ترتبط طقوس فصل الخريف لدى الريفيين في "القنيطرة" بالأمثال الشعبية التي ترشدهم إلى الكثير من العادات الصحية المعتمدة حتى الآن لدى الكثيرين؛ وخاصة كبار السن.

في فصل الخريف تتساقط أوراق الأشجار ويجف الماء في عروقها؛ وهو ما يجعلها قابلة للكسر وتشبه في حالها حال الشجرة المسنة، بهذه الكلمات بدأ الحاج "محمود معتوق" من قرية "البطيحة" حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيلول 2015، ويقول: «تنتشر الكثير من القصص والحكايات عن تأثير الخريف في كبار السن، فيقال عن كبار السن أنهم وصلوا إلى خريف العمر، كما تشبه مراحل عمر الإنسان بمراحل تغير الفصول، فالطفل عند الولادة يميل بدنه إلى البرودة والرطوبة كالشتاء، وعند ريعان الشباب يكون بدنه كالربيع حاراً رطباً، وفي الكهولة يميل بدنه إلى الحرارة والجفاف كالصيف، وفي الشيخوخة يشبه الخريف حينما يميل بدنه إلى البرودة والجفاف، نتيجةً ذلك يلاحظ أن التأثر الأكبر في المرحلة العمرية يكون للفصل المشابه له، مثلاً فصل الخريف يؤثر في الشيوخ أكثر من غيرهم؛ فهو فصل يزيد فيه البرد والجفاف وأبدانهم تميل إلى ذلك، فيكونوا عرضة لحدوث ضعف في أجسامهم، إما بسبب عدم التحرز من العوامل الجوية أو بسبب إدمان نوعية من الأغذية غير الملائمة لمدة طويلة، كما يقال إن أعضاء الجسم ترتبط بالفصول، فكما تتأثر المرارة في فصل الصيف أكثر من غيرها، كذلك يتأثر الطحال أكثر من غيره في فصل الخريف، حيث إن الطحال يعرف بالعضو البارد الجاف».

تماماً كفصل الشتاء، تحضّر في فصل الخريف الأكلات الساخنة التي تمنح الدفء للفرد، نظراً إلى أنّ الطقس يبدأ يصبح بارداً في هذا الفصل، وبالتالي من الضروري التحضّر له عبر تقديم المأكولات الساخنة على اختلاف أنواعها، وتكثر فيه "الشوربات" الدافئة التي قد تعتمد بأساسها على خضراوات الموسم كـ"حساء اليقطين" على سبيل المثال أو "حساء البروكلي"، "حساء الكرفس"، "حساء الكراث"، إلى جانب الوصفات المتنوعة باللفت، والبطاطا الحلوة، والتفاح، والإجاص والتين، وغيرها

ولم يرتبط الخريف بكبار السن وأعضاء الجسم فقط، بل تعدى ذلك ليرتبط بحياته وأعماله، وظهر ذلك جلياً في الأمثال الشعبية التي وصفت حالات عديدة، الباحثة الاجتماعية "هبة معارك" حدثتنا عن بعض هذه الأمثال بالقول: «لم تقتصر الأمثال الشعبية الدارجة في "القنيطرة" على القضايا الاجتماعية والمحبة ‏والتعاون والعدل والصدق والأمانة وقيمة الإنسان في مجتمعه وحسب، بل تعدتها إلى شهور السنة وفصولها والأحوال الجوية من أمطار ورياح ورعد وبرق وحرّ وبرد، ومن هذه الأمثال: "إن تخن الخريف أبشر بالرغيف"، و"إن صلّبَت خرّبَت"؛ وهو كناية عن عيد الصليب الذي يصادف يوم 27 أيلول حسب التقويم الغربي، ونادراً ما يمر هذا العيد من دون هطول المطر، وهو بداية الموسم الزراعي، ويطلق أهل الريف عليه اسم "أبو الشراقي"، لكثرة هبوب الرياح الشرقية فيه، وهناك أمثال عن الأمراض التي يسببها برد الخريف مثل: "برد الخريف توقاه وبرد الربيع تلقاه"، و"هوا الخريف بخلي القوي ضعيف"، و"لما يطلع الخريف ادّارى في الصريف"، إضافة إلى "لما يصلّب الصليب ما ترفع عن زيتونك القضيب" دلالة على نضج الزيتون، وغيرها الكثير من الأمثال».

محمود معتوق

ولاستقبال الخريف عند بعض الريفيين طقوس جميلة تحدثنا عنها "ميرا داوود" بالقول: «يحتفل الأرمن حول العالم بعيد جميل هو عيد الخريف، ومن تقاليد هذا العيد حفر ثمار اليقطين ورسم وجوه السحرة فيها، وتفريغها ووضع شموع مشتعلة في الداخل تضفي أنواراً وظلالاً مخيفة، والدوران بهذه الأحمال ليلاً والغناء والرقص وعلى الوجوه أقنعة تنكرية، ويتم توزيع الحلوى على كل مجموعة تقابل مجموعة مماثلة قادمة من حيّ آخر في مسيرها المؤدي إلى الساحات العامة الرئيسة، حيث تقام الاحتفالات والهرج والمرج وحلقات الدبكة التي يشارك فيها شباب وبنات وشيوخ وعجائز وصغار، وبمصاحبة الدهول "آلة الطبل" والزورنا "آلة النفخ"، وبارتداء الملابس الملونة وحمل الأعلام، وهذه هي خصائص شعب يحب الفرح والخير والعطاء ويحب كل الناس، ويحب المشاركة عن طريق نشر إرثه الحضاري من فن ورقص وغناء، والتصرف على السجية خلف الأقنعة الورقية الملونة، وتوزيع السكاكر والحلوى من قبل أناس متخفين لأناس آخرين متخفين أيضاً؛ حيث لا أحد يعرف أحداً من خلف الأقنعة».

أمّا فيما يخص الطعام والمطبخ فتحدثنا "فضة عرسان" ربة منزل، عن الأصناف الأكثر انتشاراً في الخريف بالقول: «تماماً كفصل الشتاء، تحضّر في فصل الخريف الأكلات الساخنة التي تمنح الدفء للفرد، نظراً إلى أنّ الطقس يبدأ يصبح بارداً في هذا الفصل، وبالتالي من الضروري التحضّر له عبر تقديم المأكولات الساخنة على اختلاف أنواعها، وتكثر فيه "الشوربات" الدافئة التي قد تعتمد بأساسها على خضراوات الموسم كـ"حساء اليقطين" على سبيل المثال أو "حساء البروكلي"، "حساء الكرفس"، "حساء الكراث"، إلى جانب الوصفات المتنوعة باللفت، والبطاطا الحلوة، والتفاح، والإجاص والتين، وغيرها».

اليقطين
فضة عرسان