من إيمانه بأن كل فرصة هي بوابة لغدٍ أفضل؛ انطلق لتطوير نفسه، فكان عمله في قسم الخدمات السينمائية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مفتاحاً لتغيير حياته، فامتلك أدواته ومعارفه بالصقل المتقن، والتدريب العالي، حتى بات واحداً من المخرجين المدربين لعدة أنواع من فنون الإعلام التلفزيوني.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 كانون الثاني 2018، المخرج "ياسر دياب" ليخبرنا عن أول بدايات توجهه إلى العمل الإعلامي، حيث قال: «ولدت في مدينة "دمشق" عام 1972، وكنت في طفولتي محباً للسفر والتصوير، ومراقباً للطبيعة عن كثب، وقد اختزنت ذاكرتي آلاف الصور والمشاهد التي كنت أختار لأجلها أفضل مكان للمراقبة من حيث الإضاءة والموقع والنتيجة، وكنت أعاكس أقراني في الاتجاهات، وأغرد خارج سربهم، وأظن أن هذا الاختلاف هو الذي كوّن لدي رؤية خاصة مختلفة للصورة والمشهد.

يمتلك قدرة تفاعلية عالية مع الطلاب، فهو مهني ومحترف، ومتفانٍ بعمله، والوارد المادي آخر اهتماماته، ولا ينتظر الثناء أو المديح، وإنما لديه رغبة قوية للعمل ترافقها قدرة على العطاء، ويقوم بتدريس بعض الحصص العلمية ضمن الكلية، ويعطي بكل ود وحب؛ الأمر الذي ينعكس بوضوح على علاقته الإيجابية مع الطلاب، وقد كان طالباً مميزاً أثناء سنوات دراسته

ولم يكن في طفولتي ما يشير إلى أنني قد أعمل يوماً في مجال الإعلام، فقد كنت خجولاً جداً لدرجة أنني كنت أكتب بعض القصص الخيالية أو الخواطر، وأتلفها باعتبارها من خصوصياتي وأسراري، ثم بدأت أشارك في مسرحيات طلائع البعث، ومنها "الساحرة والكنز"، ولما كانت أنشطة على مستوى القطر، فقد عززت ثقتي بنفسي ونمت شخصيتي، فأصبحت ناشطاً في اتحاد شبيبة الثورة، ومثلت "سورية" في مجال الحوار الفكري في المهرجان العربي في "لبنان" عام 1998. وعلى الرغم من توجهي بعد الدراسة الثانوية لاختيار أي معهد ملزم بالتوظيف بسبب الوضع المادي لعائلتي، الذي لم يسمح لي بالتسجيل في كلية العلوم، إلا أنني منذ بدأت العمل، وجدت أن على المرء اختيار طريقه بنفسه، فمن وجهة نظري لا مبرر للمقصرين، وكان هذا تحدّياً لنفسي وظروفي، ورغبةً قويةً بالتغيير».

ضمن حفل تخريج إحدى الدورات التدريبية

وتابع بالقول: «لذلك كانت البداية بأن طلبت من أحد المخرجين السينمائيين أن يعلمني الإخراج، لكنه اكتفى بسؤالي عن دراستي ووضعي المادي، وعندما أجبته رد طلبي باحتقار، ومن دون مبرر سوى أنني من أسرة متوسطة الحال، لكن احتقاره لي لم يغير اتجاه بوصلتي لتحقيق هدفي، على الرغم من مروري بحالة اكتئاب طويلة. وبعدها بمدة تعرفت إلى المخرج التلفزيوني "هشام مالك" الذي آمن برغبتي بالتعلم وقدرتي على تطوير ذاتي، ووضعني في أول الدرب عبر عملي كمساعد مخرج في برنامج "دراسات قرآنية"، ثم في برنامج "بناة الأجيال"، ثم انتقلت للعمل في دائرة الأخبار المصورة في التلفزيون، وعملت في المونتاج والإخراج وصناعة التقارير التلفزيونية. ولأن التجربة العملية لا تكفي، قمت برفد معرفتي العملية بالعلمية وتخرجت في كلية الإعلام. كما اتبعت عدة دورات في مركز تدريب "BBC" في مختلف المجالات، كالتصوير والإخراج والتحرير، وعملت مع قناة "شام" الفضائية في عامي 2006 و2007، ثم اتبعت دورة تدريب المدربين مع مركز "BBC"، ومركز تدريب "DW" الألمانية، وكانت أول دورة تدريبية تحت إشرافي لمراسلي قناة "شام"، وبعدها انطلقت للتدريب في مراكز التدريب الإعلامية الحكومية والخاصة، وقد عملت كمدرب لفريق الإخبارية السورية قبل وبعد الانطلاق لعدد من المذيعين والمخرجين والعاملين الفنيين، كما قمت بالتدريب في المراكز الإخبارية في كل من "حلب، وطرطوس، واللاذقية"».

