بين "اللاذقية" و"حلب" جيرة عتيقة العمر، فبعد سلخ لواء إسكندرونة عن الوطن الأم، أصبحت "اللاذقية" ميناء "حلب" البحري الأول، كما أصبحت "حلب" مقصد أهل "اللاذقية" الأول، والطريق القديم بينهما شاهد حقيقي على هذا التاريخ.

لهذا الطريق تاريخ طويل عريق يمتد إلى قرون كثيرة، فقد عرفه السوريون من أيام الحضارات الأولى، من زمن مملكة "ماري" وما قبل وصولاً إلى المبادلات التجارية العريقة بينها وبين "أوغاريت"، وحتى وقت قريب كان من الطرق السياحية الجميلة بين المحافظات السورية، لكونه يمر في مناطق جبلية ونهرية مغطاة بالأشجار، وفي بيئات مختلفة، كما كان في نفس الوقت، من أخطر الطرق وأكثرها حوادث بسبب صعوبة مساراته وكثرة انعطافاته والانزلاقات الكثيرة على أطرافه لغزارة كميات الأمطار الهاطلة عليه.

بسبب الظروف تعرض الطريق للتخريب في عدد من المواقع، وتم إصلاح بعضها، وهو اليوم سالك حتى منطقة "كفرية" بعد ذلك يجب الاتجاه إلى محافظة "حماة" لإكمال الطريق إلى "حلب"

مدونة وطن "eSyria” جالت على هذا الطريق في نصفه الأول الممتد من مدخل مدينة "اللاذقية" وصولاً إلى منطقة "بيت ياشوط" وبتواريخ متعددة، آخرها في 1 كانون الأول 2014، والتقت عدداً من السائقين العاملين على هذا الطريق، السائق "فايز خليل" يعمل في نقل الغزول والأقطان من "حلب" إلى معامل الغزل في الساحل وبالعكس، قال لنا: «الطريق القديم إلى "حلب" من أقدم الطرق، وهو طريق قليل العرض عموماً، لكنه طريق حيوي يصل ليس فقط بين مدينة "حلب" والساحل، بل بين عدد كبير من القرى والمدن من المنطقة الشمالية وصولاً إلى المنطقة الساحلية، وهو طريق تنقل عليه البضائع والمواد المنتجة في كلتا المنطقتين وبالاتجاهين، ويبلغ طوله ما يقارب 170 كيلومتراً، وتتواجد عليه مختلف أنواع الخدمات كمحطات الوقود والمطاعم والاستراحات الشعبية».

طريق حلب عند الجنديرية

يتمتع الطريق بجمالية كبيرة فهو يمر بمناطق مختلفة، جبلية وسهلية، وقرب النهر الكبير الشمالي، وتزرع في المناطق التي يمر بها مواسم مختلفة، يمكن للمسافر عليه أن يشهد مواسم القطن والزيتون والغابات في الخريف والربيع، وتتواجد عليه استراحات كثيرة تقدم الخبز العربي والفطائر وأنواع الطعام الأخرى، ولكنه صعب وخطير بسبب ضيق مسالكه في بعض المناطق، ولذلك يجب الحذر جداً في القيادة عليه، خاصة في فصل الشتاء وهطول الأمطار والثلوج، وتغلق الثلوج الطريق في بعض المواقع لكونه يمر بمناطق مرتفعة».

ينتقل المسافرون على هذا الطريق منذ سنوات طويلة وقد تعوّده بعضهم، يقول السيد "غضبان الدن" وقد عمل على هذا الطريق أيضاً كسائق، إنه يستخدم هذا الطريق منذ أكثر من ربع قرن، وقد تعوّده، ويضيف: «بسبب الظروف تعرض الطريق للتخريب في عدد من المواقع، وتم إصلاح بعضها، وهو اليوم سالك حتى منطقة "كفرية" بعد ذلك يجب الاتجاه إلى محافظة "حماة" لإكمال الطريق إلى "حلب"».

خريطة الطريق

وذكر المهندس "جورج خوري" رئيس المكتب المركزي للطرق: «بسبب هذه الصعوبة والقساوة، تم إنشاء طريق "أريحا - اللاذقية" السريع بطول يصل إلى 100كم وقد وضع في الخدمة من العام 2011 لمدة تجريبية، وبأربع حارات، وحارة خامسة عند الميول للشاحنات الكبيرة المحملة بالبضائع، كذلك مع حواجز أمان وفق المعايير الدولية عند الانعطاف إلى الاتجاه المعاكس، وقد اختصر الطريق بين "حلب" و"اللاذقية" من ثلاث ساعات إلى ساعة ونصف الساعة في الأوقات العادية، ويتمتع بمواصفات دولية كاملة، ويربط المحافظات الشمالية والشمالية الشرقية بالمنطقة الساحلية، والطريق اليوم صالح في جزء منه فقط بسبب تعرض بعض الجسور عليه للتخريب.

ومن أبرز معالم هذا الطريق كان جسر القطار في منطقة "الرستين" التابعة لـ"اللاذقية"، وفي منطقة "اللاذقية" يمر بالقرب من المنطقة الصناعية التي تقدم مختلف خدمات الإصلاح، كذلك يمر على أحد الجسور القديمة التي ما زالت مستخدمة في منطقة "الزوبار"، وهو جسر بني منذ زمن الاحتلال الفرنسي».

أحد المقاطع الجديدة