اشتهر الرومان ومن قبلهم الفينيقيون ببناء طرق مميزة وفقاً للحاجة وتوفير الأمان، وطريق "درب السكة" في ريف اللاذقية حقق ذلك، حيث ما زال ذلك الطريق يستخدم إلى اليوم وكأنه أنشئ بالأمس.

يبدأ هذا الطريق من قمة النبي "روبيل" على طريق صلنفة بعد نهاية قرية القموحية (تبعد عن عين التينة 3 كم) ولعل غنى هذه القرية بالقمح هو ما جعل هذا الطريق يبدأ منها بسبب وجود كميات من القمح يجب نقلها إلى أنطاكية (عاصمة سورية آنذاك) عن طريق الحفة، وهذا من أسباب إنشاء الطرق الرومانية كما يقول الباحث "مأمون الخطيب" في كتابه "الطرق الرومانية في سورية" ويضيف الباحث: «بنى الرومان هذا الطريق وغيره لغايات اقتصادية وكانوا مراعين وجود الطريق قرب مصادر مياه (ينابيع- آبار) ضمن مسافات مقبولة لتغذية المواشي والأحصنة وأن تقوم على جوانبها محطات للاستراحة ومراكز للتزود بالغذاء كما كان يتحتم وجود مخاضات أو جسور ثابتة في حال عبور نهر من الأنهار أو واد عميق، والأهم تجنب الطرق الجبلية والطرق الوعرة».

بنى الرومان هذا الطريق وغيره لغايات اقتصادية وكانوا مراعين وجود الطريق قرب مصادر مياه (ينابيع- آبار) ضمن مسافات مقبولة لتغذية المواشي والأحصنة وأن تقوم على جوانبها محطات للاستراحة ومراكز للتزود بالغذاء كما كان يتحتم وجود مخاضات أو جسور ثابتة في حال عبور نهر من الأنهار أو واد عميق، والأهم تجنب الطرق الجبلية والطرق الوعرة

ويلاحظ أن هذا الطريق يتبع الإرشادات الرومانية بوجود المياه على طول الطريق حيث توجد بقايا استراحة عند نبع ماء فوق قرية الجَديدة يسمى "نبع المجنونة" وسمي بذلك نظراً لغزارته، ولا يزال النبع لليوم مستخدماً من قبل الأهالي، ومن ثم يمتد مروراً بأعالي قرية الجديدة، كما قال لمدونة وطن eSyria المهندس "علي سعد" رئيس بلدية الجَديدة بتاريخ 23/6/2013: «بعد ذلك يهبط من هناك باتجاه قلعة صلاح الدين حيث ينقسم عندها إلى ثلاثة فروع يمر الأول تحت الجسر المعلق فيها وينعطف من ثم إلى الوادي العميق للقلعة ويتابع إلى مدينة الحفة، والثاني يتابع باتجاه القلعة إلى مدخلها الرئيسي، وهو لليوم مرصوف بنفس الحجارة الرومانية والدرج المفضي إلى القلعة كذلك، والثالث وهو الأهم يمر باتجاه جسر القلعة المتحرك أيام زمان وتسمى للآن "المْدينة" وكانت تضم بيوت الناس خارج قلعة صلاح الدين، وهذا الطريق بكامل فروعه هو نفسه المستخدم اليوم مع قليل من الاختلافات خاصة عدم مرور الطريق الحديث فوق الجسر الروماني المهدم في قرية القموحية بسبب تواجد الأحراج الكثيفة والحاجة إلى مرور الطريق شمال القرية. وفي بداية إنشاء الطريق قبل سنوات وجدنا مجموعة من الحجارة المرصوفة ذات القطع الصغيرة، وأكثر مكان وجدناها فيه بين قمة النبي روبيل وقرية الجَديدة في مكان يسمى محلياً "أرض المقتـَـلة"، وهو مكان تروي الحكايات الشعبية أنه حدثت فيه معركة بين الرومان وأهل المنطقة، ولا تزال أحياناً تتواجد قطع معدنية من السهام أو الدروع فيها».

ويتابع المهندس "سعد" قائلاً: «عرض الطريق القديم 5.5 أمتار تقريباً بما كان يسمح بمرور عربتين رومانيتين من عربات ذاك الزمان، وطوله 50 كم ولايزال قسم قديم منه موجوداً في وادي القموحية وكان الطريق مرصوفاً بواسطة طبقة من بلاطات حجرية كلسية جيدة وكان لهذا الطريق أهميته الاستراتيجية الكبيرة ولعله كان يمر أبعد من قرية القموحية جنوباً ولعل ما زاد أهمية الطريق هو أنه كان يمكن مراقبته من قلعة صلاح الدين بسهولة من خلال أبراج الحراسة فيها وبالتالي يسهل العمل عليه وحمايته من قطاع الطرق ومن التعديات عليه».

هذا الطريق اليوم معبد بالزفت ويمكن ملاحظة بعض الحجارة المستطيلة حوله في كذا موقع على طول الطريق، ويمكن أيضاً أن نرى الجسر على نهر الكبير الشمالي شمال غرب قلعة صلاح الدين وهو جسر روماني ولكن تم تحديثه خلال فترة الاحتلال الفرنسي ومن ثم العهد الوطني، يتحدث المهندس "عدنان نوفل" رئيس بلدية "عين التينة" السابق لموقعنا عن الموضوع فيقول: «هذا الطريق حالياً معبد بشكل جيد جداً، ويوجد عليه حالياً العديد من الخدمات كمحطات الوقود (بعد القموحية) والمطاعم وعلى الخصوص الاستراحات الشعبية التي تبيع الفطائر والمناقيش وغيرها، مع العلم أن هذا الطريق يتابع باتجاه الحفة ماراً من قلب قلعة صلاح الدين حيث تتوافر حولها مختلف الخدمات السياحية كمركز المعلومات السياحية داخل القلعة، ونطمح إلى المزيد منها مع الأيام».

أخيراً يمكن لمن يرغب الوصول إلى هذا الطريق عبر محوري "الحفة– القلعة" أو عبر محور "صلنفة- القموحية" من جهة طريق "عين التينة- قمة النبي روبيل" والانعطاف يساراً حيث يمكن أن يمر على كافة المعالم التي ذكرناها في المقال.