الثقافة هي المجتمع، وعلى المجتمع أن يبني نفسه ثقافياً لكي يساعد أبناءه على بنائه معرفياً، فالقراءة والمطالعة بوابة الإنسان إلى المعرفة واكتساب العلوم، وما من تقدم علمي أو ثقافي أو أدبي وصل إليه الإنسان إلّا وكانت المطالعة وقوده الحيّويّ.

"نسرين الحسن" مديرة المركز الثقافي العربي في مدينة "فيق"، في حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 آب 2017، قالت: «المركز الثقافي العربي في مدينة "فيق" هو من أحد أهم المراكز التابعة لمديرية ثقافة "القنيطرة"، وقد أُقيم على أرض محافظة "دمشق" بعد حركة نزوح أهالي "الجولان" من أراضيهم، حيث كانت "دمشق" الحاضنة الأولى لشريحة كبيرة من سكان "القنيطرة" بعد الاحتلال الإسرائيلي لمعظم أراضيهم، وأقامت على أرضها تجمعات لهم، وقامت بتخديمهم بالمدارس وجميع الدوائر التي تُعنى بشؤونهم».

أغلب من يقصدون المكتبة من الطلاب وغيرهم للاستفادة القصوى من الخدمات الموجودة فيها، واستخدام المكتبة للإطلاع والثقافة وليس من أجل البحث العلمي فقط؛ لما فيها من غنى ثقافي يساعدهم على تنمية مستواهم التعليمي، ذلك أن مجتمعنا المعاصر يعيش الآن أجواء مضادة للثقافة والمجتمع الذي لا يقرأ يُصاب بالأميّة الثقافية، لذا علينا أن نعمل من أجل صنع مجتمع طلابي قارئ

أضافت "نسرين": «مركزنا الثقافي العربي يخّدم تجمع النازحين من أهالي "الجولان" في "برزة"، أُسّس المركز عام 1988، يحوي ثلاث قاعات، ويقيم الكثير من المحاضرات والندوات والأمسيات الأدبية، والعروض الفنية والسينمائية، ومن أهم اللفتات التي نقف عندها، المكتبة الغنية التي يحتويها المركز، فقد أصبحت مرفقاً حيويّاً لا يمكن الاستغناء عنه، الكثيرون يأتون لزيارة المكتبة والتعرف إليها والاستفادة منها من أبناء "الجولان" وغيرهم، وفي كل عام يقام في المركز معرض للكتاب، وكان آخرها "معرض المقاومة" عام 2016، اقتصر المعرض على جميع الكتب الخاصة بجولاننا وتراثه».

مدخل المكتبة

أمينة سرّ مكتبة المركز الثقافي العربي في مدينة "فيق" "مها إسماعيل" من قرية "خسفين" في "الجولان" المحتل، قالت: «منذ خمسة عشر عاماً أعمل في المكتبة، فهي غنية بالمحتوى الثقافي المتوفر لديها، هي ملاذي في أغلب الأحيان، قامت المكتبة عام 1988م منذ بداية تأسيس المركز، وتحتوي ما يُقارب 9000 كتاب، و1250 كتاباً للأطفال، و1100 رواية، إضافة إلى مجموعة من الموسوعات، كما تحتوي بعض أمّات الكتب، إضافة إلى المراجع النادرة التي إذا فُقدت لا يمكن تعويضها، إضافة إلى مراجع من مختلف الاختصاصات، ومؤلفات غنية لكبار الكتّاب السوريين وغيرهم، والكتب المترجمة إلى عدة لغات عالمية».

أضافت "إسماعيل": «تعتمد المكتبة في تصنيفها التصنيف العالمي "ديوي"، الذي يبدأ من الصفر وحتى المئة، ويضم المعارف العامة، والفلسفة، والديانات، والعلوم الاجتماعية، والعلوم السياسية، واللغة العربية وآدابها من نحو ونقد و رواية وترجمات مسرحية، إضافة إلى العلوم العلمية، والتاريخ والجغرافية. أمّا عن مصادر تزويد المكتبة بالكتب، فهي ضمن اتجاهين، إما إهداءات من وزارة الثقافة أو عن طريق الشراء، وهناك اتجاه آخر غير مباشر عن طريق إهداء بعض الأشخاص المحبين للثقافة الذين يهمهم الإغناء الثقافي في البلاد، كما أن داخل المكتبة نافذة البيع، تباع فيها الكتب، وحركة البيع لا بأس بها في ظل الظروف الراهنة».

تصنيف المكتبة

عن نظام الإعارة في المكتبة، تابعت "إسماعيل": «المكتبة مفتوحة للجميع، لكن حفاظاً على مقتنياتها لا يوجد لدينا إعارة خارجية في نظامنا الداخلي، فهناك قسم كبير من الطلاب يتجهون إلى المكتبة للحصول على إجابة معينة من قسم المراجع، وأيضاً قسم آخر من الطلبة يأتون لإعداد بحوثهم والبحث عن الكتب التي تتعلق بمقررات دراستهم، الإقبال على المكتبة من أجل الإطلاع والثقافة ليس بذاك العدد الكبير، فقد أصبح عدد الكتب المستعارة قليلاً على الرغم من ارتفاع عدد الطلبة، وذلك بسبب انتشار الوسائل المرئية والمسموعة التي طغت على حركة العصر الحديث».

وتابعت "إسماعيل": «أغلب من يقصدون المكتبة من الطلاب وغيرهم للاستفادة القصوى من الخدمات الموجودة فيها، واستخدام المكتبة للإطلاع والثقافة وليس من أجل البحث العلمي فقط؛ لما فيها من غنى ثقافي يساعدهم على تنمية مستواهم التعليمي، ذلك أن مجتمعنا المعاصر يعيش الآن أجواء مضادة للثقافة والمجتمع الذي لا يقرأ يُصاب بالأميّة الثقافية، لذا علينا أن نعمل من أجل صنع مجتمع طلابي قارئ».

إيناس حسين

"إيناس حسين" طالبة في كلية الآداب العلوم الإنسانية، قسم التاريخ، قالت: «كنت أتردد باستمرار إلى المكتبة لاستعارة الكتب، من أجل حلقات البحث التي كانت تُطلب مني في القسم، وكنت أجد جميع المصادر التي أحتاج إليها لإغناء بحثي، في كل مرة كنت أزورها أستمتع بهذا الغنى الثقافي الذي تحتويه، وبقيت أزورها حتى بعد تخرجي، أستعير منها جميع أنواع الكتب لكوني من محبي القراءة، مع من أنّني أستطيع أن أحصل على أي كتاب من خلال الإنترنت، لكنني أستمتع بقراءة أي كتاب ورقياً».