وحول أعماله التلفزيونية، قال: «أساس عملي في إخراج نشرات الأخبار، ونقل الأحداث والفعاليات، وقد عملت على إخراج العديد من البرامج، أبرزها "قامات السنديان" الخاص بجرحى الجيش، وحالياً برنامج "المباحث" الذي سيعرض قريباً على الإخبارية السورية. أعدّ الأعمال الاجتماعية الإنسانية هي الأقرب إلى المشاهد، وعلى المخرج أن يختار بدقة المشهد الأكثر تأثيراً لدوره في تكوين الرأي العام، ومع أن الإعلامي موظف براتب، ويتبع قرارات رئيسه المباشر أو غير المباشر، وقد لا يجد الجرأة لمخالفتها أو تعديلها، إلا أن الكثير من المحاولات الفردية أثبتت جديتها وقدرتها على إحداث فرق كبير بقدرات ضئيلة، وقد يكون هناك أحياناً فجوة كبيرة بين الواقع والإعلام، وعدم المصداقية في الرسالة الإعلامية؛ لذلك على الإعلامي أن يدرك بوضوح ما يريد إيصاله إلى المشاهد، ويوظف تقنياته لخدمتها».

مع مراسل روسيا اليوم الشهيد خالد الخطيب

أما عن أسباب توجهه إلى التدريب، فقال: «اكتشفت أنني أمتلك المقدرة على إيصال المعلومة للمتدرب بيسر؛ لذلك طورت من أدوات التدريب، والأمثلة العملية، وعاهدت نفسي على أن أدرب مجاناً طلاب الإعلام ممن تقف المادة في وجه تحقيق أحلامهم. كما أقوم بالتدريب في عدة مراكز، وأدرب حالياً الإخراج التلفزيوني وصناعة التقارير التلفزيونية ومهارات تركيز الصوت والتقديم التلفزيوني، وأرى أن الإعلام مهنة وفن راقٍ يحتاج إلى الموهبة أولاً، ثم الكثير من الصقل بالتدريب المتخصص، وحينها تأتي الخبرة العملية لتعزز المقدرة، وأشعر بالكثير من الفخر لأن من أدربهم يتفوقون على نظرائهم، وأعدّ المخرج "نبيل المالح" عرابي وأبي الروحي، حيث إنه قدم كل ما لديه من خبرة لي من دون أي مقابل، وكان له الفضل الكبير في تغيير مسار عملي من الاستديو إلى التصوير الخارجي والعمل الوثائقي».

أما عن وجهة نظره بالإعلام السوري، وما حققه من إنجازات، فقال: «أظن أننا وصلنا إلى مستوى متقدم جداً، لكننا ما زلنا نحتاج إلى توظيف طاقات وإمكانيات أكبر، لنلامس نبض الشارع بمستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة، فالإعلاميون السوريون مميزون على مستوى الوطن العربي، لكن غياب معايير العمل الدقيقة، وقوانين المحاسبة الصحيحة للمخطئين، يجعل كل نقد محل خطأ شخصي أو استهداف للمسؤولين، فمنهم في المؤسسات الحكومية من يصبح حكماً أو قاضياً، فيلغي أو يهمش من يريد من دون مراعاة للكفاءة؛ لذلك نجد أن الكثيرين من الإعلاميين غابوا من دون أسباب واضحة عن الساحة».

عميد كلية الإعلام محمد العمر

عميد كلية الإعلام الدكتور "محمد العمر" تحدث عن تجربة المخرج والمدرب "ياسر"، بالقول: «يمتلك قدرة تفاعلية عالية مع الطلاب، فهو مهني ومحترف، ومتفانٍ بعمله، والوارد المادي آخر اهتماماته، ولا ينتظر الثناء أو المديح، وإنما لديه رغبة قوية للعمل ترافقها قدرة على العطاء، ويقوم بتدريس بعض الحصص العلمية ضمن الكلية، ويعطي بكل ود وحب؛ الأمر الذي ينعكس بوضوح على علاقته الإيجابية مع الطلاب، وقد كان طالباً مميزاً أثناء سنوات دراسته».

بقي أن نذكر، أن المخرج "ياسر عز الدين دياب" من قرية "عين فيت" في محافظة "القنيطرة"، ويعمل حالياً في الإخبارية السورية رئيساً لقسم المخرجين، ويدرب في عدد من المراكز التدريبية ضمن محافظة "دمشق".