمها "جبل الشيخ"، وحصلت في أواخر الزمن الجيولوجي الثالث وفي الزمن الرابع انفجارات بركانية شكلت تلالاً بركانية، منها تل "بيت التل"، وهو من الزمن الثالث في قرية "مجدل شمس"، وتل "الخواريط"، لكن الشكل التضريسي الحالي لـ"الجولان" تشكل معظمه بسبب الثورات البركانية التي شكلت التلال البركانية العديدة، والتي تصطف بوجه عام على شكل خط يمتد من الشمال إلى الجنوب، يبدأ شمالاً بـ"تل الأحمر" غربي قرية "بقعاثا"، وانتهاءً بتل "الفرس" غربي الرفيد جنوباً، وأعلاها تل "عين وردة" شرقي قرية "بقعاثا" الذي يرتفع إلى 1227م فوق سطح البحر، وآخرها يعود إلى ما قبل 4000 سنة في شمالي "الجولان"».

بحيرة "مسعدة" فوهة بركان

وأضاف: «الحفر البركانية الصغيرة التي يطلق على الواحدة منها اسم "الجوبة" يراوح قطر الواحدة منها بين 5-40م، التي تشكلت نتيجة الانفجارات التي رافقت البراكين، ولعل أشهرها "الجوبة الكبيرة" قرب "تل الأحمر" جنوبي غربي قرية "مسعدة"، وتعرف بـ"بحيرة مسعدة"، وهي عبارة عن فوهة بركان يبلغ قطرها 600م، وعمقها 9 أمتار تقع على ارتفاع 940م عن سطح البحر في أقصى شمال "الجولان" بين قرية "مجدل شمس"، وقرية "مسعدة"، ويعود أصل البحيرة إلى نشاط بركاني قديم بفعل ضغط الأعماق، إضافة إلى ظاهرة المسدسات، وهي صخور متكسرة مسدسة الزوايا وأعمدة بازلتية تكونت من الحمم النارية البركانية، ولها ألوان متعددة تتدرج بين الأسود والرمادي والبني، وسبب تغيير الألوان العناصر والمعادن الموجودة أصلاً في (اللابة) الحمم البركانية، أو بسبب عوامل التعرية والتأكسد، تقع بركة المسدسات وسط "الجولان" بين "قصرين" و"اليعربية"».

*مهل: ج مهلة، وتعني بقية الجمر في الرماد.

بركة "المسدسات" أعمدة بازلتية