قائد الميدان الكروي لسنوات طويلة، ورغم أنه يلعب كرة القدم إلا أن يده تعتبر ذهبية من كثرة ما حملت كؤوساً في مسيرته، هو نجم نادي الجيش وصخرة دفاع منتخبنا "طارق جبان".

يقول عنه الكابتن "زياد شعبو" إنه القدوة، ويضيف: «لعبنا معاً أربع سنوات متتالية واحترفنا في "إيران" معاً، عرفته جدياً متمتعاً بصفة القائد في الملعب والتمرين، كما أنه كان خفيف الظل مرحاً خارج الحصة التدريبية، ما جعله محبوب اللاعبين وقدوتهم».

أمضيت مع نادي الجيش كلاعب أكثر من 17 عاماً، كنت أشعر بأنني أعيش أجواءً تشابه أجواء الأسرة

انطلق "طارق جبان" من قواعد نادي "المجد" الدمشقي، إلا أن مسيرته الذهبية بدأها مع نادي "الجيش" حيث نال معه معظم الألقاب في مسيرته محلياً وعربياً وآسيوياً، ويقول "الجبان": «أمضيت مع نادي الجيش كلاعب أكثر من 17 عاماً، كنت أشعر بأنني أعيش أجواءً تشابه أجواء الأسرة».

معلقاً في الهواء

اللاعب الشاب انضم سريعاً إلى لائحة الذهب بإحرازه مع زملائه لقب كأس آسيا للشباب عام 1994، ما ساهم في ارتفاع أسهمه عالياً، حيث تم ضمه إلى المنتخب الأولمبي، ومنه إلى منتخب الرجال، وكانت أولى مبارياته الدولية معه في الخامس من آذار 1996 ضد منتخب "الكويت".

ثبَّت المدافع الصلب أقدامه بسرعة مع المنتخب الوطني، وحفر اسمه طويلاً في ذاكرة السوريين، حيث حمل شارة الكابتن منذ عام 1999 وحتى موعد آخر مباراة دولية له عام 2007 ضد منتخب السعودية، ويعتبر هذه الشارة مسؤولية كبيرة، فيقول: «جعلتني أقوم بتسخير كل إمكانياتي إيجابياً لمصلحة المنتخب، فكانت المسؤولية مضاعفة من ناحية تقديم أفضل أداء في الميدان لكسب احترام الجميع؛ لاعبين وكوادر وجماهير، فشارة القيادة ليست شارة رمزية تدل على قائد المنتخب فحسب، بل هي جزء مهم جداً بالفريق تدل على شخصية مثالية لحاملها يمكنه من خلالها قيادة فريقه لتحقيق الفوز والنجاح».

من مباراة له ضد نادي "جبلة"

اللاعب المتألق مع المنتخب الوطني لم يكن أقل نجومية مع ناديه "الجيش"، حيث نال معه محلياً بطولة الدوري السوري ست مرات، إضافة لنيله شرف حمل كأس الجمهورية كقائد لفريق الجيش "خمس" مرات وهو رقم قياسي محلياً، أما عربياً فقد حقق معه مركز وصيف الأندية العربية لخمس مرات، وكأس الاتحاد الآسيوي عام 2004 بأول نسخة للبطولة، وهو حسب قوله اللاعب السوري الوحيد الذي بجعبته لقبان قاريان على مستوى المنتخبات والأندية؛ هما بطولة كأس آسيا مع منتخب الشباب، وكأس الاتحاد الآسيوي مع نادي "الجيش" الذي يعتبره من أهم الألقاب، ويقول: «كان سبباً في جعل ترتيب النادي عالمياً يضاهي أعرق الفرق العربية والآسيوية، كما أنه فتح باب الاحتراف الخارجي لأغلب عناصر نادي "الجيش" من خلال السمعة والمشاركة والمستوى المقدم من لاعبيه».

نجاحاته مع نادي "الجيش" لم تأت من فراغ؛ فالعصر الذهبي له امتد من العام 1990 وحتى 2004، حيث كان حسب قول "الجبان" حصيلة عمل إداري وفني واستراتيجي كبير، مع توافر عوامل النجاح على جميع الصعد، ويضيف "الجبان": «لقد ساهمت وبشكل فعال خلال مشاركاتي في قيادة الفريق نحو المنافسة القوية وتحفيز اللاعبين داخل وخارج الملعب وتوجيههم بما يخدم مصلحة الفريق معتمداً على خبرتي الطويلة التي ساعدتني على قيادة الفريق نحو أفضل النتائج».

