في كل الدنيا العسل تنتجه خلية النحل، إلا في "بطموش" فلهم عسل مختلف، عسل تنتجه المواشي والأراضي الزراعية ومن ثم اليد العاملة، فهو عسل يدخنُ ولا يؤكل.

عسل "بطموش" يزرع زراعة؛ فهو "التبغ" الذي اشتهر بحلاوة مذاقه لدرجة أن شاربيه يصفونه بالعسل ويميزون طعمه من بين بقية التبوغ، فهو يمتاز بمحافظته على طريقة زراعته الطبيعية الخالصة بعيداً عن أي إضافات، بحسب المختار "محمد يوسف" الذي يوضح قائلاً: «تبغ "بطموش" يتغذى على السماد العضوي الذي تفرزه مواشي القرية وخصوصاً الماعز، وهو ما يساهم في تحسين مذاقه وجعله متميزاً، حيث إن لفافته لا تنطفئ كالدخان الأجنبي تماماً، كما أن أسلوبنا في زراعته وعنايتنا به يجعله متميزاً».

تشرب مع تبغهم نكهة الآباء والأجداد، نكهة هذا الريف الجميل وتراث قرانا، وهذا ما يدفعني لاجتياز المسافات لشرائه

"يوسف" شرح لمدونة وطن "eSyria" في 22 تشرين الثاني 2014، عن زراعة تبغ "بطموش" قائلاً: «تبدأ العملية في شهر كانون، حيث نقوم بتحضير المشاتل، وهي عبارة عن قطعة أرض مستطيلة عرضها بين المتر والمتر ونصف المتر، وطولها بين 5 إلى 10 أمتار، حيث ننثر البذار فيها في العاشر من كانون الثاني بعد أن يتم خلطه بالرماد، ومن ثم يتم كبسه على التربة بواسطة اليد وسقايته على الفور ويومياً، وبعد أسبوع تنمو وتكبر حتى شهر نيسان حيث يتم اقتلاعها وشتلها بالأرض من جديد».

زراعة التبغ

لكي تنتج تبغاً شهياً عليك أن تلتزم قواعد زراعية أساسية يقول "يوسف" وهو ينتج سنوياً مئات الكيلوغرامات من التبغ: «في "بطموش" نحرص على شتل أراضينا بالتبغ في الفترة ما بين كانون الثاني وحتى نيسان وهي الفترة المثالية التي ينتج عنها أفضل أنواع التبغ، ونحرص على سقاية الشتول كل على حدة دائماً لكي تنمو وتكبر، وبعد قرابة 15 يوماً نقوم بحرث الأرض (ركشها) بواسطة "القدوم أو المنكوش"».

موسم التبغ قصير يقول مدير مدرسة القرية "علي صقر": «نبدأ عملية قطاف التبغ في شهر حزيران، وكل منزل في القرية يبدأ شك أوراق التبغ ومن ثم تخزينه في المنزل حتى يصبح لونه أصفر حينها نعرضه لأشعة الشمس حتى يصبح أحمر مثل الورد، ومن ثم يقوم الأهالي بإعادة تفتيح أوراق التبغ ورقة ورقة وهي طريقة خاصة، ومن ثم نبيعه على شكل ورق مع الحفاظ على حاجتنا وحصتنا المحلية منه، حتى إن الدولة حين تشتريه تجري فحصاً عليه للتأكد من أنه تبغ "بطموش"».

بذار التبغ أيضاً تنتج محلياً في القرية ولها طريقتها التي وضحها "صقر" قائلاً: «نترك في الأرض بعض الشتول لمدة شهر بعد القطاف، هذه الشتول ينمو عليها بعض الزهور في أعلاها على شكل (عرنوس)، حيث نقوم بقطفها كل على حدة وتكون الزهرة ملأى بالبذور، ونضعها في مكان جاف بعيداً عن الرطوبة، وعند موسم زراعة المشاتل نخرج البذار وننثرها مع الرماد في المشتل».

يعد التبغ من أهم منتجات القرية وهي تشتهر به كثيراً لدرجة أن مختار القرية يحمل كيس التبغ في جعبته على الرغم من أنه لا يدخن، ويقول: «أينما قابلت الناس وعلموا أنني من "بطموش" يقولون لي أين "دخانكم"؟ فأعطيهم كيس التبغ يلفون السجائر ويمتدحون تبغ قريتنا التي نحب».

مدير مدرسة "بطموش"

"علي عباس" من قرية "المكسحة" كنا قد صادفناه في القرية وهو يشتري التبغ، وقد قال: «تشرب مع تبغهم نكهة الآباء والأجداد، نكهة هذا الريف الجميل وتراث قرانا، وهذا ما يدفعني لاجتياز المسافات لشرائه».

يعد التبغ من مصادر الدخل للقرية الريفية البعيدة التابعة لمنطقة "جبلة"، حيث يصل سعر الكيلو غرام منه إلى 1800 ليرة سورية في هذه الفترة، وهو من نوع "البلدي القديم".