تزخر منطقة "الجولان" العربي السوري المحتل بالمواقع الأثرية المهمة، ومنها قلعة "الصُبَيْبَة" التي تعتلي صهوة جبل شاهق في شمالي "الجولان"، ميّزها موقعها، وجعلها واحدة من أجمل قلاع الشرق.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 أيار 2017، الباحث "تيسير خلف"، الذي قال عن القلعة: «قلعة "النمرود" أوقلعة "الصُبَيْبَة" ومعناها تصغير من الصبة، وهي مربض الخيل، قامت فوق جبل ذي منحدرات عمودية صعبة، وهو جزء من الأعضاد الأولى لـ"جبل الشيخ". وتتبع القلعة إلى قرية "جباثا الزيت"، وتطل على "بانياس" و"الحولة"؛ لذلك كانت من المواقع الاستراتيجية في بطون التاريخ».

مع أن القلعة أصبحت موقعاً أثرياً عالمياً مشهوراً لما فيها من عبقرية فنون العمارة الإسلامية القديمة، إلا أنها غير معروفة لدى السوريين يا للأسف

ويضيف "خلف": «إن قلعة "الصُبَيْبَة"، أو كما يسميها العامة قلعة "النمرود" واحدة من أكبر وأفخم وأحصن قلاع "بلاد الشام" قاطبة، وتاريخ بنائها واسم بانيها الملك العزيز "عثمان بن الملك العادل الأيوبي" مثبت بالمصادر العربية، وكذلك ترميمها».

الباحث تيسير خلف

وعن تفاصيل القلعة، قال "خلف": «في داخلها باحة مستطيلة ملأى بأنقاض مبانٍ عديدة، ففي الوسط يوجد بناء مربع الشكل بقواعد مثمنة الأضلاع لا تزال بقايا أعمدته، يُقال إنه كنيسة، وفي الجنوب الشرقي وعلى امتداد سور القلعة هناك ستة أبراج، منها ما هو مدور، ومنها ما هو مربع، وهذه الأبراج مرتبطة بعضها ببعض تدعى سجوف الخط الدفاعي، وإلى يمين الداخل من باب القلعة، يوجد برج عظيم مربع الشكل شديد البروز، كان قد تهدم بسبب الزلزال الذي حدث سنة 1957م.

وفي الطابق الأعلى من هذا البرج هناك بهو ذو عدة منافذ يصل إلى غرفتين تعلوهما نقوش عربية تفيد بأنها كانت مكان قصر السلطان "الظاهر بيبرس"، وإلى جانب البرج هناك صهريج ونافورة مياه للشرب.

القلعة

ثم البرج الثالث، ويسمى "البرج الجميل"، يقع على السور الشرقي، وهو ذو ثمانية أضلاع وسقف مقبب بارز، وهو دفاعي، فيه ست كوى مهدمة مجهزة بمرامي سجوف.

البرج الرابع المدور الذي يحتوي طابقاً دفاعياً مثقوباً بمرامٍ بقي منها اثنان، ثم البرجان الخامس والسادس، حيث ترتفع الأرض لتصل إلى الحصن الكبير الذي يسمى بالفرنسية "دنجوان" والطريق إليه عبر جسر خشبي، يشرف على القلعة بكاملها، وهذا الحصن عبارة عن قلعة داخلية مستقلة محصن في جنوبه من ناحية الباحة بخندق وبرجين ضخمين، وفي وسطه بناء مستطيل يؤلف بذاته الحصن الأخير، وهو مستقل عن الحصن الكبير، ويحتوي بهواً مثمن الزوايا وبجانبه بركة للمياه كان الأهالي يستخدمونها لسقي المواشي والزراعة».

كامل علاء الدين

يتابع "خلف": «في أقصى الشمال الغربي توجد غرفة طويلة تهدمت بالكامل، كان بداخلها بهو له باب سري للخروج، وله دهليز تحت الأرض ينتهي بالوادي.

وفي السور الشمالي لا يوجد سوى برج وحيد هو البرج الشمالي، يقف عمودياً مطلاً على "وادي الخشبي"، وشُيد البرج الشمالي زمن السلطان "الظاهر بيبرس"، جدرانه مثقوبة لرمي النبال، وداخله قاعة كبيرة يُعتقد أنها كانت تُستخدم سجناً في القرن الخامس عشر.

أمّا الواجهة الغربية، ففيها برج مخرّب، وفي جدار هذا البرج وعند قاعدته ينفتح في أرض الباحة السماوية سرداب محفور في الأرض مملوء بالأنقاض، يهبط بدرج إلى الجبل، وهذا السرداب يتجه نحو الشمال ثم ينعطف إلى الشرق، وجدرانه مؤلفة من "بلوكات" منحوتة ومصقولة بإتقان، قيل إنه كان يُستخدم كمهرب للنجاة».

ويختم الباحث "خلف" بالقول: «مع أن القلعة أصبحت موقعاً أثرياً عالمياً مشهوراً لما فيها من عبقرية فنون العمارة الإسلامية القديمة، إلا أنها غير معروفة لدى السوريين يا للأسف».

"كامل محمد علاء الدين" من مواليد عام 1926، وابن قرية "طرنجة"، أدّى الخدمة الإلزامية في مبنى القلعة لمدة أربعة أعوام منذ عام 1957 وحتى عام 1960، قال عنها: «تنبسط القلعة بشكل طولاني على الجبل المسمى باسمها، ولا يمكن الصعود إليها إلّا من طرفها الجنوبي، في حين أطراف الجبل الآخر واقفة كالجدران الهائلة.

وتشرف القلعة من الجهة الغربية على "بانياس" وربوع "فلسطين" و"الحولة" و"أرض الخيط" وسلسلة جبال "عامل"، وفي الجهة الشرقية الشمالية يقف "جبل الشيخ" المكلل بالثلوج بمرتفعاته الهائلة المتدرجة، وهنا تشاهد "جباثا الزيت" وبساتينها ووادي "صعب" و"السكاوي" و"الدفلة"، وهذه الأودية تُكوّن مصدر نهر "بانياس"، أمّا في الجهة الجنوبية، فتشاهد القرى المتربعة نحوها».

الجدير بالذكر، أن قلعة "الصُبَيْبَة" ما تزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي.