لم يكن عملها أو عمل أسرتها في تربية الماعز سبباً لعزلتها عن العالم الخارجي، فلم تشعر يوماً أنها وضعت في عالم لم تنتم إليه بل مضت به وقسمت جوانب شخصيتها بين الفتاة العاملة وبين الفتاة التي تسير في طريق العلم.

"هادية الفندي" تلك الفتاة الجولانية ابنة محافظة "القنيطرة" الصبية الجميلة التي تمسك الكتاب بيد.. وعصا الرعي باليد الأخرى... وتحلم بالعمل في سلك القضاء السوري.

منذ الصغر وأنا أحب الرسم وكنت من المتميزين في مادة الرسم ومن خلال عملي في المراعي أصبحت أرسم الجبال والطبيعة والبحار، بالإضافة إلى كتابة الخواطر، وأرغب بعد أن أنهيت دراستي في إكمال دراستي باختصاص القضاء

تقول "هادية عبد العزيز الفندي" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 22/11/2010 عن مرحلتها الدراسية: «درست المرحلة الابتدائية في مدارس قرية "كودنة" في محافظة "القنيطرة" حيث كنا نسكن في القرية وبعد انتقالنا للعمل والسكن في محطة "كودنة" للماعز الشامي بدأت دراسة المرحلة الإعدادية ومع وجود الإداريين في المحطة من مهندسين وأطباء ومتعلمين بدأت أضع لنفسي أهدافاً وخطوطاً للعمل عليها في مسيرة دراستي وعملي في المحطة حيث نلت الشهادة الإعدادية بامتياز.

هادي في المحطة

بعدها قررت متابعة دراستي بتشجيع من أسرتي فدرست المرحلة الثانوية في قرية "عين التينة" التي تبعد حوالي /15/ كم عن قرية "كودنة" وخلال دراستي كنت أعمل في المحطة وأدرس في نفس الوقت لكيلا أقصر في عملي وبقيت على هذه الحالة حتى نلت الشهادة الثانوية الفرع العلمي وكنت بالمرتبة الأولى في قرية "كودنة"، وكان دخول قسم الحقوق حلم بالنسبة لي فقمت بالتسجيل في كلية الحقوق "بدمشق" وبدأت أحضر نفسي لهذه المرحلة فقررت أن أعمل في النهار وأدرس في الليل ولكن مع مرور فترة من الزمن على هذه الحالة شعرت بالإرهاق والتعب فقررت أن آخذ المقررات معي عندما أذهب بقطيع الماعز إلى المراعي وأدرس بين الماعز بعيداً عن الضجة والحركة ولكون الماعز يتصف بالهدوء وخاصة في المراعي.

بقيت على هذه الحالة أعمل وأدرس بين قطيع الماعز وصوته خلال فترة دراستي في الجامعة وكنت أتمنى حضور محاضرة لدكتور في الجامعة فكنت أشتري المحاضرات وأدرسها بين قطيع الماعز والمراعي حتى تخرجت في كلية الحقوق في عام 2010م».

وعن الأعمال التي كانت تقوم بها "هادية" وعلاقتها بالماعز في المحطة تقول: «كانت مهمتي رعي ما يقارب /200/ رأس من الماعز، بالإضافة إلى تنظيف الحظائر وحلب الماعز في الصباح والمساء وتوليد الإناث في فترة الولادة والسهر عليها ورعاية صغارها، وأنا افتخر بأن أكون فتاة ريفية ناجحة في عملها ودراستها ولم أجد أي حرج بالحديث بمصداقية عن عملي ضمن محيطي الاجتماعي وزملائي في الدراسة لأنني أحب عملي ومهنة رعي القطيع سواء الماعز أو الأبقار أو الأغنام مهنة لا يقدر قيمتها إلا من امتهنها وعمل بها لفترة طويلة فكنت في فصل الصيف مع القطيع في المراعي أدرس وأنتبه له وفي فصل الشتاء والأيام الماطرة ضمن الحظائر أدرس وأكتب واجباتي وأنا أقول دائماً لا يوجد مكان مريح ومناسب للدراسة أكثر من جو المراعي والطبيعة».

أما عن هواياتها وطموحها فتقول: «منذ الصغر وأنا أحب الرسم وكنت من المتميزين في مادة الرسم ومن خلال عملي في المراعي أصبحت أرسم الجبال والطبيعة والبحار، بالإضافة إلى كتابة الخواطر، وأرغب بعد أن أنهيت دراستي في إكمال دراستي باختصاص القضاء».

هادية مع والدتها

والدة "هادية" التي تعمل في نفس المحطة تقول: «فرحتي لا توصف بتخرج "هادية" في كلية الحقوق وأنا سعيدة جداً بما حققته وخرجت به من عملها بين القطيع والمراعي ونشجعها لإكمال دراستها بالاختصاص الذي تريده، حيث كانت "هادية" سبباً ودعماً لإخوتها لإكمال دراستهم فمنهم من هو في المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية وأخوها في كلية الطب البيطري والحمد الله نحن نفتخر بهذا العمل الشريف والإنجاز الجيد الذي تحققه أسرتنا».

الدكتور "زيد إبراهيم" رئيس شعبة الصحة في المحطة يقول: «"هادية" شابة طموحة نشيطة محبة لعملها ولأسرتها وبدأت مسيرتها الدراسية من المحطة وحاولت الوصول إلى ما تريد بجهودها ومتابعتها ونحن في المحطة لم نلاحظ أي تقصير في عملها فكانت محافظة على العمل والدراسة بنفس الوقت».

والجدير بالذكر أن "هادية عبد العزيز الفندي" تولد 1988م قرية "كودنة" التي تبعد ما يقارب /15/ كم عن مدينة "القنيطرة".

  • تم تحرير المادة بتاريخ 2010.