"أوغاريت" هي مدينة- مملكة قديمة تقع أطلالها في موقع "رأس شمرا" تتبع محافظة "اللاذقية" في سورية على مسافة 12كم إلى الشمال من مدينة "اللاذقية" على ساحل البحر المتوسط.

"أوغاريت" مدينة أثرية قديمة وقد بينت الحفريات والأسبار الأثرية أن موقع رأس شمرا يشمل على حوالي 20 سوية أثرية (استيطان) تعود حتى العام 7500 ق.م. إلا أنه مع حلول الألف الثاني قبل الميلاد تضخم الإستيطان في الموقع لتتشكل ما عرف باسم "أوغاريت" هذا الأسم الذي كان معروفاً قبل اكتشافها- صدفة في العام 1928م- من خلال ذكرها في نصوص مملكة ماري، حيث تذكر النصوص زيارة الملك "زميري ليم" في العام 1765ق.م "لأوغاريت"، ومن رقيم آخر عثر عليه أيضاً في وثائق "ماري"، وهو عبارة عن رسالة من ملك "أوغاريت" إلى ملك "يمحاض" بعاصمتها حلب، يرجوه فيها أن يطلب من ملك "ماري" أن يسمح له بزيارة قصر "ماري" الذي كان ذائع الصيت في ذلك الوقت، وإن دل هذا على حرص أوغاريت على إقامة علاقات طيبة مع ملك "ماري" فإنه يدل في نفس الوقت بأنه يحرص أن تكون هذه العلاقة عن طريق وبمعرفة ملك "يمحاض" القوي.

وكذلك ورد ذكر أوغاريت في النصوص "الحثية" المكتشفة في "الأناضول" و سورية ورسائل "تل العمارنة" المكتشفة في مصر. وتبين من الحفريات أن "أوغاريت" كانت عاصمة لمملكة بلغت مساحتها 5425 كم مربع تقريباً في القرنين الخامس عشر والثاني عشر قبل الميلاد وهي فترة إزدهار المملكة.

وأما المعبدان الرئيسيان فيها فيرقى تاريخهما إلى الألف الثاني ق.م، وخصص أحدهما للرب "دجن" الذي نرى اسمه منقوشاً على نصب صغير من الحجر، والثاني للرب "بعل" الذي نقش رسمه على نصب من حجارة مجزأة وجدت بالقرب من بعضها.

وقام بين المعبدين سكن كبير الكهنة ضم مكتبة دينية عثر فيها على أول النصوص الخاصة "برأس الشمرة"، وعلى مستودع حوى 74 قطعة من السلاح، والأدوات البرونزية التي تمثل قرباناً قدمه الحرفيون العاملون في صناعة البرونز فيها إلى كبير الكهنة، وأما في جنوب التل فهناك منزل كاهن آخر ضم نصوصاً دينية، وتم الكشف عنه في عام 1961.

مدخل من السور لحماية القصر في مدينة أوغاريت الأثرية

الأبجدية الأوغارتية هي أكمل الأبجديات العالم القديم واغناها وأكثرها شمولاً فهي تحتوي على 30 حرفاً، وبسبب التقدم والازدهار التي عاشته "أوغاريت" فكانت لغتهم من أهم اللغات وتعد اليوم اكمل، وبجانب لغتهم الاساسية استخدم سكان "أوگاريت" لغات عديدة ووضعوا لذلك قواميس متعددة اللغات، ولكن اللغة الرئيسية التي اكتـُشفت في رسائلهم هي لغة سامية خاصة بهم تسمى بـ"أوغاريتية".

وقد عثر في "أوغاريت" حتى الآن على حوالي 3000 من الرقم أي اللوحات الفخارية تعود للقرنين 14 و13ق.م، مكتوبة باللغة "الكنعانية" وباللغة "الأكادية- البابلية"، وكذلك على نصوص باللغة "الحورية والمصرية والقبرصية والحثية". ولم تكن الأبجدية الأوغاريتية معروفة قبل اكتشاف موقع رأس الشمرة.

رأس تمثال أميرة أوغاريتية

واسم "أوغاريت" مأخوذ من نبات الشمرة الذي يغطي التل، ويبعد 1كم عن "مينة البيضاء" شرقاً و 9كم عن شمال "اللاذقية"، ويرتفع عن سطح البحر 19م.

العالم "كلود شيفر" باشر التنقيب في الموقع عام 1929، فاكتشف حاضرة "كنعانية" هامة، وكان الاعتقاد أن الساحل السوري لا يحوي إلا آثاراً إغريقية ورومانية ولكن "رأس الشمرة أبان أن هذا الموقع غني بآثاره التي تعود إلى "العصور الحجرية"، وأن المدينة الكنعانية الكاملة وأن مجموعة من التلال المحيطة بها والتي تتجاوز الثلاثين تلاً كانت دليلاُ أن هذه المدينة كانت مركزاً لمواقع أخرى شكلت معها موطناً لمملكة هامة على الساحل السوري.

تبين من اللقى الأثرية ومن المنشآت أن الإنسان عاش فيها منذ آلاف السنين خلال جميع مراحل العصر الحجري الحديث، وان هؤلاء السكان الأصليين هم جذور الشعب الذي نما وتقدم وشكل حضارة أوغاريت.

14/8/2008