بعكس من يسارعون لسلب خيرات الوطن واستنزافها، هناك أشخاص يضحّون بأغلى ما لديهم للحفاظ عليها، وهذا ما تقوم به فعلاً "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق"، من خلال مشروع تحويل جزيرة "الغزلان" إلى محميّة طبيعيّة، لتحافظ على الحيوانات المهدّدة بالانقراض وعلى رأسها الغزال البرّي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "فيصل يعسوب" المسؤول الإعلامي في "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق" بتاريخ 5 آب 2020، ليحدّثنا عن جزيرة "الغزلان" والمشروع المتعلّق بها، فقال: «في البداية جزيرة "الغزلان" تقع في محافظة "اللاذقيّة" بمنطقة "مشقيتا" وبين البحيرات السبع تحديداً، والتي تمّ طمر أجزاء منها بسد اصطناعي، فبقيت هذه الغابة على شكل هضبة بوسط إحدى البحيرات وتحوّلت إلى جزيرة، وتعدُّ من أكبر الجزر في "سورية"، تكسوها أشجار صنوبريّة عالية وكثيفة، وفيها تلال وقمم تطلّ على منظر البحيرات الساحر، وأكثر ما يميّزها هو وجود حيوانات بريّة مهدّدة بالانقراض في "سورية"، وأذكر منها الغزال البرّي والخنزير والنسر السوري، ومع كل هذه المقوّمات الطبيعيّة كان لا بدّ أن تهتم جمعيّة "أنا السوري" بالجزيرة، وهذا الاهتمام ليس وليد اليوم، بل هو مرافق للجمعيّة منذ تأسيسها، وبشكل مستمر كنّا نذهب للجزيرة ونلتقي مع أهالي الجوار لنعرف المشكلات البيئيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تعاني منها المنطقة، فعلى المستوى السكّاني كانت تعاني المنطقة سابقاً من عدم وجود مواصلات خاصّة بها ومشكلات بشبكة الصرف الصحّي ومياه الشرب والكهرباء، لذا تواصلنا مع الجهات المعنيّة مرّات عدّة ونقلنا صورة الحياة فيها، فتمّ تجاوز كل ما يتعلّق بالسكّان».

ضمّ النشاط 255 مشاركاً وذهلنا بجمال وسحر الجزيرة، فالمتطوّعون قاموا بإجراء رصد للجزيرة وتجميع للمعلومات لبناء تقرير بشأن مشروع المحميّة، أمّا نحن كمشاركين فمارسنا رياضات فريدة مثل الإنزال الجبلي بإشراف مختصّين من الجمعيّة

وبالنسبة لمشروع المحميّة أضاف قائلاً: «الجزيرة تعاني من تهديد كبير وخطير لحياة حيواناتها، فبسبب تداخل النطاق البشري بطبيعة الجزيرة، يوجد صيّادون يطمعون بحيوانات الجزيرة، فتبعاً لندرتها يكون سعرها ثمين، بالإضافة لتخريب البيئة التي تحتاجها هذه الحيوانات، كقطع الأشجار التي تظلّهم وتأويهم، وهنا يكمن مشروع الجمعيّة وهو تحويل البحيرة ومحيطها البرّي إلى محميّة بيئيّة، ونسعى لإعادة الاهتمام بالبنية التحتيّة للمنطقة ودعم نشاط الاقتصاد فيها، بمساعدة القاطنين بها، فوجودهم يلعب دوراً كبيراً ومكمّلاً للعناية ببيئتها، وما يميّز عمل الجمعيّة هو تجميعها لشبكة متكاملة من البيانات والمعلومات ابتداءً من الجهات المعنيّة إلى الخبراء والمختصّين، ثم نبحث عن مشاريع مشابهة من حيث النوع ونطّلع على التجارب والنتائج، فالمشروع ليس بالسهل أبداً، على العكس تماماً فهو مليء بالصعاب والعقبات والتضحيات أيضاً من وقت وجهد ومحاولات وغيره، وهو أوّل مشروع لإنجاز محميّة تقوم به جمعيّة باختصاصنا نفسه، لنكون حجر أساس لبقيّة الجمعيّات كي تقوم بمشاريع بيئيّة مشابهة، وبالنسبة لآليّة العمل ستقوم الجمعيّة بعدّة نشاطات للمنطقة بهدف تزويدها بطرق سالكة بسهولة وكل مهمّة لا تقلُّ عن مئة متطوّع من الجمعيّة، بالإضافة لجهود الجهات المعنيّة بفرض قيود للدخول إلى الجزيرة».

"فيصل يعسوب" المسؤول الإعلامي في "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق"

وعن مهمّة إنقاذ الغزال التي تندرج ضمن أهداف تأهيل الجزيرة، أردف "محمد خالد تسبحجي" قائد إحدى فرق في الجمعيّة، قائلاً: «لدينا علاقات ودّية مع أشخاص من محيط بحيرة "16 تشرين" في "مشقيتا"، من خلالها نشرنا توعية أثّرت بهم، بشأن عدم الصيد في المنطقة أو الاتجار بالحيوانات، واستبدالها بعمليّات الإنقاذ والحماية، فاتصل مواطن من أهالي الجوار للجزيرة بالجمعيّة بتاريخ 7 تمّوز 2020، ليبلغنا أنّ هناك غزالاً مصاباً ومَرمياً بشباك صيد قريب منه، وفي صباح اليوم التالي كنا في الجزيرة وأجرينا له فحصاً مبدئياً، ثمّ حضّرنا بيئة مناسبة للعناية بصحّته مع تقييم وضعه الصحّي، ولاحظنا أنّه تعرّض لعدّة محاولات إيذاء وآثار جروح كثيرة تكسوه، فتواصلنا مع الجهات المعنيّة مثل دائرة الحراج ومع الطبيب البيطري المعتمد من قبل مديريّة الزراعة، فسارع إلينا وعالج الغزال، وبقي الغزال بمأمن إلى أن تمّ تسليمه لمديريّة الزراعة ريثما يتعافى بشكل تام، ثمّ ستتم إعادته إلى الغابة».

ومن بين المشاركين في النشاط الأوّلي لتنفيذ المشروع الذي أقيم بتاريخ 16 تمّوز 2020، "تالا ببيلي" التي قالت: «ضمّ النشاط 255 مشاركاً وذهلنا بجمال وسحر الجزيرة، فالمتطوّعون قاموا بإجراء رصد للجزيرة وتجميع للمعلومات لبناء تقرير بشأن مشروع المحميّة، أمّا نحن كمشاركين فمارسنا رياضات فريدة مثل الإنزال الجبلي بإشراف مختصّين من الجمعيّة».

"محمد خالد تسبحجي" قائد إحدى فرق الجمعيّة
لقطة عامة لموقع الجزيرة