رصدت مديرية آثار "اللاذقية" مدفناً رومانياً أثناء عمل المؤسسة العامة للصرف الصحي في منطقة شارع الجمهورية، تفرع حارة "علي جمّال"، وعقب الكشف عن مدرج المدفن أوقف العمل في المنطقة ريثما يتم التنقيب في المكان ومعرفة حيثيات المدفن وتفاصيله.

موقع eLatakia كان أول وسيلة إعلامية ترصد موقع المدفن، حيث التقى مع مراقب المشروع الأستاذ "فضل خنسا" والذي صرح قائلاً: «عندما وصل (باكر) المؤسسة بالحفر إلى منتصف الطريق المراد تمديد شبكة الصرف الصحي خلاله، ظهر لنا وبشكل واضح فوهة حجرية تدل على أنها مدفن قديم مكون من سبع معازب تقريباً، مباشرة تم الاتصال بدائرة آثار اللاذقية، التي تابع مديرها "م. جمال حيدر" بشكل شخصي الموقع، ليتم التنقيب في المكان والأمر بإيقاف عملنا لمدة ثلاثة أيام ريثما أنهت الدائرة عملها».

المنطقة ومنذ زمن يروى أنها منطقة مدافن قديمة لحضارات فائتة، سمعنا بالخبر وشاهدنا المدفن ونعتقد بوجود مدافن أخرى بجوار المدفن المكشوف

"محمد شوبان" من سكان المنطقة قال لموقعنا: «المنطقة ومنذ زمن يروى أنها منطقة مدافن قديمة لحضارات فائتة، سمعنا بالخبر وشاهدنا المدفن ونعتقد بوجود مدافن أخرى بجوار المدفن المكشوف».

الأستاذ "فضل خنسا" مراقب المشروع

أما "أحمد خوشكار" فقال لموقعنا: «رأينا حفرة واسعة، تدلل على وجود مدفن بالقرب من منزلي، عمل الآثاريون المتواجدون على انتشال بعض اللقى الصغيرة بكيس أبيض صغير، وانتشال حجرين قديمين كل حجر بطول متر واحد تقريباً، ولكن ما نتمناه حقيقة هو الإسراع بأعمال الحفر والتنقيب بأسرع وقت ممكن لكي تعود الحياة لشارعنا ولمنازلنا».

أما المهندس "جمال حيدر" فصرح لموقعنا عما قامت به دائرة آثار "اللاذقية" حيال هذا المكتشف الجديد: «درجت العادة في محافظة "اللاذقية" أن تترافق عمليات الحفر والبناء من قبل القطاعين العام والخاص، أن تظهر مدافن حجرية لحضارات متعددة مرت على هذه الأرض، وعندما يحدث ويظهر أي أثر مهما كان حجمه في إحدى أعمال البنى التحتية في "اللاذقية"، تقوم دائرة الآثار بإيقاف العمل عن طريق مجلس المدينة أو المحافظة، ليتم بعدها بالتنقيب والبحث في مصدر وتاريخ هذا المكتشف كما حصل هنا في موقع شارع الجمهورية تفرع حارة "علي جمال"، وصلنا وجود حفرة كانت قد ظهرت خلال عمليات حفر المؤسسة العامة للصرف الصحي، تم إيقاف العمل وأرسلت دائرة الآثار من ينقب ويبحث في هذا المكتشف فتبين أنه مدفن يعود لحوالي 2000 سنة، وجد على عمق حوالي 4 م من سطح الأرض، هذا المدفن خالٍ من اللقى الأثرية، بل لوحظ أنه كان مألوفاً للناس المجاورين، حيث إنه كان يُستخدم لأعمال التخزين أو لتربية الدواجن أو استخدم كملجأ في يوم ما، قدمت التقارير اللازمة عن المدفن الروماني، وتم أخذ الإذن بمتابعة العمل مع وضع المكان تحت المراقبة، لأنه يعتقد أن هناك مدافن أخرى مجاورة وملاصقة للمدفن المكتشف لأننا اعتدنا أن تكون المدافن الرومانية موجودة ضمن حقول دفن، كما وجدنا في السابق في مناطق "مارتقلا والشيخ ضاهر"، وتتسع هذه المدافن وتضيق حسب حجم العائلات المدفونة فيها».

مكان المدفن بعد ردمه

وعن مضمون هذا المدفن وتصميمه الهندسي تحدث "حيدر": «المدفن الروماني هو عبارة عن غرفة تحت سطح الأرض بحوالي 6م وقد تصل لثمانية أمتار أحياناً، يتم الدخول إليها عبر درج حجري نازل يصل إلى عشرين درجة في بعض المدافن حتى نصل إلى بهو المدفن، وعلى باب المدفن هناك بوابة ومن ثم بهو المدفن والذي هو عبارة عن أرض مساحتها تتراوح ما بين 7م و15م، مربعة الشكل أو مستطيلة في بعض الأحيان، في جدران الغرفة هناك ما يسمى (المعازب)، وهي عبارة عن فراغات في جدران الغرفة تتوزع لتحتضن جثامين الموتى الرومان، وعادة ما يوضع الموتى بتوابيت خشبية هي تالفة اليوم، أو من الفخار وهي موجودة هي والتوابيت الحجرية إلى اليوم».

يقول الزميل الجيولوجي "مضر سليمة" عن واقع المدافن الرومانية وتاريخها: «دفن الموتى في غرف مخفية تحت الأرض هي ثقافة سورية قديمة تعود إلى ما قبل الديانات السماوية، ولكنها استمرت لفترة وجيزة بعد انتشار المسيحية في سورية، ومن الأمثلة على هذه المدافن المدافن التدمرية القديمة والرومانية، وكان الهدف من إخفائها هو إبعادها عن أعين اللصوص حيث يدفن الميت أحياناً ومعه بعض من ممتلكاته وخاصة الذهب والفضة، ومن المنتظر وجود الذهب في أي مدفن يكتشف ولكن للأسف كثير من تلك المدافن سرقت في قرون وعهود ماضية».

اعمال الحفر والتنقيب في الشارع