الكابتن "طارق جبان"

المدافع المتألق الذي لعب 106 مباريات دولية كان يخشى المهاجمين الأذكياء، ويقول: «كنت أحترم جميع الخصوم، لكن بشكل خاص أخشى المهاجم الذكي والمحنك الذي يتحرك دوماً ولا يستسلم للرقابة المفروضة عليه، وغالباً كمدافعين نعترف بأن المهاجم القوي أو رأس الحربة المثالي كهداف ومشاكس سريع هو الأكثر تسبباً للمشكلات لنا، هناك مهاجم هداف ومهاجم هداف وذكي بآن واحد، لذلك يتم تقييمك كمدافع نجم من خلال قدرتك على التعامل مع أي مهاجم منافس بشكل يحد من خطورته، ومنعه من التسجيل طوال المباراة».

خاض اللاعب السوري الشهير أكثر من تجربة احترافية، منها في "الكويت" ويعتبرها غير ناجحة، وفي "رومانيا" لم تكتمل على خير ما يرام رغم تدربه مع نجوم الكرة الرومانية آنذاك، إضافة لتجربته الأمثل في "إيران"، وقد حدثنا عنها قائلاً: «هناك خضت أفضل تجاربي وأكثرها فائدة فنية ومادية ومعنوية بسبب الإمكانات الضخمة المتوافرة لكل الأندية الإيرانية واستقطابها لأشهر المدربين الأجانب والمحليين، وقد وفقت كثيراً باللعب مع نادي "بيروزي" أكبر الأندية جماهيرياً مع جاره "الاستقلال" وقدمت مستوى ممتازاً، وتمنيت البقاء لفترة أطول مع هذا النادي لكن بعض المعوقات حالت دون ذلك».

سجل اللاعب المدافع 20 هدفاً في مسيرته، وهو رقم جيد يشير إلى نزعة هجومية، فهو من المدافعين الذين يعشقون التسجيل في مرمى المنافسين حسب قوله، ويضيف: «أتمتع بإمكانيات بدنية ومهارية للتعامل مع الكرات الثابتة التي تنفذ بالمباريات بعد تلقي التعليمات التكتيكية من المدربين لتنفيذ الحالة التي تستوجب تطبيقها، وكثيراً ما وفقت بتسجيل الأهداف بالرأس أو الأقدام، وساعدت المنتخب الوطني بهذه الميزة، وقد سجلت 20 هدفاً دولياً منها الودي ومنها الرسمي، وهذا يعد رقماً ممتازاً كلاعب مدافع».

بعد اعتزاله انتقل "الجبان" للتدريب وخضع للدورتين الآسيويتين (C&B) وهو في طريقه لاتباع دورة (A) وهي الأعلى في آسيا، وقد عمل كمساعد مدرب للعراقي "ثائر جسام" ومن بعده الراحل "كوستيكا"، وتولى الإشراف على تدريب نادي "الجيش" لمدة قصيرة وتمت إقالته بطريقة ظالمة حسب وصفه، قبل أن ينتقل للعمل كمساعد لمدرب المنتخب الأولمبي، الذي شارك في بطولة آسيا تحت 22 سنة وتأهل لربع النهائي، و"الجبان" حسب قوله مازال يعمل على زيادة خبرته التدريبية وليس مستعجلاً على الصعود نحو القمة تدريبياً لأن السقوط أسرع، فهناك أمور يجب توافرها لاكتمال مواصفاته كمدرب رئيسي.

أهم ما حمله في ذاكرته من مباريات كان لقاء منتخبنا مع البرازيل في مونديال الشباب 1995، وفوزنا على منتخب قطر بالعباسيين خلال تصفيات آسيا، الذي أهل "سورية" لنهائي 1996، والتعادل مع منتخب كوريا الجنوبية عام 2006 في سيئول ضمن تصفيات أمم آسيا.

يقول الكابتن "طلال شومان" وهو زميل سابق له في نادي "الجيش": «مدافع صلب وقوي بدنياً، امتاز بالتسديدات الثابتة وضربات الرأس، ومنذ بداياته عرف بنزعته القيادية ونجح بمهامه القيادية».

أما الكابتن "جومرد موسى" فيقول: «من أفضل المدافعين الذين لعبت معهم، يمتلك صفات القائد ويعرف كيف يحمس اللاعبين، ملتزم بالتمرين حتى عندما كان متقدماً بالعمر، وهذا ما ساعده على إمضاء فترة أطول في الملاعب، عرف بمستواه الثابت ما وضعه في مقدمة المدافعين السوريين، في الملعب والتمرين معروف بأنه جدي جداً لكن ما لا يعرفه إلا قلة من زملائه أنه مرح وصاحب دعابة».

فيما يقول مدرب منتخب شباب سورية سابقاً "عمار الشمالي": «لاعب مهم من حيث التجربة والدور والمهارة، ما ساهم في دفعه تدريبياً نحو الأمام، وإذا ما سخر خبراته كلاعب في مجال التدريب فسيكون من المدربين المتألقين، شخصياً أنا معجب بمثابرته وإصراره على التميز وترك بصمة خاصة به».