حمل هذا الدوار أسماء عديدة، أولها هذا الاسم، ويبدو أنه تحول إلى "متنفس" وحيد لأهالي المنطقة المحيطة التي يقدر عدد سكانها بمئات الآلاف في ظل غياب الحدائق العامة والمتنزهات هنا.

يقع هذا الدوار عند الانعطافة القاسية لأوتوستراد "الثورة" من جهة "بسنادا"، بعد نفق "الجامعة" بحوالي 1كم، تقريباً في منتصف المسافة بين بداية الأوتوستراد ونهايته، ويتوضع على قمة ينحدر بعدها الطريق باتجاه دواري "الأزهري" و"الشاطئ"، ومنه إلى شمالي "اللاذقية" وجنوبها، وتبلغ مساحة المكان قرابة الدونم، يتوزع على أربعة مفارق رئيسية، ويمكن الوصول إليه من مختلف الجهات لكونه يمثل عقدة طرقية مهمة.

نبيع هنا ما ننتجه من الأنواع البلدية المرغوب فيها من الناس، وهذا ما يجعل الناس يقومون بالتوصية على خضراواتهم يومياً هنا، إضافة إلى كون الأسعار معتدلة جداً وسط الغلاء الكبير

قامت بلدية "اللاذقية" قبل عامين تقريباً بتوسيع الدوار ليشمل مساحات إضافية من جهتي الشمال والغرب، يتحدث لمدونة وطن “eSyria” بتاريخ 16 آب 2014، السيد "إبراهيم غانم" أحد مالكي الاستراحات بجوار الدوار، فيقول: «هذا الطريق تم شقه بشكل رئيسي وتوسيعه إبان دورة المتوسط عام 1987، وهو بمرتبة أوتوستراد دولي، كان مزمعاً ربطه بالأوتوستراد العربي الواصل إلى "تركيا" ولكن المشروع توقف، ولكن البلدية والمحافظة لاحقاً قامت بتوسيع الدوار وتعبيده وزرع حدائقه بشكل جيد في العامين الماضيين، وهو اليوم كما نرى متنفس أهالي الأحياء المحيطة في الترويح عن أنفسهم صيفاً وشتاءً، كما تم شق طريق منه إلى ساحة "الحمام" لتختصر المسافة بذلك نحو 3كم للسيارات التي تعبر المنطقة بكثافة، خاصة مع تحول الأوتوستراد إلى مخرج وحيد لأهالي القرى الشمالية والشرقية للمدينة».

زحام الدوار وحركة بيع مساء

ما أن يحل المساء حتى تبدأ العائلات "بحجز" مساحة لها على المسطحات الخضراء في الدوار، وقد تم تصميمها حيث تستوعب العدد الأكبر منها، من الناس من يحضر معه كراسي، والأغلبية يفترشون الأرض على بسط خفيفة، يقول السيد "فراس سلغنو" وهو من سكان حي "النزهة": «يومياً نلجأ إلى هذا المكان، فالارتفاع الكبير له (حوالي مئة متر) عن سطح البحر، ولكونه مكشوفاً من جهة البحر، يوفر هواءً عليلاً وإطلالة جميلة للجميع، ومع عدم قدرة الكثيرين على التوجه إلى شاطئ البحر، خاصة بعد استملاك أغلب الواجهة البحرية للمدينة، يعد هذا المكان من الأمكنة المفضلة للسكان».

تتوافر مختلف الخدمات الشعبية حول الدوار، من "المشروبات الساخنة" إلى "المشاوي" إلى تعبئة "الوحدات"، كما تتواجد عربات الفول والذرة المشوية والميلانة في مواسمها، ويقوم بعض أهالي الريف ممن تتوافر لديهم الخضراوات ببيعها أحياناً هنا، يقول السيد "نمار الحامض" من أهالي قرية "المشيرفة" أنه يحضر يومياً إلى هنا ليبيع ما تنتجه أرضه من خضراوات مثل البامياء والفاصولياء والبندورة والفواكه المختلفة حسب الموسم، ويضيف: «نبيع هنا ما ننتجه من الأنواع البلدية المرغوب فيها من الناس، وهذا ما يجعل الناس يقومون بالتوصية على خضراواتهم يومياً هنا، إضافة إلى كون الأسعار معتدلة جداً وسط الغلاء الكبير».

باتجاه جامعة تشرين

وللرياضة نصيبها في جولتنا هذه، فالكثيرون من هواتها يختارون الطريق المؤدي من وإلى الدوار، حيث تشكل الأشجار المزروعة على جانبي الطريق وبقية حقول الزيتون محفزاً إضافياً لهم، تقول الآنسة "رغدة علي" (26 عاماً، خريجة أدب عربي): «أمشي مساءً يومياً من دوار "الشاطئ" إلى مدخل نفق "الثورة" مسافة تبلغ نحو 5كم، وألاحظ كثافة الناس الذين يقصدون هذه المنطقة ككل و"دوار بسنادا" بشكل خاص، فهي تجذبهم لممارسة نشاطاتهم الرياضية والترفيهية لكونها مرتفعة عن المدينة التي يكون فيها الجو خانقاً، إضافة إلى كونها منطقة واسعة لا يشكل العدد الكبير فيها ازدحاماً ملحوظاً».

ويبقى الهدف الأكبر من زيارة منطقة الدوار هو تذوق الفطائر على التنانير المنتشرة بكثافة هنا، مستعيدة التقليد الريفي في قلب المدينة، وتنتشر "كولباته" وتنانيره على امتداد الدوار والطريق الذي يحف به، وبعضها تحتاج إلى التوصية قبل ساعات لتنال مرادك، وتباع بأسعار معقولة تتراوح حسب النوع بين (20ل.س) للفليفلة و(50) للجبنة"، تقول السيدة "أم علاء" إحدى أقدم السيدات اللواتي يعلمن بهذه المهنة هنا، وتضيف: «الأسعار كانت أرخص إلى النصف، ولكن ارتفاع أسعار الفليفلة المطحونة والجبنة والمواد الأخرى ومنها الطحين، دفعنا إلى رفع الأسعار أيضاً، رغم ذلك ما يزال الإقبال كبيراً، ويومياً أعمل حوالي عشر ساعات تمتد حتى منتصف الليل، ويأتي الأهالي للجلوس والعشاء على الطريق بعيداً عن خنقة البيت و"الشوب" مع انقطاع الكهرباء الطويل».

الازدحام مساء

وتبدو "الأراكيل" مشهداً مألوفاً بكثافة في مساحة الدوار بين مختلف الشرائح العمرية، وينتشر كذلك شرب القهوة العربية في كل الأوقات، وتقدمها سيارات متنقلة أو عربات، وتزيد حركة البيع بكثافة في أوقات الصباح والمساء، وأخيراً، يجب توفير العديد من حاويات النفايات في المنطقة بسبب الحاجة الماسة لها وعدم قدرة الموجود على استيعاب النفايات المنتجة كل يوم.