أفرزت الظروف الراهنة مشكلات جديدة على المغتربين السوريين تحتاج إلى طرائق تعامل جديدة لحلها، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى التواصل مع الداخل لهذا الغرض أو ذاك.

عبر سنوات طويلة كانت علاقة المغتربين السوريين مع الوطن الأم مبنية على مجموعة من القوانين الناظمة والعلاقات التي مثلت للطرفين جسر عبور وتبادلاً للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والأفكار والمصالح في آن واحد، إلا أن التطورات الأخيرة خلقت جملة من المشكلات التي يجب البحث عن حلول ناجعة لها.

كل المغتربين يبحثون عما يربطهم بالوطن دون استثناء، الاغتراب السوري ليس جديداً بل عُرف السوريون عبر التاريخ بحبهم للسفر والاغتراب والبحث عن موارد رزق جديدة، بالنسبة لي وعبر سنوات طويلة ما زلت أبحث عن طرائق متعددة لكي تبقى العلاقة بيني وبين بلدي قائمة بوجه صحيح

فيما مضى وجدت علاقات استثمارية جيدة مع الوطن السوري، حدثنا عنها المغترب ورجل الأعمال السوري "باسل فطراوي" (من مدينة "حماة") المقيم حالياً في مدينة "دبي"، وقد أنشأ شركة طيران خاصة (جولي أيرلانيز) ولكن بسبب الظروف الراهنة توقف العمل في المشروع إضافة إلى وجود عوائق إدارية وتنظيمية، يقول "باسل" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 آذار 2015: «كل المغتربين يبحثون عما يربطهم بالوطن دون استثناء، الاغتراب السوري ليس جديداً بل عُرف السوريون عبر التاريخ بحبهم للسفر والاغتراب والبحث عن موارد رزق جديدة، بالنسبة لي وعبر سنوات طويلة ما زلت أبحث عن طرائق متعددة لكي تبقى العلاقة بيني وبين بلدي قائمة بوجه صحيح».

فادي موسى خاشو

كان الأهم وجود محاولات حثيثة لتذليل العقبات التي تحول دون تحقيق أقصى تواصل ممكن، سواء خدمياً في الأوراق التي يحتاج إليها المغترب أو كالتحويل المالي، أو خدمات أخرى».

يقول "فادي موسى خاشو" وهو مبرمج سوري يعمل في "السعودية": «نضطر حالياً للذهاب إلى دولة "البحرين" لتجديد جوازات السفر خاصتنا بعد إغلاق السفارة السورية في "السعودية"، وتكلفنا هذه العملية الكثير من المال والوقت والتعب، والمشكلة أنه لا يمكن القيام بهذا الأمر إلكترونياً بسبب ضرورة وجود الأختام الرسمية من جهة، ولأن لكل شخص حالته المختلفة عن الآخر، فهناك تجديد وهناك استبدال بسبب انتهاء تاريخ الصلاحية، وهناك المؤجلون من خدمة العلم، وهناك ممن دفعوا أو يريدون دفع البدل، وهكذا».

باسل فطراوي

في حديث "فادي" كثير من الشجون والحلقات المفرغة للمغتربين بحاجة إلى إنصات من الجهات المسؤولة، يقول: «بين السفارة السورية وسياسة دولة "البحرين" تعارضات غريبة، فإذا كان جواز السفر منتهياً منذ أكثر من ثلاثة أشهر أو بقي له ستة أشهر ضمن صلاحيته لا تجدده السفارة، وإذا كان في الجواز مدة أقل من ستة أشهر لا تسمح لنا دولة "البحرين" بالدخول، وللتوضيح أكثر إذا مر على الجواز ستة أشهر وخمسة أيام لا تجدده السفارة، وإذا كان ستة أشهر إلا خمسة أيام لا تسمح لك "البحرين" بالدخول، ونحلها نحن بطريقتنا، ننزل إلى "البحرين" قبل انتهاء الجواز بيومين وننتظر حتى مضي اليومين ثم نجدد الجواز، وبعد تقديم الأوراق للتدقيق يعطونك جوازك ويقولون لك يمكنك العودة إلى "السعودية" وإرسال جوازك مع أي شخص كان، إذا كان هناك مشكلة في الأوراق تعطى لك للتصحيح وعليك انتظار دورك من جديد».

