لا يوجد زائر للمدينة إلا ويسأل عن "الشاطئ الأزرق" أو الطريق إليه، فقد تحولت تلك المروج الساحلية المنسية إلى ملتقيات تعج بالناس والسياح والنشاطات، عدا قيمته التاريخية؛ ففيه وجد قالب صب النحاس الوحيد في العالم.

سميت المنطقة على اسم "الشاطئ الأزرق" لأن مياهه تبدو زرقاء على أرضية قاع البحر الصخرية، وفقاً لما قاله بتاريخ 22 آذار 2015، لمدونة وطن "eSyria" الباحث الدكتور "بسام جاموس" مدير "مشروع توثيق تاريخ الساحل السوري"، وهو "يشبه بذلك كثيراً من الأمكنة حول العالم التي تحمل نفس الاسم، مثل الشاطئ الفرنسي".

تغيرت صورة الشاطئ الساكنة والهادئة في فصل الخريف والشتاء، فقد أصبحت المنطقة بعد الأزمة مكتظة بالسكان القادمين من مختلف المحافظات خاصة "حلب"، لدرجة أن بعضهم أطلقوا على المنطقة اسم "حلب الجديدة"، ولم يعد هناك أي مكان فارغ فكل الشقق ممتلئة وهناك من يطلب يومياً سكناً أو عملاً

اشتهرت المنطقة أكثر فأكثر بعد إقامة منتجع سياحي حمل نفس اسم المنطقة، وبدأت رحلتها التغيير الاقتصادي الفعلي منذ أواخر السبعينيات بعد إقامة المنتجع المذكور، يقول الشاب "عماد حلوم" (طالب جامعي حقوق سنة رابعة) من سكان منطقة طريق الشاطئ: «قبل إنشاء المنتجع كانت المنطقة ممراً إلى رأس "ابن هاني" و"أوغاريت"، والنشاط الأكثر وجوداً كان صيد السمك في المنطقة المحيطة والسباحة، أما رأس "ابن هاني" فمعروف أنه مركز قديم للحياة في المنطقة منذ عشرات السنين، بعد افتتاح المنتجع ومن بعده الميريديان تغيرت الصورة باتجاه استقطاب الحياة والأعمال حول الساحة الرئيسة التي تحولت إلى محور أساسي في المنطقة، ونشأت بفضل ذلك محال وأعمال وتجارة متنوعة أغلبها تولاه أهل المنطقة من "دمسرخو" و"المروج"، وغيرها».

شاطئ الأبحاث قرب الشاطئ الازرق

تنوعت الأعمال التي نشأت هنا، وأغلبها ارتبط بالسياحة المحلية والخارجية، فقد افتتحت محال الطعام الشعبي التراثي من فطائر و"مناقيش" وغيرها، كذلك شاليهات السكن المتنوعة الدرجات، وتوسعت خلال العقد الماضي الاستثمارات السياحية هنا فوصلت إلى الدولية، يقول الشاب "راقي عدرة" أحد العاملين في مكتب تأجير شاليهات: «تغيرت صورة الشاطئ الساكنة والهادئة في فصل الخريف والشتاء، فقد أصبحت المنطقة بعد الأزمة مكتظة بالسكان القادمين من مختلف المحافظات خاصة "حلب"، لدرجة أن بعضهم أطلقوا على المنطقة اسم "حلب الجديدة"، ولم يعد هناك أي مكان فارغ فكل الشقق ممتلئة وهناك من يطلب يومياً سكناً أو عملاً».

المنشآت السياحية في المنطقة متنوعة، ومنها عدا ما ذكرنا، مسبح "جول جمال" ونادي "المعلمين"، وهناك منشآت توقف إكمالها بسبب الأزمة مثل منشأة "الديار"، وهناك أيضاً مركز الأبحاث البحرية القريب من الشاطئ، عدا السياحة فإن المنطقة غنية بالآثار المرتبطة أساساً بتراث "أوغاريت" لكون منطقة رأس "ابن هاني" القريبة كانت ميناء للمدينة الأشهر، وفيها عثر على قالب صب نحاس يعد الوحيد في العالم من تلك المرحلة كما يذكر الباحث "جمال حيدر" مدير آثار "اللاذقية" السابق في كتابه "آثار من اللاذقية"، علماً أن الموقع الأثري للقصر الصيفي لملك "أوغاريت" يبعد عشرات الأمتار فقط عن دوار الشاطئ.

د.بسام جاموس

وفيما توسعت المنطقة ما زالت بقية باقية من الزراعات منتشرة في المنطقة، أهمها بساتين الحمضيات التي تختفي تدريجياً تحت أكوام البنايات والشقق السكنية، وتعد أول منطقة عرفت زراعة أشجار الحمضيات في الساحل السوري مطلع القرن العشرين؛ فقد استقدمتها سيدة فرنسية قدمت مع القوات الفرنسية إلى المنطقة، وليس لهذا الحديث توثيق دقيق.

يعد شاطئ المنطقة متنوعاً ما بين رملي وصخري، والرملي هو المنتشر في محيط الجنوب، أما منطقة الأبحاث القريبة فهي صخرية تعيش في بحرها سلاحف بحرية صغيرة، إضافة إلى المرجان البحري الذي يخشى عليه من الانقراض كما يقول المهندس "نوح عباس" الذي سبق له الغوص في قاع الأبحاث وتوثيق الحياة البحرية فيها، يضيف المهندس "نوح": «لكون المنطقة "جوناً" فإن الكثير من الكائنات البحرية تلجأ إليها وبسبب قاعها الكلسي فإن المرجان ينمو فيها، ولكن بسبب الصيد الجائر واستخدام الديناميت في صيد السمك فإن المرجان مهدد بالانقراض من هذه المنطقة، ويجب العمل على وجود تشريعات لحمايتها واعتبارها محمية بحرية خاصة بوجود ينابيع مياه عذبة في القاع أيضاً».

الشاطئ مقابل المنتجع

يمارس بعض الأشخاص في منطقة الشاطئ ومحيطها صيد السمك، ويعد السمك الأكثر صيداً هنا "الغبس" و"الشكارما" وبعض الحبات الكبيرة مثل "القجاج"، والأغلبية يصيدون هنا لغاية التسلية والهواية، ومنهم من يقوم ببيع الصيد فوراً للناس الذين يقصدون المنطقة للسياحة والسباحة.

يمكن ختام الجولة في الشاطئ بقضاء بعض الوقت على الشاطئ المنظم بعناية قرب الشاليهات البحرية الواجهة، كذلك يمكن المشي مساء أو صباحاً على اللسان البحري الذي يمتد عشرات الأمتار في الماء وسط صخب الأمواج الذي لا ينسى.