نبقى مع بقية الإشكالات، يضيف "فادي": «الزحمة في السفارة هناك لا تصدق، موظفو السفارة قليلون قياساً بكمية العمل المطلوبة، الدور طويل يأخذ يومين على الأقل، فإذا سجلت دورك يوم الإثنين لن يأتي دورك قبل يوم الأربعاء، وبالنسبة لتجديد الجواز يتطلب ورقة من شعبة التجنيد توضح وضع التجنيد لديك، وهذه الورقة تتطلب سند إقامة لتأجيل الخدمة العسكرية للشباب ضمن سن التجنيد، ولتقديم سند الإقامة تحتاج إلى صلاحية ستة أشهر للجواز ونعود هنا إلى الدوامة السابقة، والحل يكمن في عمل وكالة لشخص ما للقيام بالتجديد أو إرسال الجواز إلى "سورية" لتجديده وفق الطرائق القانونية وهي الطريقة الأفضل لأنهم في "سورية" يمنحون جواز سفر جديداً بدل اللصاقات (Stickers) في السفارة بالبحرين».

من إحدى السفارات السورية

جوازات السفر وقصصها ليست المشكلات الوحيدة وإن كانت الأكثر شيوعاً خاصة مع وجود ما يسمى نظام الكفيل في دول الخليج وحديثاً في "لبنان"، والأخير بحكم الجوار والتاريخ والجغرافية كان الأكثر في قصصه مع السوريين، فقد كان الدخول إليه يتم باستخدام الهوية الشخصية أما اليوم فجواز السفر إضافة إلى وجود الكفيل حيث بات أمراً مطلوباً، يقول "رفعت حسن" وهو سوري مقيم في "لبنان" منذ عقدين تقريباً: «إن "النزلة" إلى "لبنان" التي كانت سهلة عموماً، أصبحت هماً نكاد لا نفعلها إلا مرات قليلة كل عام فنبقى "تحت" ولا نزور البلد إلا للضرورة القصوى بسبب صعوبات الحدود والازدحام الشديد هناك، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل إلى حدود خرافية؛ فقد أصبحت الأجرة للشخص الواحد من "بيروت" إلى "اللاذقية" أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية».

إذاً، هناك صعوبات تتزايد يوماً بعد آخر، ولكن رغم ذلك هناك إصرار سوري من المغتربين على تجاوز هذه الأزمات المؤقتة والبحث عن حلول لها، وقد ساعدت الجهات الرسمية على التخفيف من هذه الأعباء عبر تقليل كمية الأوراق الرسمية المطلوبة لأي أمر، إضافة إلى قبول وكالات للأشخاص المغتربين من قبل أصدقائهم أو أهلهم في الداخل، هذه الوكالات تتيح كما يقول "أسامة يوسف" (من العاملين في قضايا التعقيب الإداري والقانوني) للشخص القيام بجميع ما يطلبه المغترب من البلد، مثل تصديق الوثائق الإدارية والعلمية والتأجيل من خدمة العلم لأسباب دراسية أو تعلمية أو غير ذلك، ويضيف قائلاً: «كذلك تم افتتاح عدة مراكز لتصديق الوثائق التي يحتاج إليها المغتربون منها مركز في مدينة "طرطوس"؛ التي ساعد قربها في التخفيف من أعباء السفر إلى "دمشق" لتصديق الوثائق، ويفضل لو يتم افتتاح مركز مماثل في مدينة "اللاذقية" التي تضم في جنباتها الكثيرين من أبناء "سورية" حالياً».

يبقى أن نشير إلى ضرورة ملحة لتوفير الوثائق الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت؛ عبر فتح منافذ للحكومة السورية إلكترونياً تختص بمتابعة هذه القضايا الملحة.